الاتحاد الإفريقي يدين الانقلاب ويعلق عضوية السودان
٢٧ أكتوبر ٢٠٢١
الاتحاد الإفريقي يدين بشدة الانقلاب الذي نفذه العسكريون في السودان، معلنا تعليق عضويته، داعيا إلى "الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية". وفيما جمد البنك الدولي مساعداته، التقى المبعوث الأممي للسودان بالبرهان وحمدوك.
إعلان
أعلن الاتحاد الإفريقي، اليوم الأربعاء (27 أكتوبر/تشرين أول 2021)، تعليق عضوية السودان "حتى الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنيين" التي تمّ حلّها إثر انقلاب نفّذه العسكريون.
ودان الاتحاد في بيان "بشدة سيطرة الجيش السوداني على السلطة (...) وحلّ الحكومة الانتقالية ورفض بشكل كامل تغيير الحكومة غير الدستوري" الذي اعتبره أمراً "غير مقبول" و"إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديموقراطية للاتحاد الإفريقي".
وقال الاتحاد إنه "يرحّب بالإفراج عن رئيس الوزراء" عبدالله حمدوك الذي أوقفه صباح الاثنين عسكريون وأفرجوا عنه مساء الثلاثاء، و"دعا للإفراج الكامل وغير المشروط عن جميع المعتقلين، بينهم الوزراء والمسؤولون المدنيون الآخرون".
وأعلن الاتحاد أيضاً إرسال "بعثة إلى السودان للتحاور مع كافة الأطراف بهدف إيجاد حلّ ودّي للمأزق السياسي الحالي". واتُخذت هذه القرارات أثناء اجتماع الثلاثاء لمجلس السلام والأمن المكلّف بالنزاعات والمسائل الأمنية في الاتحاد الإفريقي.
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب
وكان السودان قد تمكن من استعادة التعامل الكامل مع البنك في مارس/ آذار لأول مرة منذ ثلاثة عقود، وحصل منه على تمويل بقيمة ملياري دولار.
المبعوث الأممي يلتقي البرهان وحمدوك
في غضون ذلك قال المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك ان مبعوث الامم المتحدة للسودان الالماني فولكر بيرتس التقى البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي "قيدت حرية تنقلاته".
وأضاف خلال مؤتمره الصحافي اليومي إن فولكر بيرتس "التقى الفريق أول البرهان للبحث في التطورات الأخيرة" في السودان، ردا على أسئلة حول الانقلاب العسكري.
وقال دوجاريك أن بيرتس "أكد له" (البرهان) على التطورات التي تطالب بها الأمم المتحدة وهي "العودة إلى العملية الانتقالية" بموجب الوثائق الدستورية و"بالطبع الإفراج الفوري عن جميع الذين اعتقلوا تعسفيا".
وقال أيضا إن المبعوث الأممي أتيحت له "الفرصة منذ بعض الوقت للقاء رئيس الوزراء حمدوك في مقر إقامته حيث لا يزال تحت الحراسة"، مشيرا إلى أن حمدوك "قيد الإقامة الجبرية نوعا ما. ليس حرا في التحرك ويجب أن يكون حرا" دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل عن المحادثات مع البرهان حمدوك.
وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين حل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ. كما تضمنت قراراته حل جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية. وندّد المجتمع الدولي بسيطرة الجيش على السلطة.
ويشار إلى أنه سبق وأن علّق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان في حزيران/يونيو 2019، بعد سقوط عمر البشير، قبل أن يعيده بعد ثلاثة أشهر إثر إعلان عبدالله حمدوك تشكيل حكومة جديدة.