1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حوار ألماني عربي هادئ حول قضايا ساخنة

علاء جمعة - بون ٣ نوفمبر ٢٠١٥

هل الصور النمطية المتبادلة بين الغرب والعالم الإسلامي، هي نقد للآخر أم إساءة له، مسألة سُلِط الضوء عليها من قبل خبراء ألمان وعرب خلال مؤتمر فكري في بون قبل يومين، واستأثرت قضية اللاجئين الساخنة باهتمام واسع في المؤتمر.

Seminar Deutsch-Maghrebinisches Institut für Kultur und Medien EINSCHRÄNKUNG
صورة من: MagDe

هل الصور النمطية المتبادلة بين الغرب والعالم الإسلامي، هي نقد للآخر أم إساءة له، مسألة سُلِط الضوء عليها من قبل خبراء ألمان وعرب خلال مؤتمر فكري احتضنته مدينة بون الألمانية نهاية الأسبوع الماضي، وقد أثارت مناقشات ساخنة حول الصور النمطية المتداولة لدى الرأي العام في المجتمعات الأوروبية حول الإسلام وقضايا الهجرة والمرأة، وبالمقابل الصور النمطية المتداولة في المجتمعات الإسلامية عن الغرب. المؤتمر عقدته المؤسسة المغاربية الألمانية للثقافة والإعلام(مقرها بون) MagDe بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة(مقرها الرباط) – إيسيسكوISESCO، يومي30 و 31 أكتوبر 2015 واتسم بمشاركة مثقفين وفنانين وإعلاميين وخبراء في القانون الدولي وحقوق الإنسان من الجانبين العربي والألماني، واستأثر الاهتمام في المؤتمر بشكل ملحوظ بأزمة اللاجئين وكيفية تناولها في الإعلام الألماني والأوروبي.

في حوار مع DWعربية أكد الدكتور عبد اللطيف الحناشي أستاذ تاريخ الفكر المعاصر بجامعة منوبة في تونس، ومستشار لدى المؤسسة المغاربية الألمانية للإعلام والثقافة التي أسست حديثا وتتخذ من بون مقرا لها، أن هذا المؤتمر "هدفت من خلاله المؤسسة إلى المساهمة في الحوار بين صانعي الرأي والإعلام والثقافة في العالمين الإسلامي والغربي، حول إحدى أهم القضايا حساسية بالنسبة للرأي العام لدى الجانبين، والتي طالما شكلت مصدر سوء فهم وتوتر وعنف في بعض الأحيان". في إشارة للأحداث المأساوية التي تعرضت لها مجلة شارلي هيبدو الفرنسية وأحداث أخرى إثر نشر رسوم حول الرسول محمد.

البروفسورة زابينا دامير غايلزدورف تتحدث في إحدى جلسات مؤتمر بونصورة من: MagDe

تنميط الاسلام ونزعات مناوئة

رئيسة قسم دراسات الشرق بكلية الفلسفة بجامعة كولونيا البروفسورة زابينا دامير غيلزدورف أشارت بان دراسة حديثة أعدتها ترصد ظاهرة الخوف المتزايد من قبل الألمان من "أسلمة ألمانيا" و"تصاعد ما يسمى بالإسلام الراديكالي". وأشارت إلى أنه بالرغم من أن الدراسات أثبتت أن نسبة المسلمين في ألمانيا "لا تتجاوز 5 بالمائة من السكان" الا أن أكثر من نصف الألمان تقريبا أعربوا عن قلقهم "من تزايد أعداد المسلمين". واشارت غيلزدورف إلى دراسة أعدتها بالاشتراك مع د. كاي حافظ المحاضر في جامعة أرفورت إلى تحميل الألمان النزاعات الحاصلة في الدول الاسلامية والمناطق المحيطة إلى "الدين الإسلامي" ولا يرونها بالغالب كنزاعات سياسية.

وقالت البرفسورة الألمانية أنه في السنوات الاخيرة، عادت الصورة النمطية في المجتمع إلى الألماني بنظرته العدائية إلى الإسلام إلى المناقشة في العلن. في حين ارتبطت بمواضيع الإندماج الثقافي، وأزمة اللاجئين القادمين إلى ألمانيا. وبالرغم من إظهار الإعلام لصور عديدة تمثلت بالترحيب باللاجئين، إلا أن العديد ايضا من وسائل إلاعلام نقلت صورة سيئة وعدائية عن القادمين. وأشارت إلى بعض المحاولات إلاعلامية التي عملت على التأكيد على مفاهيم سلبية في ذهن المجتمع الألماني بأنهم "مختلفون ولا يحملون نفس القيم الثقافية التي يحملها الألمان". وأيضا أنهم "عرب سنة ومختلفون عن المسلمين الأتراك". وذلك في اشارة إلى التفريق بين المسلمين الأتراك المعروفين للألمان وبين العرب السنة.

وبرأي الخبير سامي شرشيرة العضو المستشار بمؤتمر الإسلام في ألمانيا، فان الهيئات الإسلامية من حيث حضورها في المشهد العام بألمانيا تعتبر في "أفضل أحوالها"، لكنه أشار بأن المفارقة تكمن في أن صورة الإسلام في الإعلام ولدى الرأي العام توجد في "أسوإ" الأحوال، مشيرا إلى حملات تسيء إلى صورة الإسلام. وتشهد ألمانيا منذ أكثر من سنة فعاليات احتجاجية متواصلة ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا وضد ما تعتبره ظاهرة"اسلمة لأوروبا" وتقود هذه الاحتجاجات حركة بيغيدا.

واقترح الدكتور علي كريمي مدير مركز الدراسات حول الإعلام وحقوق الإنسان بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تصورا قانونيا وحقوقيا لمعالجة حالات "ترويج الصور النمطية المسيئة للآخروذلك استنادا إلى المواثيق الدولية والأوروبية لحقوق الإنسانن وضمنها القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وعن المندوبية السامية لحقوق الانسان(سابقا) وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن جهته أكد الدكتور محجوب بنسعيد رئيس قسم الإعلام في الايسيسكو أن المنظمة الدولية، التي تمثل 51 دولة في العالم الإسلامي، تسعى من خلال تنظيم ندوات حول الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية، إلى بحث سبل "التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا استناداً إلى وثيقتين مرجعيتين أعدتهما الإيسيسكو وصادق عليهما المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة وكلفها بمتابعة تنفيذهما، وهما (الإطار العام لبرنامج الرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية)، و(المنهاج الدراسي لتكوين الصحافيين لمعالجة الصور النمطية عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية)".

مظاهرة لحركة بيغيدا في مدينة دريسدن الألمانيةصورة من: picture alliance/AA/M. Kaman

قضية اللاجئين امتحان للإعلام الغربي

وتطرق مدير القسم العربي بمؤسسة دويتشه فيله الألمانية في بون، راينر زوليش إلى كيفية ومعايير تناول المواضيع في الإعلام الألماني وخاصة من قبل DWعربية "فهي وان كانت قناة ألمانية إلا أن المجموعة المستهدفهة لها هي في العالم العربي" يقول زوليش مشددا على أن الأمر الذي حرصت عليه المؤسسة الإعلامية الألمانية (DW) هو "إبراز العامل الإنساني بخصوص اللاجئين". وقال زوليش إن الصحافة الألمانية اجتهدت للتعامل مع موضوع اللاجئين من منطلق إنساني، إلا أنه نوه بأن "كلما زادت المخاوف والانتقادات لسياسة اللجوء، كلما طغت الصورة النمطية داخل المجتمع الالماني".

وفي هذا السياق، أكد المشاركون في الندوة على أهمية الحوار مع الإعلاميين حول الجوانب القانونية المتعلقة بنشر الصور النمطية عن الآخر في وسائل الإعلام، وتفعيل دورهم في التعريف بالأبعاد الإنسانية والحقوقية لظاهرة الهجرة.

ومن جهته أشار أمين عام جمعية تواصل للاندماج في بون والناشط الحقوقي نور الدين الخميري، إلى أن الصور النمطيّة "لم تخلق فجأة لتقرّر ربط العرب المسلمين بالتخلّف والرجعيّة والإرهاب"، بل جلبت من سياقات تاريخية ليتم إعادة إنتاجها بصورة تضمن ديمومتها لرفض الإسلام كمكوّن اجتماعي وترسيخ صورة لدى المواطنين الغربيين على أنه "دين متخلّف، يشرّع للعنف والإرهاب ويرفض التعايش المشترك مع الآخر". وأعطى الخميري مثالا على تناول المواضيع في الاعلام الغربي والذي يكشف حجم التوظيف الذي بدا واضحا في عدد من الصّحف. وأشار إلى أنه و"خلافاً للمنطق الإنساني، يجري التركيز بصفة لافتة في الإعلام الغربي على انعكاسات الموقف من تدفّق اللاجئين إلى أوروبا، وتأثيره على الأوضاع الماليّة و الإقتصاديّة والإجتماعيّة والأمنيّة، دون البحث في الأسباب الحقيقيّة التي دفعت بالملايين إلى اللّجوء إلى هذه البلدان".

وقد شدَّد المشاركون في الندوة على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين الإعلاميين من العالمين الغربي والإسلامي من أجل تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتمييز بين حرية الإبداع وعدم الإساءة إلى الآخر ونبذ العنصرية والكراهية. كما ثمّن المشاركون "اتجاه الانفتاح والإنصاف الذي يتسم به أداء وسائل إعلام عديدة في ألمانيا على قضايا اللاجئين وأوضاع الجاليات المسلمة والبلدان الإسلامية". وأوصى المشاركون بالتعامل مع آليات النقد المتاح داخل المؤسسات الإعلامية الغربية بشكل عام، بدل النظر إليها نظرة مسبقة ومطلقة أو نظرة تآمرية.

كما شهدت فعاليات المؤتمر تنظيم ورشة إعلامية سلطت خلالها الأضواء على تجربة عدد من المؤسسات والمشاريع الإعلامية بألمانيا والتي تضع في أهدافها الرئيسية الحوار بين الثقافات ومعالجة قضايا الاندماج واللاجئين. وقدم في هذا الصدد لؤي مدهون مدير تحرير موقع قنطرة، نظرة حول تجربة هذا الموقع الألماني الرائد في مجال الحوار بين الغرب والعالم الإسلامي، كما قدمت الإعلامية ناديا يقين عرضا حول تجربة موقع "راديو لنا" على الانترنت، وهي تجربة ناشئة في مدينة درامشتات تركز على قضايا الإندماج واللاجئين، وحصلت على جائزة أفضل برنامج إعلامي حول الإندماج بولاية راينلاند بفالز الألمانية.

كما قدم الدكتور عبد الوهاب الرامي استاذ الإعلام بالمعهد الأعلى للإعلام والتواصل في الرباط، مشروع "منهاج تدريب الإعلاميين حول معالجة الصور النمطية". الوثيقة تتضمن مشروعا متكاملا حول تدريب الإعلاميين في الدول الغربية والإسلامية وفق منهج مهني وعلمي لمعالجة الإشكاليات الثقافية والسياسية المعقدة في علاقات الطرفين.

صورة جماعية لعدد من المشاركين في مؤتمر بونصورة من: MagDe

دعوة للحوار مع منتقدي الإسلام

أستاذ تاريخ الفكر السياسي بكلية الآداب بجامعة منوبة في تونس عبد اللطيف الحناشي أكد بأن مثل "هذه الندوات واللقاءات تهدف إلى فهم الآخر، ومحاولة إيجاد جسور تربط بين الثقافة العربية والغربية من أجل ترسيخ مبادئ مشتركة يعتمد عليها مستقبلا". وتابع "نريد أن يساهم العرب والمسلمون في ارساء قواعد مهنية تكون ملزمة للغرب، وأن نعمل على حرية الفكر والعمل الإعلامي في العالم العربي". الباحث التونسي اقترح تنظيم لقاءات فكرية مع المفكرين الغربيين المعروفين بمواقفهم النقدية للإسلام والمسلمين بهدف محاورتهم والبحث عن أرضية مشتركة تستند إلى قواعد الإحترام المتبادل والتعايش، بدل الصدام ورفض الآخر. ولاحظ أن في العالم الإسلامي أيضا تتداول صور نمطية عن الغرب.

الشاعر والناقد السوري المقيم في ألمانيا محمد المطرود أكد لـ DWعربية أن انجاز هذه الندوة مثلت "انصافا" لصورة الانسان المغبون، لانها هدفت إلى محاربة الصورة النمطية الواقعة عليه. ورأى بأنه من المهم تكثيف هذه الجهود ومتابعتها من أجل انجاح حدوث تغيير في المجتمع الغربي. المطرود عبر عن تفاؤله من احداث تغيير للصورة النمطية وذلك بسبب تزايد حضور نخب من أدباء ومفكرين سوريين وعرب لألمانيا نتيجة للأحداث التي يشهدها العالم العربي. ويرى الناقد السوري بأنه سيكون هنالك تواصل أكبر بين اللاجئين والألمان، ما سيشكل أرضية مناسبة لتغيير الصور النمطية.

وناقش المشاركون في أعمال المؤتمر برامج ومبادرات فنانين وهيئات من المجتمع المدني تعالج قضايا الاندماج واللاجئين، وضمنها عمل فني للمنتج الموسيقي الألماني المغربي سعيد هيكل، الذي انتج كليب غنائي يشارك فيه أطفال من ثقافات وبلدان مختلفة، ويستند إلى فكرة "الموسيقى كوسيلة للإندماج". كما أوصى المؤتمر بتشجيع هيئات المجتمع المدني والمبادرات الإعلامية وأعمال المبدعين، "لانجاز أنشطة ثقافية تشجع على الاصلاح الديني وثقافة الحرية الفردية والابداع والنقد في برامج التعليم بالعالم الإسلامي. والتوعية بخطورة قمع الحريات في الدول الإسلامية ونزعات التطرف والارهاب وتأثيرها على صورة الاسلام والمسلمين في أوروبا. ودعم أعمال ابداعية في مجالات الفن الساخر والموسيقى والسينما وبرامج ثائقية تعالج قضايا الصور المسيئة."

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW