بعد محادثات طويلة، خرج قادة الاتحاد الأوروبي بالتأكيد على تأييدهم للخطة المشتركة بين الاتحاد وتركيا للحد من تدفق اللاجئين. وخرجت المباحثات بتحذيرات لدول شرق أوروبا حال لم تعمل على التصدي لأزمة اللاجئين.
إعلان
قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في وقت مبكر اليوم الجمعة (19 شباط/فبراير 2016) بعد انتهاء اليوم الأول لقمة الاتحاد الأوروبي، إن الدول الأعضاء ألقت بثقلها خلف خطة مشتركة للاتحاد وتركيا لتقييد تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
وأبلغت ميركل الصحفيين "البيان المهم بالنسبة لي اليوم هو أننا لم نعيد فقط تأكيد خطة عمل الاتحاد الأوروبي-تركيا لكننا قلنا أيضا إنها أولوية" في إشارة إلى الخطة التي تهدف لحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ووقف تدفق المهاجرين ومكافحة الهجرة غير المشروعة. وأشارت ميركل إلى أن النمسا تساند الخطة على الرغم من قرارها المنفرد لاستحداث سقوف يومية لأعداد المهاجرين. وقالت "في أوروبا نحن جميعا شركاء دائما".
في الوقت نفسه أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الليلة الماضية عن عقد "لقاء خاص" مع تركيا في بداية آذار/ مارس وذلك بعد تأكيده مجددا على أهمية العمل المشترك مع أنقرة لإنهاء أزمة المهاجرين في الاتحاد الأوروبي. وجاء إعلان توسك بعد أكثر من ست ساعات من المباحثات التي خصصت لأزمة الهجرة في القمة الأوروبية ببروكسل.
من جانبه قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر "قبل هذا الاجتماع كان هناك من يشككون في ضرورة حل أزمة اللاجئين معا مع تركيا (..) لقد أكدنا انه لا بديل عن تعاون ذكي وحكيم مع تركيا".
تحذيرات لدول شرق أوروبا
من ناحية أخرى، قال مشاركون في قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل إن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي حذر زعماء بلدان شرق أوروبا من أنها قد تحصل على أموال أقل من الاتحاد الأوروبي لمشاريع التنمية إذا لم تساعد في التصدي لأزمة اللاجئين.
ذكريات ومعاناة.. رحلة إلى ألمانيا يرويها لاجئ بصوره
فرّ الشاب السوري هشام المعضماني، البالغ من العمر 24 عاماً، من بلدته داريا بعد مجزرة نفذها النظام السوري عام 2012. رحلة اللجوء إلى ألمانيا استغرقت إجمالاً ثلاث سنوات، إلا أنه وثق مسار رحلته داخل أوروبا بصور أرسلها إلى DW.
صورة من: Hesham Moadamani
البداية
"رحلتي بدأت بطائرة من الأردن إلى اسطنبول التركية. في الأردن بقيت عامين كاملين أنتظر الفرصة وأوفر المال للسفر. لم أستطع الحصول على جواز سفر إلا بالرشوة. قبلها كنت قد دخلت الأردن، ولكن السلطات أعادتني إلى سوريا رغم الحرب والقتل، والتي بقيت فيها شهراً حتى تمكنت من دخول الأردن مرة أخرى عن طريق أحد المعارف".
صورة من: Hesham Moadamani
المجازفة بالحياة للوصول إلى أوروبا
"الخطة الخطيرة وشبه المستحيلة التي اقترحها صديق عليّ: "توفير ثمن التهريب والسباحة إلى اليونان". أردنا السباحة مسافة كيلومترين إلى جزيرة مهجورة والاستراحة فيها 15 دقيقة، ومنها كيلومتراً واحداً للجزيرة الثانية والاستراحة، وبعدها ثلاثة كيلومترات لجزيرة كيوس".
صورة من: Google/Hesham Moadamani
استعدادات لمواجهة المجهول
"اشتريت سترة نجاة وزعانف وضوء ليزر وبعض الطعام، وعدنا ننتظر حلول الليل للانطلاق. كان الماء بارداً للغاية، وعند وصولنا للجزيرة الأولى، حامت الطيور فوق رؤوسنا ظناً أننا جثث. شعرت بخوف شديد وقررت الانطلاق فوراً للجزيرة الثانية، التي تبين أنها صخرة صعبة التسلق، فأكملت وسط تيارات قوية وأمواج عاتية، إلى أن شعرت بالإرهاق الشديد، فأشرت لإحدى السفن، التي اتصلت بخفر السواحل اليوناني لينقذني".
صورة من: Hesham Moadamani
كنا محظوظين...
"علمت فيما بعد أن شباناً آخرين حاولوا نهج نفس خطتنا والسباحة إلى جزيرة كيوس، ولكنهم ضلوا الطريق في البحر وبقوا عائمين ست ساعات كاملة، قبل أن ينقذهم خفر السواحل التركي ويعيدهم إلى تركيا".
صورة من: Hesham Moadamani
سجلوني في اليونان
"بعد وصولي إلى اليونان، تم اقتيادي إلى مركز للشرطة، ومنه إلى مخيم لاستقبال اللاجئين، حيث مكثت يومين. بعدها تم تصويري وأخذت بصماتي، ومُنحت لي وثيقة (في الصورة) تعطيني الحق في البقاء باليونان لمدة ستة شهور، أطالب بعدها بمغادرة البلاد أو طلب اللجوء فيه. ولكنني – مثل جميع السوريين – حزمت أمتعتي وانطلقت إلى الشمال بعد يوم واحد من حصولي على الوثيقة".
صورة من: Hesham Moadamani
موسم الهجرة إلى الشمال
"على متن عبّارة متجهة إلى العاصمة اليونانية أثينا من جزيرة كيوس. الرحلة تستغرق عشر ساعات. من أثينا ستبدأ المعاناة الحقيقية، التي ستنتهي في ألمانيا".
صورة من: Hesham Moadamani
يورو واحد!
"عندما وصلنا إلى الحدود بين اليونان ومقدونيا، لم يُسمح لنا بالحجز على قطار أو حافلة، ما اضطرنا للمشي 25 ساعة كاملة بين الغابات وفي ظل خطر قطاع الطرق الذين يسلبون اللاجئين حتى صربيا. بعد الـ25 ساعة صادفنا قطاراً محملاً باللاجئين، وعندما أبدينا دهشتنا، قالوا لنا إنهم دفعوا يورو واحد إضافي لموظف المحطة (رشوة) كي يحجز لهم تذكرة!
صورة من: Hesham Moadamani
جسر الحياة أو الموت
"عبور هذا الجسر في اليونان مسألة حياة أو موت، ذلك أنه ضيق ولا يتسع إلا لقطار واحد دون ممر للمشاة على جانبيه. تعبره القطارات كل 20 دقيقة. لذلك كان من الضروري عبور هذا الجسر (المبني على ارتفاع شاهق فوق نهر) بسرعة فائقة. عبرناه ركضاً".
صورة من: Hesham Moadamani
استراحة لاجئ
"في الطريق من اليونان إلى مقدونيا، أصبحنا ثمانية أشخاص. كنا نمشي أربع ساعات ونرتاح ربع ساعة. في هذه الصورة ترى صديقي (أبو جمال) وهو يرتاح بجانب السكة الحديدية، التي اتخذناها معلماً لتحديد وجهتنا، بجانب جهاز الملاحة (جي بي إس).
صورة من: Hesham Moadamani
طريق طويل وشاق
"مشهد من الطريق بين اليونان ومقدونيا ... رحلة قضينا فيها 25 ساعة سيراً على الأقدام ووسط مخاطر وأهوال".
صورة من: Hesham Moadamani
في مواجهة الجيش
"بعد مسيرة طويلة على خط للسكة الحديدية، وصلنا قرب الحدود المقدونية الصربية، وهناك ركبنا سيارة أجرة نقلتنا إلى المعبر الحدودي. لم يُسمح لنا باجتياز المعبر إلى صربيا، فقررنا الانتظار حتى أرخى الليل سدوله، وقمنا باجتياز الحدود سراً. فوجئنا بتواجد الجيش الصربي في المنطقة، فاختبأنا وتسللنا على مدى خمس ساعات حتى وصلنا إلى محطة قطار في إحدى القرى الصربية".
صورة من: Hesham Moadamani
بلغراد ثم بودابست
"عقب وصولنا إلى القرية الصربية بعد مسيرة ست ساعات، قمنا بحجز تذكرة إلى العاصمة بلغراد ومنها استكملنا الطريق. لكن عندما وصل قطارنا إلى المحطة، فوجئنا بالشرطة توقفنا وتمنعنا من الصعود بدون وثيقة تسجيل لاجئين. لذلك فاتنا القطار. لكن الشرطة وجهتنا إلى قطار آخر (في الصورة) حثتنا على المبيت فيه حتى موعد انطلاقه إلى بلغراد في الثالثة صباحاً".
صورة من: Hesham Moadamani
الخطوات الأخيرة نحو الأمان
"وصلت إلى العاصمة الهنغارية بودابست لوحدي، بعد أن انفصلت عن بقية المجموعة. استأجرت غرفة في أحد الفنادق وبدأت في البحث عن مطعم أو مقهى بغرض الاتصال بشبكة الإنترنت والبحث عن سيارة تنقلني من بودابست إلى وجهتي الأخير – ألمانيا. في مساء اليوم الذي التقطت فيه هذه الصورة، عثرت على سيارة نقلتنا من المجر إلى النمسا ومنها وصلنا إلى ألمانيا في الثانية من صباح اليوم التالي".
صورة من: Hesham Moadamani
مشاعر متناقضة
"كنت أحياناً أحس أنني سائح في بودابست، وفي نفس الوقت كنت متحمساً لوصولي إلى هنغاريا، وهي المحطة قبل الأخيرة في الطريق إلى ألمانيا. مشاعر مختلطة وخوف من المجهول كان ينتابني".
صورة من: Hesham Moadamani
"سوريون؟ أهلا بكم في ألمانيا"
"في ألمانيا، أوقفتنا الشرطة على الطريق السريع. كنا 12 ( شخصاً والسائق) في سيارة كبيرة. على الفور تم اعتقال السائق، وبعدها سألنا رجال الشرطة: هل أنتم سوريون؟ وعندما أجبنا بنعم، قالوا لنا: أهلاً بكم في ألمانيا. شعرت بالسعادة تغمرني وتفيض من داخلي". (صورة من الأرشيف)
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Armer
15 صورة1 | 15
وفي خضم أسوأ أزمة للهجرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية تقف المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك في صف أشد المعارضين لخطط الاتحاد الأوروبي لنقل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى جنوب القارة إلى بلدان أخرى بالاتحاد.
ونقل مصدر يشارك في القمة عن رينتسي قوله في تعليقات أمام زعماء آخرين أثناء مأدبة عشاء امتدت إلى وقت مبكر اليوم الجمعة "أزمة الهجرة مشكلة مشتركة لكل بلدان الاتحاد الأوروبي. إذا لم تظهروا تضامنا فإن البلدان التي تقدم أكبر مساهمة في ميزانية الاتحاد ربما ستظهر قدرا أقل من التضامن معكم". وهدد رينتسي بلدان شرق أوروبا بتخفيضات في تمويلات التنمية من الاتحاد الأوروبي الموجهة إلى المناطق الأكثر فقرا في تلك الدول.
بريطانيا والاتحاد الأوروبي
أما على صعيد الموقف من بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، أكدت ميركل أن "الإرادة موجودة" للتوصل لاتفاق لإبقاء بريطانيا في الاتحاد وقالت إن زعماء الاتحاد الأوروبي يريدون التوصل لاتفاق للمساعدة في إبقاء بريطانيا في الاتحاد رغم أن مثل هذا الاتفاق سيكون صعبا لدول كثيرة. وقالت ميركل "الرغبة موجوة لإبقاء بريطانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي... أصبح واضحا أن اتفاقا لن يكون سهلا للكثيرين لكن الإرادة موجودة".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينتسي إنه أصبح أقل تفاؤلا بعد انتهاء اليوم الأول للقمة بشان إمكانية التوصل لاتفاق على شروط جديدة للعضوية لبريطانيا. وسئل رينتسي إن كان مازال يعتقد أن إتفاقا مع بريطانيا سيكون ممكنا اليوم الجمعة فأجاب قائلا "أنا دائما واثق لكنني أقل تفاؤلا مما كنت عندما وصلت (إلى اجتماع القمة)".
من جهته قال دونالد توسك إنه مازال يتعين إنجاز الكثير في المحادثات بين زعماء الاتحاد الأوروبي بشأن طلبات بريطانيا لإصلاحات لوضعها داخل الاتحاد المؤلف من 28 دولة لكن بعض التقدم تحقق في اليوم الأول للقمة. وقال توسك الذي يرأس القمة "حتى الآن حققنا بعض التقدم لكن مازال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به".