الاتحاد الأوروبي يطلق معاهدة جديدة بعد مفاوضات ماراثونية مع وارسو
٢٢ يونيو ٢٠٠٧
بعد مفاوضات ماراثونية مكثفة مع المسؤولين البولنديين، أرست الدول السبع والعشرون اليوم السبت أسس اتفاق حول معاهدة أوروبية ستحل مكان الدستور، وذلك أملا في إحياء أوروبا وطي صفحة أزمة مؤسساتية مستمرة منذ سنتين.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي جعلت من التوصل إلى اتفاق خلال هذه القمة الأولوية المطلقة للرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي إن الاتفاق "لم يكن سهلا واستغرق وقتا طويلا". وأضافت في تصريحات للصحافيين: "بطبيعة الحال قد تكون ثمة انتقادات، لكن الأهم بالنسبة لي ولنا هو الخروج من الشلل" الذي تسبب فيه رفض الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي في استفتاء العام 2005.
وينص الاتفاق الذي كان غير مضمون حتى اللحظة الأخيرة على توجيه الرئاسة البرتغالية للاتحاد دعوة لعقد مؤتمر حكومي قبل نهاية تموز/يوليو، وذلك لوضع اللمسات الأخيرة على صياغة معاهدة جديدة نهاية 2007 "على ابعد تقدير". وعلى الدول الأعضاء أن تصادق على المعاهدة لتدخل حيز التنفيذ كما هو مقرر في منتصف العام 2009.
ساركوزي وبلير يرحبان
وتبقي المعاهدة الجديدة على ما استحدثه الدستور من إجراءات لتسهيل اتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي مثل اعتماد القرارات بما يسمى بـ "الغالبية المزدوجة" وليس بالإجماع وتعزيز صلاحيات الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية وهو منصب يشغله حاليا خافيير سولانا دون أن يمنح لقب "وزير".
لكن المعاهدة الجديدة تخلت عن كل ما يمكن أن يمنح الاتحاد الأوروبي مميزات دولة مثل الرموز أو حتى عبارة دستور. ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي عاون ميركل في جهودها للتوصل إلى اتفاق وأكد أنه اضطلع بدور المحرك في المداولات مع المسؤولين البولنديين، وصف الاتفاق بأنه "نبأ سار لأوروبا ونبأ سار جدا لفرنسا".
واضاف: "اقتربنا كثيرا من القطيعة، لكن فرنسا لم تستسلم أبدا. ليس هناك من غالب وليس هناك من مغلوب وأوروبا تتقدم مجددا". وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من جهته: "المهم أن هذا سيسمح لنا بالتقدم باتجاه أمور هي في نهاية المطاف أهم".
انتقادات لميركل
لكن ساركوزي انتقد ضمنا موقف ميركل التي هددت مساء الجمعة بالدعوة دون موافقة وارسو إلى عقد مؤتمر حكومي لإعادة التفاوض بشأن المعاهدة. وأتى هذا الاقتراح بعد رفض تسوية أولى من قبل الرئيس البولندي ليش كاتشينسكي بعد التشاور مع شقيقه التوأم رئيس الوزراء ياروسلاف كاتشينكي الذي بقي في وارسو.
يشار إلى أن جولة مفاوضات دامت أكثر من ثلاث ساعات أفضت عند منتصف الليل إلى قرار بإرجاء دخول نظام التصويت الجديد في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ وهو أمر كان يطالب به الأخوان كاتشينسكي.
ويعتبر الأخوان كاتشينسكي أن هذا النظام يعطي ثقلا إضافيا لألمانيا. وبدلا من أن يطبق اعتبارا من العام 2009 فإن هذا النظام الجديد المعروف بنظام الغالبية المزدوجة الذي سيحل مكان نظام توازن الأصوات المعقد سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من العام 2014 مع مرحلة انتقالية حتى العام 2017.
وتقضي الغالبية المزدوجة بان تتخذ القرارات بغالبية 55% من أصوات الدول الأعضاء على أن تمثل هذه الدول 65% من سكان الاتحاد الأوروبي. وقالت ميركل: "أقر بأنه تنازل كبير وقد ساهمت فيه" لكن "تأجيلا لبضع السنوات ليس أسوأ شيء يمكن أن تشهده أوروبا".
وشكر الرئيس البولندي من ناحيته فرنسا وبريطانيا ل "تضامنهما". ومع أن الشقيقين كاتشينكي يقيمان علاقات صعبة مع برلين إلا أن الرئيس البولندي حيا "التصرف الودي جدا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل". وأضاف "أخذت تحفظاتنا في الاعتبار بشكل كبير. والنتائج بالنسبة لبولندا في ما يتعلق بنظام التصويت مشجعة جدا".