بعد إعلان المحكمة الدستورية العليا في كارلسروهه عن قرارها النهائي لصالح إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في الثامن عشر من سبتمبر/ أيلول المقبل، بدأت الأحزاب الألمانية حملاتها الانتخابية وسط أجواء من المنافسة القوية على كسب الناخبين. وقد امتلئت الشوارع باللافتات الدعائية وصور المرشحين. ويساهم الإعلام الألماني بدوره في الحملة، وستقوم القنوات الألمانية ببث مباشر للمناظرة بين المستشار الألماني غيرهارد شرودر ومنافسته انجيلا ميركل رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي. يجدر ذكره أن ميركل هي أول امرأة مرشحة لمنصب المستشار في تاريخ ألمانيا الاتحادية.

شعبية شرودر وبرنامجه الإصلاحي

يمثل طلب المستشار الألماني غيرهارد شرودر بإجراء انتخابات مبكرة آخر محاولة منه لاسترجاع مكانته ومكانة حزبه التي تراجعت حسب المراقبين. غير أن شعبية شرودر ما تزال أقوى من شعبية منافسته ميركل رغم تراجع مكانة حزبه. فقد أظهر استطلاع للرأي جرى مؤخراً أن 36 بالمائة من الألمان يفضلوه على ميركل التي حصلت على 32 بالمائة فقط.

يؤكد شرودر في حملته الانتخابية على الاستمرار في برنامجه الإصلاحي الرامي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد من خلال تعديل قوانين العمل وأنظمة الضمان والضرائب رغم ضعف التأييد الشعبي لذلك. أما فيما يخص السياسة الخارجية فهو يريد مواصلة دعم انضمام تركيا إلى لإتحاد الأوروبي وتفعيل الدور الألماني على الصعيد الدولي. ويتميز شرودر في الحملة الانتخابية باللباقة في الحديث وبالأسلوب اللطيف الهزلي وهذا من شأنه أن يرفع من شعبيته. غير أن ذلك لا يكفي لفوزه بغالبية أصوات الألمان حسب آخر التوقعات.

الحزب المسيحي الديمقراطي وزعيمته "انجي"

تسعى ميركل كمرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي في حملتها الانتخابية إلى كسب ثقة الناخب الألماني من خلال تأكيدها إصلاح سوق العمل عن طريق خفض التكاليف والضرائب. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية يركز حزبها على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنه يرفض انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوربي ويعرض عليها شراكة متميزة بدلاً من ذلك.

وتبنى الحزب المسيحي الديمقراطي في حملته الانتخابية وسائل دعاية جديدة حيث لجأ مثلاً إلى الأغنية الشعبية "البوب" واتخذ أغنية "انجي" بصفتها تحمل اسم زعيمة الحزب انجيلا للفرقة الموسيقية "رولينغ ستونز" كشعار له، في حين استنكر رئيس الفرقة الموسيقية السماح للحزب باتخاذ هذه الأغنية كشعار له. ولم يمنع الحزب عن ذلك تعريفه لنفسه بأنه حزب ليبرالي محافظ يلتزم بقيمه وهويته المسيحية، الشيء الذي يتناقض ونشاطاته.

فيشر مثل حزب الخضر

ينوي حزب الخضر مواصلة مسيرته السياسية في الدفاع عن القيم السياسية والديمقراطية والحفاظ على حماية حقوق العاملين وتشجيع قطاعات الاقتصاد التي تساهم في المحافظة على البيئة، كما أنه يسعى إلى تسهيل عملية تجنيس الأجانب ويعارض بشدة فرض رسوم جامعية. وتعد شخصية رئيسه يوشكا فيشر ألمع وجوهه خاصة وأنه يحظى باهتمام الدبلوماسيين والإعلاميين. كما يعتبر مثل الحزب الأعلى وصاحب المهام الصعبة.

تحالف اليساريين

أصبح تحالف اليساريين الذي يتزعمه اوسكار لا فونتين رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي سابقاً وغريغور غيزي أحد ابرز زعماء حزب الاشتراكية الديمقراطية/ الشيوعي سابقا جزءا لا يتجزأ من خريطة الأحزاب السياسية الألمانية الحالية. ويرفض التحالف سياسة شرودر الإصلاحية ويعمل على تعزيز حقوق العاملين والتقليل من تأثير أرباب العمل على القرار السياسي الألماني. كما يشدد على فرض ضرائب أكثر ثقلا على الطبقة الغنية في ألمانيا . ويميل زعيما حزب اليسار المتميزان بالبلاغة إلى توظيف الدعاية الشعبوية قصد استقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين.

الحزب الليبرالي الديمقراطي

كالمعتاد يركز شعار الليبرالين في حملاتهم الانتخابة على حماية الحريات الشخصية. كما يشدد على ضرورة خفض الضرائب بغرض إنعاش الاقتصاد الألماني. وينوي الحزب القضاء على البيروقراطية التي تعرقل الاستثمار والعمل الحر. وينادي كذلك بتسهيل قوانين الهجرة وقوانين تجنيس الأجانب ودعم مشاركتهم في الحياة السياسية والاجتماعية. أما فيما يخص سياسة التعليم فهو على عكس حزب الخضر يؤيد فرض رسوم جامعية من أجل تمويل الجامعات ومنح قطاع التعليم استقلالية أكبر.

إعداد صفاء جاري