الاتحاد الأوروبي: إصلاح نظام الهجرة ما يزال بعيد المنال
٩ أكتوبر ٢٠٢٣
أعضاء البرلمان الأوروبي يتفقون على أمر واحد، وهو ضرورة الحد من الوفيات في البحر الأبيض المتوسط. ولكن عندما يتعلق الأمر بالعمل على التوصل إلى منهجية لتحقيق ذلك، تتباين وجهات نظرهم إلى حد كبير.
إعلان
اجتمع البرلمان الأوروبي خلال الأسبوع الماضي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية لمناقشة أحد أكثر المواضيع الشائكة في الاتحاد الأوروبي. وضغى عدم التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية إدارة أزمة الهجرة، على المناقشة التي شهدتها الجلسة العامة يوم الأربعاء (04أكتوبر/تشرين الأول).
ويحاول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات إصلاح نظامه المشترك للجوء والهجرة. وتم الاتفاق مؤخرا حول العديد من المقترحات التشريعية التي يُتوقع أن تساهم في معالجة أسرع لطلبات اللجوء على الحدود الخارجية، وتوزيع أكثر ديموقراطية للاجئين داخل دول الاتحاد الأوروبي.
طريق المفاوضات صار أوضح!
ميثاق الهجرة الجديد للاتحاد الأوروبي، مطروح للمفاوضات بين المفوضية الأوروبية وممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، لأجل العمل به، يجب على الأطراف الثلاثة التوقيع عليه.
لكن الخلاف بين الدول الأعضاء قد بدأ يتبدد، فقد أعلنت إسبانيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء المنصرم عن تحقيق انفراجة. وهو ما يمهد الطريق لبدء المحادثات مع البرلمان الأوروبي مرة أخرى.
وقالت النائبة الألمانية اليسارية، غابرييلي بيشوف (SPD)، إن هدف المجلس التشريعي هو إجراء المفاوضات والتأكيد على الحق الأساسي في اللجوء. داعية إلى إيجاد حلول مشتركة وعدم الاستسلام لـ "سم الشعبوية".
وشدد الألماني مانفريد فيبر، زعيم حزب الشعب الأوروبي (أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي)، على أن حزمة الإصلاحات هذه، ربما كانت الأكبر والأهم في الفترة التشريعية الحالية، التي تنتهي العام المقبل. وقال "إذا لم ننجح، فسيكون أمام الشعبويين مجال أكبر".
فرصة لسحب البساط من تحت أقدام اليمين المتطرف!
غالبا ما تتهم الأحزاب اليمينية المتطرفة الاتحاد الأوروبي بالفشل في إيجاد حلول فعالة لمشكلة الهجرة غير القانونية، فقد قال ماركو زاني، النائب الإيطالي عن حزب ليجا الشعبوي اليميني، إنه لم يتغير شيء على الإطلاق خلال السنوات العشر الماضية منذ وفاة أكثر من 300 شخص في حادث قارب مروع قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. فبالنسبة له، يجب منع المهاجرين من الإبحار أصلا.
بينما يرى فيليب لامبرتس، السياسي البلجيكي وزعيم حزب الخضر في البرلمان الأوروبي، الأمور بشكل مختلف. ففي نظره "الآن صار التركيز على منع المهاجرين من مغادرة بلدانهم، وتشديد الرقابة على الحدود، وسجن من يصلون إلى أوروبا، في تعاون تام مع الديكتاتوريين المستبدين".
دعوة لتضامن أكبر بين دول الاتحاد
خلال الجلسة المنعقدة في البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء (04 أكتوبر/تشرين الأول)، أثيرت مسألة التضامن أكثر من مرة خلال المناقشات، فاتفاقية دبلن تنص على تحمل الدولة التي يصل إليها اللاجئ أو المهاجر لأول مرة مسؤولية معالجة طلب لجوئه. لكن سنوات طويلة، كانت الدول الأعضاء تشكو من عدم عدالة هذا القانون، خاصة منها الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي التي تستقبل أكبر أعداد من المهاجرين يوميا.
من المفترض أن ينص اتفاق الهجرة الجديد للاتحاد الأوروبي على توزيع إلزامي عادل للمهاجرين بين الدول الأعضاء، أو أن تدفع الدول التي لا ترغب في استقبال اللاجئين تعويضا نقديا عن ذلك. لكن دولا مثل المجر وبولندا، ترفضان هذه الفكرة تماما.
النائبة البولندية في البرلمان الأوروبي ورئيسة الحكومة السابقة بياتا شيدلو، التي تنتمي إلى حزب القانون والعدالة الحاكم حاليا، قالت إن بلادها لن توافق أبدًا على استقبال المهاجرين غير القانونيين، معتبرة أيضا أن اقتراح دفع مبالغ مالية عوض استقبال اللاجئين أمر سخيف.
في نهاية الناقش، أكد نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس، على أهمية التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي. وقال إنه من الظلم سياسيا وقانونيا وأخلاقيا أن نترك دول الاتحاد الأوروبي الخمس التي لها حدود خارجية وحدها لمهمة حراسة الحدود، معتبرا أن هذه مهمة مشتركة لدول الاتحاد الأوروبي. وهناك إجماع على ضرورة الانتهاء من حزمة الإصلاحات بحلول انتخابات الاتحاد الأوروبي المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران 2024.
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو