الاتحاد الأوروبي: تركيا تتراجع عن الديمقراطية وسيادة القانون
٨ نوفمبر ٢٠٢٣
انتقد التقرير السنوي للمفوضية الأوروبية حول مسعى تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي "التراجع الخطير" في هذه الدولة بشأن المعايير الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان واستقلال القضاء.
إعلان
ذكر تقرير المفوضية الأوروبية الخاص بمحاولات تركيا الالتحاق بالتكتل الصادر اليوم الأربعاء (الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2023) أن أوجه القصور الهيكلي في النظام القضائي التركي لا تزال على علاتها رغم إجراء عدة إصلاحات قضائية.
وقالت المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي: "ما زال الافتقار لمعايير موضوعية قائمة على الاستحقاق وموحدة ومحددة مسبقاً لتعيين وترقية القضاة والمدعين العامين مبعثاً للقلق".
ويهدف التقرير إلى تقديم إفادة محدثة بما أحرزته تركيا نحو الوفاء بمعايير عضوية الاتحاد الأوروبي، وربما يؤدي إلى توتر العلاقات التي تواجه بالفعل مشكلات بسبب قضية الهجرة، وفي الآونة الأخيرة بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.
وجرى تجميد مسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على مدى سنوات بعد أن كانت محادثات العضوية قد بدأت في 2005.
ورفضت تركيا مثل هذه الانتقادات من المفوضية خلال السنوات الماضية باعتبارها منحازة. ولم ترد وزارة الخارجية التركية حتى الآن على طلب للتعليق.
وقالت المفوضية إن تركيا لم تلتزم بمبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية في حربها على الإرهاب. وأضافت في تقريرها "يجب أن تكون إجراءات مكافحة الإرهاب متناسبة".
كما انتقد التقرير أنقرة لعدم تنفيذ حكم الغرفة الكبرى بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي دعا إلى إطلاق سراح رجل الأعمال والمعارض المعروف بنشاطه الخيري عثمان كافالا والذي ألقي القبض عليه عام 2017 بتهمة محاولته الإطاحة بالحكومة. وقالت المفوضية إن عدم الامتثال للحكم المتعلق بكافالا يظهر أن تركيا "تجنح بعيداً عن معايير حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي انضمت إليها كعضو في مجلس أوروبا".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم يعد قابلاً للتطبيق بعد الحكم على كافالا بالسجن مدى الحياة بسبب احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2013.
وأضاف التقرير أن العنف القائم على النوع الاجتماعي وخطاب الكراهية ضد الأقليات ومجتمع الميم لا يزال يثير قلقاً بالغاً.
خ.س/أ.ح (رويترز)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP