الإستغلال الجنسي يضاعف معاناة لاجئات سوريات في المغرب
عبدالحليم لعريبي- الرباط٩ فبراير ٢٠١٦
تشتكي لاجئات سوريات في المغرب من تعرضهن للتحرش وحوادث الاعتداء الجنسي، حيث باتت المحاكم المغربية تستقبل مزيدا من القضايا التي لها علاقة بهذه الفئة في الآونة الأخيرة، حسبما أوضح بعض الخبراء القانونيين المغاربة لـDWعربية.
إعلان
لينا، مراهقة سورية (15 سنة)، دخلت رفقة عائلتها اللاجئة في أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي إلى المغرب. كانت لينا تحلم في العيش بأمان بعيدة عن الحرب الدائرة ببلدها، لكن حلمها تبخر، وتحولت حياتها إلى جحيم. فبعد ثلاثة أيام من وصولها إلى المغرب، تعرضت هذه الفتاة القاصر للاختطاف في مدينة وجدة شرق البلاد.
ظلت لينا مختفية طيلة ثلاثة أسابيع، حيث سارعت عائلتها إلى تقديم شكاية إلى النيابة العامة بالمحكمة الجنائية بالرباط. وبعد مرور أسبوعين على ذلك، استطاع جهاز الشرطة القضائية بالرباط، تحديد مكان احتجاز لينا بمدينة طنجة شمال المغرب.
وبعد مداهمة الشرطة للغرفة التي كانت محتجزة فيها لينا، دلت الفتاة السورية محققي الشرطة على أوصاف مختطفها، حيث أكدت أيضاً أنه قام باغتصابها. وبعد أربع ساعات من التحريات، أوقف المحققون المتهم الذي تم الاستماع إليه بعدما تمت مواجهته بتهم الاختطاف والاحتجاز واغتصاب قاصر يقل عمرها عن 18 سنة.
المتهم يعترف بالتهم المنسوبة إليه
وصلت لينا على متن سيارة للشرطة إلى مكتب رئيس النيابة العامة بالمحكمة الجنائية بالرباط، حيث أعادت سرد تفاصيل حادث اختطافها. قالت، وهي متأثرة، إنها دخلت إلى المغرب عبر الحدود الجزائرية المغربية. و بألم شديد، حكت الفتاة أن شابا في مدينة وجدة قد غرر بها، وأوهمها أن سيتكفل بنقلها إلى منزل أحد أفراد عائلتها المقيمين بمدينة الدار البيضاء، بعدما تأخرت عائلتها بالجزائر. وذكرت لينا أن المختطف طلب منها مرافقته إلى مدينة طنجة، فاستجابت لطلبه، وهناك أجبرها على ممارسة الجنس معه بالعنف، بعد احتجازها داخل غرفة بأحد أحياء المدينة.
اعترف المتهم، الذي أُودع في السجن، بالتهم المنسوبة إليه، ولا تزال القضية معروضة على أنظار محكمة الجنايات، فيما نُقلت المراهقة السورية للعيش في أحد مراكز إيواء الأطفال في العاصمة المغربية الرباط. وقد اضطلع بوشعيب الصوفي محامي جمعية "ما تقيش أولادي"، وهي جمعية أهلية تدافع عن الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية بالمغرب، على المحاضر التي أنجزها جهاز الشرطة القضائية المكلف بالتحقيق في قضية لينا، وقال إنه ُصدم لهول ما تعرضت له الفتاة القاصر.
لاجئات تحت رحمة شبكات التهجير
ومن خلال تجربته، يقول الصوفي أن "المحاكم المغربية، خاصة في مدن شمال البلاد، باتت تنظر في قضايا مشابهة لضحايا سوريات". ولم يذكر الصوفي أي أرقام بخصوص هذه القضايا. وذكر المحامي المغربي أن أعضاء "شبكات التهجير تستغل اللاجئات جنسيا، عن طريق إيهامهن بتهجيرهن إلى مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للنفوذ الإسباني. وأضاف الصوفي أن "ما يزيد عن 20 لاجئة سورية اتصلن به العام الماضي 2015 لتمثيلهن أمام القضاء".
أسماء بدورها لاجئة سورية، تقيم في الرباط منذ عام 2014. امتهنت هذه الشابة التسول في شوارع العاصمة المغربية، وتحكي بألم شديد تعرضها للتحرش مرات عديدة. تقول أسماء "أطلب دراهم قليلة، لكن هناك من يعرض علي 400 درهم مقابل ممارسة الجنس". وتتذكر الشابة السورية بألم وحسرة، محاولة شاب إقناعها بمرافقته إلى بيته بمدينة سلا ضواحي الرباط لممارسة الجنس معه، وحينما رفضت أسماء طلبه صفعها بقوة، ولاذ بالفرار على متن دراجة نارية.
اللجوء للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين
ويعتبر المحامي المغربي بوشعيب الصوفي أن "التحرش الجنسي متفش في المجتمع المغربي". ويعزو الصوفي ذلك إلى أسباب كثيرة منها: "إيمان فئة كبيرة من الشباب المغربي بالعقلية الذكورية، وبأن التحرش ومعاكسة النساء من شيم الرجولة". ويشدد المتحدث نفسه أن "المتحرشين يستغلون الأوضاع المأساوية للاجئات قصد التغرير بهن".
وفي الوقت الذي تلجأ فيه لاجئات إلى منظمات مغربية مدافعة عن حقوق المرأة والأطفال، تلجأ أخريات إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ويرى الأستاذ محمد المسكم، وهو محامي المفوضية بمقرها بالرباط، أن عدد اللاجئين السوريين في المغرب عرف ارتفعا ملحوظا خلال العامين الأخيرين، مؤكدا أنه يؤازر اللاجئات السوريات ضحايا التحرش. وحول أعداد الضحايا من النساء الذي يدافع عنهن أمام القضاء المغربي، أوضح المتحدث ذاته أن يصعب ضبط الإحصائيات على صعيد محاكم جميع المدن المغربية.
ذكريات ومعاناة.. رحلة إلى ألمانيا يرويها لاجئ بصوره
فرّ الشاب السوري هشام المعضماني، البالغ من العمر 24 عاماً، من بلدته داريا بعد مجزرة نفذها النظام السوري عام 2012. رحلة اللجوء إلى ألمانيا استغرقت إجمالاً ثلاث سنوات، إلا أنه وثق مسار رحلته داخل أوروبا بصور أرسلها إلى DW.
صورة من: Hesham Moadamani
البداية
"رحلتي بدأت بطائرة من الأردن إلى اسطنبول التركية. في الأردن بقيت عامين كاملين أنتظر الفرصة وأوفر المال للسفر. لم أستطع الحصول على جواز سفر إلا بالرشوة. قبلها كنت قد دخلت الأردن، ولكن السلطات أعادتني إلى سوريا رغم الحرب والقتل، والتي بقيت فيها شهراً حتى تمكنت من دخول الأردن مرة أخرى عن طريق أحد المعارف".
صورة من: Hesham Moadamani
المجازفة بالحياة للوصول إلى أوروبا
"الخطة الخطيرة وشبه المستحيلة التي اقترحها صديق عليّ: "توفير ثمن التهريب والسباحة إلى اليونان". أردنا السباحة مسافة كيلومترين إلى جزيرة مهجورة والاستراحة فيها 15 دقيقة، ومنها كيلومتراً واحداً للجزيرة الثانية والاستراحة، وبعدها ثلاثة كيلومترات لجزيرة كيوس".
صورة من: Google/Hesham Moadamani
استعدادات لمواجهة المجهول
"اشتريت سترة نجاة وزعانف وضوء ليزر وبعض الطعام، وعدنا ننتظر حلول الليل للانطلاق. كان الماء بارداً للغاية، وعند وصولنا للجزيرة الأولى، حامت الطيور فوق رؤوسنا ظناً أننا جثث. شعرت بخوف شديد وقررت الانطلاق فوراً للجزيرة الثانية، التي تبين أنها صخرة صعبة التسلق، فأكملت وسط تيارات قوية وأمواج عاتية، إلى أن شعرت بالإرهاق الشديد، فأشرت لإحدى السفن، التي اتصلت بخفر السواحل اليوناني لينقذني".
صورة من: Hesham Moadamani
كنا محظوظين...
"علمت فيما بعد أن شباناً آخرين حاولوا نهج نفس خطتنا والسباحة إلى جزيرة كيوس، ولكنهم ضلوا الطريق في البحر وبقوا عائمين ست ساعات كاملة، قبل أن ينقذهم خفر السواحل التركي ويعيدهم إلى تركيا".
صورة من: Hesham Moadamani
سجلوني في اليونان
"بعد وصولي إلى اليونان، تم اقتيادي إلى مركز للشرطة، ومنه إلى مخيم لاستقبال اللاجئين، حيث مكثت يومين. بعدها تم تصويري وأخذت بصماتي، ومُنحت لي وثيقة (في الصورة) تعطيني الحق في البقاء باليونان لمدة ستة شهور، أطالب بعدها بمغادرة البلاد أو طلب اللجوء فيه. ولكنني – مثل جميع السوريين – حزمت أمتعتي وانطلقت إلى الشمال بعد يوم واحد من حصولي على الوثيقة".
صورة من: Hesham Moadamani
موسم الهجرة إلى الشمال
"على متن عبّارة متجهة إلى العاصمة اليونانية أثينا من جزيرة كيوس. الرحلة تستغرق عشر ساعات. من أثينا ستبدأ المعاناة الحقيقية، التي ستنتهي في ألمانيا".
صورة من: Hesham Moadamani
يورو واحد!
"عندما وصلنا إلى الحدود بين اليونان ومقدونيا، لم يُسمح لنا بالحجز على قطار أو حافلة، ما اضطرنا للمشي 25 ساعة كاملة بين الغابات وفي ظل خطر قطاع الطرق الذين يسلبون اللاجئين حتى صربيا. بعد الـ25 ساعة صادفنا قطاراً محملاً باللاجئين، وعندما أبدينا دهشتنا، قالوا لنا إنهم دفعوا يورو واحد إضافي لموظف المحطة (رشوة) كي يحجز لهم تذكرة!
صورة من: Hesham Moadamani
جسر الحياة أو الموت
"عبور هذا الجسر في اليونان مسألة حياة أو موت، ذلك أنه ضيق ولا يتسع إلا لقطار واحد دون ممر للمشاة على جانبيه. تعبره القطارات كل 20 دقيقة. لذلك كان من الضروري عبور هذا الجسر (المبني على ارتفاع شاهق فوق نهر) بسرعة فائقة. عبرناه ركضاً".
صورة من: Hesham Moadamani
استراحة لاجئ
"في الطريق من اليونان إلى مقدونيا، أصبحنا ثمانية أشخاص. كنا نمشي أربع ساعات ونرتاح ربع ساعة. في هذه الصورة ترى صديقي (أبو جمال) وهو يرتاح بجانب السكة الحديدية، التي اتخذناها معلماً لتحديد وجهتنا، بجانب جهاز الملاحة (جي بي إس).
صورة من: Hesham Moadamani
طريق طويل وشاق
"مشهد من الطريق بين اليونان ومقدونيا ... رحلة قضينا فيها 25 ساعة سيراً على الأقدام ووسط مخاطر وأهوال".
صورة من: Hesham Moadamani
في مواجهة الجيش
"بعد مسيرة طويلة على خط للسكة الحديدية، وصلنا قرب الحدود المقدونية الصربية، وهناك ركبنا سيارة أجرة نقلتنا إلى المعبر الحدودي. لم يُسمح لنا باجتياز المعبر إلى صربيا، فقررنا الانتظار حتى أرخى الليل سدوله، وقمنا باجتياز الحدود سراً. فوجئنا بتواجد الجيش الصربي في المنطقة، فاختبأنا وتسللنا على مدى خمس ساعات حتى وصلنا إلى محطة قطار في إحدى القرى الصربية".
صورة من: Hesham Moadamani
بلغراد ثم بودابست
"عقب وصولنا إلى القرية الصربية بعد مسيرة ست ساعات، قمنا بحجز تذكرة إلى العاصمة بلغراد ومنها استكملنا الطريق. لكن عندما وصل قطارنا إلى المحطة، فوجئنا بالشرطة توقفنا وتمنعنا من الصعود بدون وثيقة تسجيل لاجئين. لذلك فاتنا القطار. لكن الشرطة وجهتنا إلى قطار آخر (في الصورة) حثتنا على المبيت فيه حتى موعد انطلاقه إلى بلغراد في الثالثة صباحاً".
صورة من: Hesham Moadamani
الخطوات الأخيرة نحو الأمان
"وصلت إلى العاصمة الهنغارية بودابست لوحدي، بعد أن انفصلت عن بقية المجموعة. استأجرت غرفة في أحد الفنادق وبدأت في البحث عن مطعم أو مقهى بغرض الاتصال بشبكة الإنترنت والبحث عن سيارة تنقلني من بودابست إلى وجهتي الأخير – ألمانيا. في مساء اليوم الذي التقطت فيه هذه الصورة، عثرت على سيارة نقلتنا من المجر إلى النمسا ومنها وصلنا إلى ألمانيا في الثانية من صباح اليوم التالي".
صورة من: Hesham Moadamani
مشاعر متناقضة
"كنت أحياناً أحس أنني سائح في بودابست، وفي نفس الوقت كنت متحمساً لوصولي إلى هنغاريا، وهي المحطة قبل الأخيرة في الطريق إلى ألمانيا. مشاعر مختلطة وخوف من المجهول كان ينتابني".
صورة من: Hesham Moadamani
"سوريون؟ أهلا بكم في ألمانيا"
"في ألمانيا، أوقفتنا الشرطة على الطريق السريع. كنا 12 ( شخصاً والسائق) في سيارة كبيرة. على الفور تم اعتقال السائق، وبعدها سألنا رجال الشرطة: هل أنتم سوريون؟ وعندما أجبنا بنعم، قالوا لنا: أهلاً بكم في ألمانيا. شعرت بالسعادة تغمرني وتفيض من داخلي". (صورة من الأرشيف)
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Armer
15 صورة1 | 15
الأمن والقضاء بالمرصاد للمتحرشين
من جهته، يعتبر محمد أكضيض، وهو رئيس سابق لجهاز الشرطة القضائية بمدينة سلا المغربية، أن الجهاز يتعامل شكايات اللاجئات السوريات ضحايا التحرش مثلما يتعامل مع شكايات المواطنات المغربيات. ويرى عميد الشرطة السابق أنه فور وضع الشكايات من طرف السوريات، يقوم المحققون بجمع المعطيات عن المتهمين قصد إيقافهم والتحقيق معهم. ويؤكد الخبير الأمني أنه إذا ثبت تورط أحد الأشخاص بالتحرش بالسوريات أو التغرير بهن أو الاعتداء عليهن بالضرب وغيره، يحيلهم الجهاز على رئيس النيابة العامة قصد اتخاذ الإجراءات الزجرية في حقهم.