الاتحاد الأوروبي برئاسة رومانية يواجه عام التحديات الكبرى
١ يناير ٢٠١٩تولت رومانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء(فاتح يناير كانون الثاني 2019)، وسط تساؤلات بشأن مدى
قدرتها على قيادة التكتل خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتخابات الاتحاد التي يمكن أن تعزز القوى المتشككة في بقية دول التكتل. فقد شكك رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في قدرات رومانيا على تولي لأول مرة رئاسة الاتحاد الأوروبي.
وقال يونكر في حديث لصحيفة "دي فيلت" الألمانية في عددها ليوم أمس الأول إن "حكومة بوخارست لم تدرك كليا ما معنى رئاسة دول الاتحاد" وإن كان هذا البلد "محضرا تقنيا" لتولي هذه المهام. وأضاف "العمل الحذر يستلزم أيضا الرغبة في الإصغاء إلى الآخرين والتصميم الثابت على وضع الاهتمامات الخاصة في المرتبة الثانية. لدي شكوك في هذا الخصوص". كما عبر عن تحفظات بشأن قدرة رومانيا، التي تواجه توترات سياسية وطنية حادة، على الظهور في موقع "وحدة متماسكة" في أوروبا.
وشهد العام المنتهي الكثير من الصعوبات بالنسبة للاتحاد الأوروبي أبرزها: شلل المحادثات مع لندن بشأن البريكست إلى جانب استمرار الخلافات التجارية مع الحليف الأكبر الولايات المتحدة. اضف إلى ذلك تنامي نفوذ تيار اليميني الشعبوي في عموم أوروبا مما عقد المشهد السياسي في العواصم الأوروبية، والصراع المستمر بين الاتحاد ودول أوروبا الشرقية مثل المجر وبولندا ورومانيا بسبب ضعف وتراخي مفاهيم دولة القانون فيها. وكان على زعماء أوروبا إدارة الكثير من الأزمات في عام 2018، فهل سيكون عام 2019 أسوأ؟ نعم، ولكن ليس بالضرورة.
الحدث الكبير في العام الجديد يتمثل في الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي تعتبر أكبر عملية اقتراع في العالم، حيث يتم انتخاب أكبر برلمان في العالم ديمقراطيا. كما يتم تبديل كل قيادات المؤسسات الأوروبية، بدأ من المفوضية الأوروبية ورئيسها يونكر وانتهاء بأصغر الموظفين المنتخبين فيها، مثل قيادة البنك المركزي الأوروبي. ومن الطبيعي أن التغيير لا ينهي الأزمات ولكنه يوفر فرص جديدة لبدايات قد تكون مجدية لحل الكثير من المشاكل.
توقع ارتفاع عدد المتطرفين في البرلمان الأوروبي
ومن أبرز المتغيرات في المشهد السياسي الأوروبي هي التوقعات الخاصة بزيادة عدد اليمينيين المتطرفين في البرلمان الأوروبي الذين يشكلون في البرلمان المنتهية ولايته بـ 10% ليرتفع بعد الانتخابات القادمة إلى قرابة 20% من مجموع مقاعد البرلمان. لكن اليمين الشعبوي سوف لا ينجح في أن يتحول إلى أكبر كتلة برلمانية في ستراسبورغ وبروكسل. لذلك سيكون هناك كثير من الضوضاء والضجيج ولكن دون التمكن من عرقلة عمل البرلمان الأوروبي بشكل عام.
الاتحاد الأوروبي سيكون أصغر
بخروج بريطانيا المتوقع في نهاية آذار/ مارس المقبل سيتقلص عدد دول الاتحاد الأوروبي لأول مرة منذ تأسيسه، ما يعتبر نزيفا كبيرا لقدرات الاتحاد الدفاعية، إذا ما نظرنا إلى القدرة العسكرية البريطانية وتأثيرها على السياسة الخارجية لأوروبا عموما. إلا أن اقتصاديا سيبقى الاتحاد الأوروبي قوة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها. كما أن الأضرار بالنسبة لبريطانيا هي أكبر مما هو متوقع بالنسبة لبقية دول الاتحاد. ولكن الأمر لم يحسم في بريطانيا بعد، فالطريق مازال مفتوحا أمام الخروج من البريكست والبقاء في الاتحاد الأوروبي، وفق الخلافات الحادة التي تحيط بالاتفاقية الأوروبية البريطانية في البرلمان البريطاني في لندن.
إيطاليا والشعبويون تبقى تحديا مهما
إيطاليا وحكومتها اليمينية الشعبوية ستبقى تحديا كبيرا لعمل المفوضية الأوروبية المقبلة، حيث ستواجه مشكلة تعويض خسارة بريطانيا ومساهماتها المالية لحساب ميزانية المفوضية الأوروبية، ورطة كبيرة يصعب حلها، حيث يجب على دول أخرى مثل إيطاليا وفرنسا والمانيا وبعض الدول الأوروبية دفع الفارق الناجم عن خروج بريطانيا للميزانية الأوروبية، وهو أمر صعب المنال مع حكومة يمينية شعبوية تسب وتشتم الاتحاد الأوروبي ليلة نهار، كما هو الحال الآن في إيطاليا.
الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى نبض جديد
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يشكل القطب المخالف لرافضي الاتحاد الأوروبي بين صفوف اليمينيين الشعبويين. لكن ماكرون يواجه صعوبات كبيرة في بلاده. وإذا خسر ماكرون في الصراع الجاري، فإن ذلك يشكل خسارة ايضا للاتحاد الأوروبي. وعليه يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى دعم جديد من برلين. وإذا وصل ائتلاف بين حزب الخضر والمحافظين إلى السلطة في برلين العام المقبل وبوجوه جديدة في قيادة الحكومة، فإن ذلك سيعطي الاتحاد الأوروبي زخما قويا في كل المجالات. خصوصا عندما تتوجه الأنظار إلى مجال السياسة الخارجية، حيث تنتظر الاتحاد تحديات الصراع مع روسيا إلى جانب التحديات القائمة إزاء الهيمنة الصينية في افريقيا ومحاولة الاستحواذ على التقنيات الأوربية. كل ذلك في ظل وجود رئيس دولة حليفة كبيرة تحت اسم دونالد ترامب في البيت الأبيض الذي لا يعرف سوى لغة الصفقات.
بيرند ريغيرت/ حسن ع. حسين