1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الإصلاحات الديمقراطية في العالم العربي: وهم أم واقع؟

ليس بوسع أحد اليوم أن يتكهن بحجم وطبيعة التغييرات التي تحدث في العالم العربي. الباحث فريد هاليداي يرى أن الغرب ودول الشرق الأوسط بحاجة إلى تحليل واقعي للسؤال المتعلق بعدم نهوض الديمقراطية في الدول العربية.

الديمقراطية تبدأ بالتوعية والتثقيفصورة من: AP


بدأت مسألة الإصلاحات السياسية في العالم العربي تكتسب في غضون الشهور الماضية أهمية متزايدة. هناك سببان وراء ذلك: في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب تحمس إدارة بوش الجديد حيال التحولات الواقعة في الشرق الأوسط، أما في العالم العربي فإن ذلك يعود إلى أسباب وتطورات متعددة. هذا يشمل الانتخابات في العراق وفلسطين والاحتجاجات التي وقعت في لبنان ضد الوجود السوري هناك وإعلان بعض هذه الدول كمصر عن العزم على تحديث دساتيرها. ليس بوسع أحد اليوم أن يتكهن بما سيؤدي به هذا الربيع العربي ولا حتى عما إذا كان ذلك يستحق تسمية "الربيع". ومازال الوقت مبكرا لمعرفة ما إذا كانت السياسة الأمريكية سيكون لها بالفعل تأثير على التطورات المقبلة. من ناحية أخرى كان من الخطأ الافتراض بأن مثل هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق. وكما عهد الماركسيون على التأكيد عليه فإن الإمبريالية قد تنعكس وبأشكال متناقضة كثيرا على مجريات الأحداث. الذي ينقصنا في جميع الحالات سواء في الغرب أو في منطقة الشرق الأوسط هو تحليل واقعي للسؤال المتعلق بأسباب عدم نهوض الديمقراطية في عدد كبير من الدول العربية. وكان ينبغي على تحليل من هذا النوع أن يوضح مدى إمكانية ترتيب هذه المسألة في سياق آخر أي سياق تاريخي وفيما يختص بالخصوصية الإقليمية وفي إطار الوضع الدولي. فكل هذه المسائل تلعب دورا هاما سواء بالنسبة لتوضيح الحالة الديمقراطية الراهنة لكل من هذه الدول أو بالنسبة للسياسة التي تمارسها هذه الدول من الناحية العملية.

العرب محط الأنظار

الديمقراطية أكثر من مجرد شعارصورة من: AP

لا يمكن أن تكون واشنطن نفسها هي نقطة انطلاق مثل هذا النقاش. فالنهج البلاغي لحكومة بوش يفتقد فيما يتعلق بالتحول الدائر في الشرق الأوسط لكلا الفهم التحليلي والجوهر الأخلاقي. وكل ما تفعله حكومة بوش أنها تستخدم من جديد القوالب السياسية المعهودة في واشنطن والمتغيرة مرة تلو الأخرى. ويتحتم علينا ألا ننسى بأن الأشخاص المعنيين في هذا السياق هم نفس الوجوه التي قالت عند وصولها إلى السلطة عام 2000 إن "قضية إنشاء الأمم ليست قضيتنا نحن". لا المحافظون الجدد المؤيدون لفكرة التحول الشامل ولا خصومهم الليبراليون مثل توماس فريدمان الذي تعطى عنه صورة إيجابية تتسم بالمغالاة الكبيرة، يقدمون لنا ولو حتى مجرد لمحة بسيطة من المعرفة عن السياق التاريخي لمجريات السياسة في الشرق الأوسط. بناء على رؤاهم تمر المنطقة بحالة "عزلة" حيال التطورات العالمية كما أنها "ذات مناعة" فيما يتعلق بالإصلاحات. هذا على الرغم من أنه يتحتم على كل من كانت لديه ولو قشور معرفة حول قضايا المنطقة بأنها قد مرت على عكس تلك المقولات تماما بعمليات حاسمة ومتعددة للتحول السياسي.

أمثلة عديدة

يتضمن ذلك الحركة الإصلاحية أثناء حقبة "التنظيمات" في العهد العثماني (1839- 76) والثورة الدستورية الإيرانية عام 1906 والثورات الاشتراكية أو الشعبوية في العالم العربي كالجزائر ومصر والعراق واليمن. يهمل النقاش الغربي الراهن حول موضوع الإصلاحات في الشرق الأوسط بالإضافة إلى ذلك عاملين رئيسيين من عوامل علم الاجتماع السياسي: أولهما كون صيغ الأنظمة السياسية السائدة في المنطقة ليست نتاجا لعمليات حضارية أو لنقل على الأقل داخلية الطابع، بل نتيجة لإنشاء الأمم أو بسبب إجراءات إدارية فرضت عليها فرضا أو بحكم وقوع تدخل عسكري أو إنحراف إيديولوجي وإما كنتيجة للحرب الباردة أو السياسة النفطية منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1918. دول الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل هي كشخصية أسامة بن لادن نفسه إفراز لأحداث تاريخية دولية معاصرة لا سيما الحرب الباردة.

الديوقراطية نتاج تطور بطيء

عندما يستنتج المرء ذلك لا يكون المقصود من ورائه تحميل الغرب وحده المسؤولية، بل كان الهدف توضيح كيفية الأسباب التي جعلت هذه الدول تصل إلى الدرجة المعهودة لدينا اليوم وتعريف الجهات التي تدعمها والمصادر التي تسبغ عليها طابعها المميز وأسباب كل ذلك. البعد الآخر المهمل نقاشه اليوم في سياق علم الاجتماع السياسي هو تاريخ التحول الديموقراطي الغربي نفسه. إن الديمقراطية لم تتحقق في دول الغرب بين عشية وضحاها ولا عن طريق الانتخابات أو التحول السريع بل ضمن عقود طويلة ومن خلال حروب تقليدية وحروب أهلية شنت في سبيل تكريس الحريات الديمقراطية.



من يملك السلطة الفعلية في العالم العربي؟

هناك حاجة لمعاودة النظر على نحو شبيه بذلك فيما يتعلق بآراء المواطنين حول "ساستهم" الواردة في التقرير العربي حول التنمية البشرية. قد يكون استخدام مفهوم "السياسي" في حالة دول أمريكا اللاتينية أو أوروبا أو أفريقيا مناسبا. أما في الشرق الأوسط فهو وصف لمجموعتين مختلفتين من الناس. هناك أولا الوزراء ونواب البرلمان الذين لا يتعدون كونهم أدوات طيعة في أيدي السلطة. وهناك ثانيا أشخاص يتمتعون بنفوذ سياسي واجتماعي قوي للغاية هم أعضاء الأسر الحاكمة سواء في الأنظمة الملكية (السعودية، الكويت، قطر، المغرب الخ.) أو أشخاص تابعون لعائلات رؤساء الجمهوريات (على سبيل المثال مصر، ليبيا، تونس، اليمن، سوريا). هذه العائلات هي التي تملك السلطة الفعلية في البلاد وليس السياسيون الذين يتقلدون منصبا ما وينالون مبلغا متواضعا لقاء ذلك. ويمكن القول من باب التبسيط بأن أعضاء الأسر الحاكمة والحاشيات المقربة منهم يضعون قرابة ثلث دخل الدولة في جيوبهم الخاصة. الأمر الذي تطلق عليه السفارات الأمريكية مجازا عبارة "خارج عن الميزانية" „off-budget“. هنا الموضع الحقيقي للمحنة القائمة في دول الشرق الأوسط، لا انتشار الرشوة لدى طبقة السياسيين.

العرب في المرتبة الأولى للعالم

توجد معالم تحول آخر في هذا التاريخ المعقد " للإصلاحات" العربية وما يرافقها من شلل سياسي. ربما نجح التقرير العربي حول التنمية البشرية حقا في تصحيح بعض التعميمات والأكليشيهات السائدة في الغرب ونجح بالتالي في إظهار عناصر من الحضارة والدين والتاريخ الحديث تنم عن حدوث تحول ديمقراطي. لكن هذا التقرير يتسم من رؤية أفراد المجتمع بطابع مختلف تماما، حيث أنه لا يقوم إلا بمجرد التأكيد بشكل توثيقي جيد وبعبارات واضحة التعبير على ما عرفوه بوحي الغريزة منذ وقت طويل. يمكن أن نقارن التقرير بطبيب يشرح لمريضه بعبارات موضوعية علمية ما تحسسه المريض بشأن حالته الصحية منذ وقت طويل. فالتقرير يعطي من خلال عرضه لمقارنات تشمل كافة القارات وأرقاما مثيرة للاهتمام قاعدة قوية لتجارب عاصرها العرب بأنفسهم كما أنه يعبر عن أمور يتحسسها ويفكر بها الكثيرون منهم. في الكثير من الروايات العربية المعاصرة هناك مواضع عديدة تتطابق مع ما ورد في التقرير حول الرشوة وهدر فرص الحياة ونهبها. وهذا لا يتضح في أي مصدر آخر بصورة أفضل مما ورد في الثلاثية الرائعة حول شبه الجزيرة العربية "مدن الملح" التي ألفها الكاتب السعودي عبد الرحمن منيف الذي توفي في العام الماضي وقضى معظم سنين عمره في دمشق. يجد المرء أنماط النقد السياسي أيضا على صورة موسيقى البوب أو في قصائد الشعر في العديد من الدول العربية مثل مصر والسودان. أفضل مستند يعطي صورة عن موقف العرب تجاه حكامهم روح النكتة لديهم وهي صفة منتشرة عند العرب في كل أنحاء الشرق الأوسط، وإن لم تعط هذه الصفة الاهتمام الذي تستحقه.

المصدر: قنطرة

بدون تعليقصورة من: AP
الى أي مدى يحق لشخص غير منتخب من قبل الشعب أن يمارس حق اتخاذ قرارات مصيريةصورة من: AP
لن يصلح النظام الديمقراطي بدون مشاركة المرأةصورة من: AP
صورة من البرلمان اللبنانيصورة من: AP

www.qantara.de

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW