1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةروسيا الاتحادية

"الإلغاء": تعذيب وتصفية رفاق السلاح في الجيش الروسي

١٧ نوفمبر ٢٠٢٥

التعذيب والإذلال والقتل هي ممارسات شائعة اليوم في الجيش الروسي. كيف وصل الأمر إلى هذا الحد ولماذا تظل ما يسمى بـ"الإلغاءات" دون عقاب؟

جنود روس
يتفق الخبراء على أن الجيش الروسي قد تغير خلال الحرب مع أوكرانيا إلى الأسوأ من خلال ضم مرتزقة يقاتلون من أجل المال ومجرمين مدانين بجرائم.صورة من: IMAGO/ITAR-TASS

"لقد قضوا على طفلي"، تقول تاتيانا بيكوفا في فيديو، مؤكدة أن ابنها أندريه قُتل على يد قادة عسكريين. تذكر أسماءهم وتقول إنها تكرههم. وتوضح أنهم ابتزوه وطالبوه بنصف التعويض الذي حصل عليه بسبب إصابة تعرض لها. وعندما رفض إعطائهم المال واشترى سيارة بدلاً من ذلك طالبوه بها. ولأنه رفض تسليم السيارة قُتل.

قدمت تاتيانا بيكوفا شكوى إلى لجنة التحقيق التابعة للاتحاد الروسي والنيابة العامة لكن بلا فائدة. تم إعلان أندريه بيكوف مفقوداً ببساطة. "كما قيل لي فقد ضُرب حتى الموت"، تقول تاتيانا بيكوفا لوسيلة الإعلام الروسية المعارضة "فيرستكا".

كان الموقع الإلكتروني قد بدأ في تشرين الأول/أكتوبر 2025 مشروعاً للفت الانتباه إلى التعذيب المنتشر على نطاق واسع وما يُعرف بـ"الإلغاء" وهو مصطلح عامي يصف قتل الرفاق في الجيش الروسي. كما نشرت "فيرستكا" أسماء عشرات القادة المتورطين. في اليوم التالي رد ألكسندر باشتشينكو، عضو البرلمان عن الحزب الحاكم "روسيا الموحدة" على انتقادات أحد المواطنين الغاضبين بقوله: "في الجبهة يتم إلغاء من يقول مثل هذه الأقوال". وبذلك أكد أن "الإلغاء" يمارس بالفعل.

كيف يحصل التعذيب والقتل داخل الجيش؟

"قتل رفاق السلاح ليس سوى جزء من الوضع المرير الذي يعيشه الجيش الروسي. التعذيب منتشر على نطاق واسع هناك"، يقول الخبير العسكري يوري فيودوروف لـ DW. توجد مقاطع فيديو للتعذيب على تيلغرام. على سبيل المثال يقول الخبير إنه يتم إلقاء الجنود في حفرة لمدة أسبوع أو أسبوعين وإطعامهم القمامة، إرضاء لمزاج القائد الميداني. أو يُجبر الجنود على "عناق شجرة": يتم تقييدهم إلى جذوع الأشجار وتركهم هناك لمدة يوم أو يومين دون طعام أو شراب.

يمكن أن يُقتل جندي ثم يُعلن أنه مفقود أو قتيل. علاوة على ذلك يُترك الأمر لتقدير الضباط فيما إذا كان سيتم إرسال جندي إلى هجوم ينطوي على مخاطر كبيرة بالموت.

يمكن أن تكون أسباب "الإلغاء" متنوعة: العصيان أو المخالفات التأديبية أو تعاطي الكحول أو المشاجرات مع الضباط أو رفض تسليم جزء من الراتب.

"إذا كان لديك الاستعداد لقتل شخص ما بإرساله إلى معركة خاسرة، فستقتل أيضاً في الخطوط الخلفية لجبهات القتال لأن شخصاً ما ارتكب مخالفة أو لم يعطك المال أو لأنك تشاجرت معه"، كما قال الخبير العسكري يان ماتفييف في حوار مع DW.

تتحدث المحللة النفسية ألينا بوتيلوفسكايا عن "نقل" و"تصريف" المشاعر العدوانية: "القادة الذين يرتكبون هذه الأعمال الوحشية لديهم بدورهم قادة يسخرون منهم على سبيل المثال من خلال أوامر غير واقعية وحرمان وحداتهم من الإمدادات الحيوية. يظهر هؤلاء المسؤولون رفيعو المستوى للخارج صورة من التفوق والمنعة والثراء. وهذا يؤدي إلى مشاعر صعبة للغاية لدى قادة الميدان الذين يفرغونها على مرؤوسيهم".

وحسب بوتيلوفسكايا يشعر هؤلاء بالخوف لأنهم قد يصبحون هدفاً لعدوان رؤسائهم. لكنهم يشعرون أيضاً بالشفقة والذنب تجاه زملائهم المتضررين لأنهم لا يستطيعون مساعدتهم.

"الإلغاء" يحل محل الانضباط

يعزو الخبير العسكري يوري فيودوروف "الإلغاءات" في الجيش إلى ضباط فاسدين وموظفين مجرمين وغير منضبطين. ويقول إن سلاح الضباط في روسيا أصبح أكثر إشكالية منذ التسعينيات لأن الكثيرين بقوا في الجيش فقط لأنهم لم يجدوا وظيفة في الحياة المدنية. وكانوا يعوضون رواتبهم المنخفضة من خلال ممارسات فاسدة مثل إجبار الجنود على العمل بدون أجر. وهؤلاء الضباط بالذات هم الذين يشاركون حالياً في الحرب في أوكرانيا.

يتفق الخبراء على أن الجيش الروسي قد تغير في هذه الحرب إلى الأسوأ من خلال ضم مرتزقة يقاتلون من أجل المال ومجرمين مدانين بجرائم. ويقول فيودوروف: "للسيطرة على هذه العصابة بأكملها كان لا بد من استخدام أساليب وحشية". أحد أبرز الأمثلة على ذلك كان مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في تشرين الثاني/نوفمبر 2022. أظهر المقطع مرتزقة من شركة فاغنر يقتلون زميلاً لهم بمطرقة ثقيلة.

مقبرة جماعية لسكان بوتشا الذين قُتلوا على يد القوات الروسية في 3 نيسان/أبريل 2022صورة من: Rodrigo Abd/AP Photo/picture alliance

لماذا لا تنزل العقوبات بحق المجرمين؟

وحسب يان ماتفييف فإن السبب الرئيسي لـ"الإلغاءات" هو الافتقار إلى الانضباط ونظام عسكري منظم بشكل طبيعي. "كل هذا يشجع على الإفلات من العقاب، مما يجعل القيادة مستحيلة. لم يعاقب أحد في الجيش الروسي على جرائم حرب خطيرة مثل القتل في بوتشا وماريوبول في أوكرانيا، ما أكد فكرة أنه يمكن ببساطة قتل الناس دون عقاب"، يقول ماتفيييف. وهو مقتنع بأن "الإلغاءات" قد قضت على الانضباط في الجيش، وعدم فعل أي شيء لمواجهة ذلك سيفاقم المعضلة.

ويتفق الخبيران أن الجيش الروسي لن يكون قادراً على القتال إذا توقف التعذيب وسوء المعاملة والابتزاز و"الإلغاءات" وجرائم الحرب. "في الواقع يعتمد كامل الأداء على الإفلات من العقاب واستغلال الجنود كمورد وكعبيد"، يؤكد فيودوروف.

من وجهة نظر المحللة النفسية ألينا بوتيلوفسكايا فإن "الإلغاء" هو وسيلة لممارسة الإكراه والسيطرة والترهيب. "هناك أمران يحافظان على تماسك المجتمع حتى في زمن الحرب: الارتباط العاطفي والإكراه. إذا فقد أحدهما كما هو الحال هنا مع الارتباط العاطفي فإن الإكراه يكتسب الغلبة ويتحول في هذه الحالة إلى قسوة تصل إلى أقصى درجاتها".

 ويشير الخبير يان ماتفييف إلى أن الروس لا يفهمون ما الذي يقاتلون من أجله. "الجيش الأوكراني يعرف حتى لو كان يواجه صعوبات كبيرة ويعاني من مشاكل كبيرة ما الذي يقاتل من أجله. إنه يدافع عن بلده. ومن الواضح تماماً لمعظم أفراد الجيش الروسي أن هذه جريمة حرب خطيرة وبشعة تخفي وراءها العديد من الجرائم الصغيرة وأنه يجب عليهم التعايش مع ذلك".

أعده للعربية: م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW