الاحتجاجات في تونس تتواصل: المعارضة تصعد والحكومة تهدئ
٩ يناير ٢٠١٨
تواصلت الاحتجاجات في العديد من المناطق التونسية ضد إجراءات التقشف التي اعتمدتها الحكومة أخيرا، وفيما أكدت الحكومة استعدادها للاستماع للمطالب المحتجين، دعت المعارضة إلى استمرار الاحتجاج حتى إلغاء تلك الإجراءات.
إعلان
مسائية DW : اتساع رقعة التظاهرات في تونس
23:39
تجددت الصدامات مساء الثلاثاء (التاسع من يناير/ كانون الثاني 2018) في تونس، لا سيما في طبربة غرب العاصمة تونس حيث توفي رجل أمس خلال مواجهات ليلية على هامش احتجاجات شعبية ضد إجراءات التقشف التي اعتمدتها الحكومة أخيرا، وبعد سبع سنوات على الثورة التي أرست نظاما ديموقراطيا في البلاد. ونزل مئات الشبان إلى الشوارع في طبربة حيث انتشرت تعزيزات كبيرة من القوى الأمنية والعسكرية التي ردت على رشقها بالحجارة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع، حسبما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
وفي العاصمة تونس، قال شاهد إن الشرطة التونسية أطلقت الغاز المسيل للدموع اليوم الثلاثاء على متظاهرين في اقتحموا متجرا لكارفور خلال احتجاجات جرت مساء اليوم. وقال سكان إن الشرطة اشتبكت أيضا مع محتجين في منطقتين بتونس.
كما شهدت مناطق أخرى فقيرة في القصرين وجلمة القريبة من سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية أواخر عام 2010 وبداية "الربيع العربي"، صدامات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع ورشقا بالحجارة. في سيدي بوزيد (وسط)، تم إغلاق طرق بالإطارات ورشق بالحجارة أيضا، كما أفاد مراسل لفرانس برس.
تحاول الحكومة فرض إجراءات تقشفية لكن التونسيون يرفضونها
02:02
This browser does not support the video element.
والثلاثاء تم تشريح جثة الرجل البالغ من العمر 45 عاما الذي نقل إلى مستشفى بعد إصابته أثناء مشاركته في تظاهرة الاثنين، لتحديد أسباب وفاته. ونفت وزارة الداخلية ما تم تداوله بأن الرجل قتل بأيدي الشرطة، مؤكدة عدم وجود أي آثار عنف عليه. وقال الناطق باسمها العميد خليفة الشيباني إن الرجل كان يعاني من مشاكل "ضيق تنفس".
وقال رئيس الوزراء يوسف الشاهد لإذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة "البارحة ليلا، لم نر احتجاجات. البارحة رأينا أناسا يكسّرون ويسرقون ويعتدون على التونسيين". وأضاف "في الديموقراطية ليست هناك احتجاجات بالليل. حق التظاهر مضمون في الدستور، والحكومة مستعدة للاستماع، لكن أي شخص... يجب ان يتظاهر بطريقة سلمية". وأشار إلى أنّ الحكومة ستطبّق القانون على المخربّين وعلى من يقومون بتحريضهم، مشدّدا على أنّ الدولة تحمي المتظاهرين السلميين.
وتأتي هذه الحوادث على خلفية مطالب اجتماعية في تونس وخصوصا احتجاجا على إجراءات تقشف دخلت حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير، وتتضمن زيادة على ضريبة القيمة المضافة وضرائب جديدة.
هذا فيما دعا حزب المعارضة الرئيسي في تونس الثلاثاء إلى مواصلة الاحتجاجات إلى أن تلغي الحكومة قانون المالية الذي وصفه بـ "الجائر" الذي يشمل زيادة الأسعار والضرائب. وقال حمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس "اليوم لدينا اجتماع مع أحزاب معارضة أخرى لتنسيق تحركاتنا ولكننا سنبقى في الشارع وسنزيد وتيرة الاحتجاجات حتى نسقط قانون المالية الجائر الذي يستهدف خبز التونسيين ويزيد معاناتهم". وأضاف أن الحكومة تستهدف بشكل غير عادل الطبقات الفقيرة والوسطى.
وفي زيادة للضغط على الحكومة نقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي قوله اليوم الثلاثاء إنه حث الحكومة على "زيادة استثنائية عاجلة" للحد الأدنى للأجور ومساعدات الأسر الفقيرة في غضون أسبوع.
ي.ب/ أ.ح (ا ف ب، رويترز)
الربيع العربي- انتكاسة يتخللها بريق أمل
في الذكرى الخامسة لما عُرف إعلاميا بالربيع العربي، والذي انطلق من تونس وامتد إلى مصر وليبيا وسوريا والبحرين فاليمن، تقرع موجات اللاجئين والنازحين المليونية أبواب الإنسانية. حصيلة العام الخامس "للربيع العربي" في صور.
صورة من: Reuters/P. Hanna
بدأت احداث "الربيع العربي" في تونس بمدينة سيدي بوزيد بعد أن احرق الشاب محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على مصادرة عربته مصدر رزقه، فخرج الشباب والعاطلون عن العمل وعمال النقابات متظاهرين محتجين ونجحوا في وقت قياسي في اسقاط حكومة زين العابدين بن علي الذي فرّ من البلد الى السعودية .
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
ارسى التغيير في تونس ديمقراطية ودستورا جديدا شاركت في صياغته مختلف القوى السياسية. ونجحت القوى الإسلامية متمثلة بحزب النهضة بالفوز في الانتخابات التشريعية لكنها فشلت في تحقيق مطالب الشعب. وفي انتخابات 2014 نتحقق التغيير الديمقراطي وفازت أحزاب جديدة في البرلمان، رغم ذلك ما زالت فئات كبيرة من الشعب ترى أنها لم تنل أي نصيب من "الكعكة الديمقراطية".
صورة من: DW/S. Mersch
أراد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2011 الاحتفال بيوم الشرطة التقليدي ومنع التظاهرات خوفا من شرارة قد تقود إلى انتفاضة ضد حكمه، رغم ذلك خرجت تظاهرات حاشدة عمت مدن مصر ونادت بإسقاط نظام حكم مبارك الذي تربع على راس هرم السلطة لثلاث عقود.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
التغير في مصر أوصل "الإخوان المسلمين" ومحمد مرسي إلى الحكم، لكن فئات كبيرة من الشعب استاءت من تعامل "التنظيم الإسلامي" مع السلطة وخرجوا بالملايين مدعومين من الجيش مطالبين بإسقاط "حكم الإخوان". البعض عد ذلك "نكسة للديمقراطية" فيما وصفه آخرون بـ"العملية التصحيحية".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Khalil Hamra
مر الربيع العربي في ليبيا بشكل مختلف تماما عن تونس ومصر، إذ لم تستطع القوى المدنية إنهاء حكم معمر القذافي الذي قمع الثورة بشتى الطرق، وسرعان ما تحولت الثورة بعد ذلك إلى صراع مسلح تمكن فيه "الثوار" بمساعدة قوات الناتو من قتل القذافي واسقاط نظامه، لكنهم عجزوا بعدها عن الاتفاق على نظام بديل.
صورة من: DW/E. Zouber
العملية الديمقراطية في ليبيا بدأت وما زالت متعثرة حتى اليوم رغم الاتفاقات الكثيرة التي حصلت بين الأطراف المتصارعة. ومنذ صيف عام 2014 تتنافس حكومتان إحداهما في طرابلس والأخرى في الشرق على إدارة البلد. وفي تطور جديد أعلن المجلس الرئاسي الليبي هذا الشهر عن تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة، في إطار خطة الأمم المتحدة لتوحيد الفصائل المتناحرة في ليبيا.
صورة من: imago/Xinhua
"الربيع العربي" ربيع الشباب في اليمن، انطلق في شباط/ فبراير 2011، مطالبا بإنهاء حكم علي عبد صالح الذي استمر لأكثر من ثلاثين عاما. وبعد ضغط محلي وخليجي كبير وافق صالح على تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي وغادر اليمن في كانون الثاني/ يناير 2012.
صورة من: picture-alliance/dpa
نفي علي عبد ألله صالح من اليمن لم ينه نفوذه في البلد. وبقيت فئات من الشعب والجيش موالية له عشائريا وسياسيا. في 2015 نجح "الثوار" الحوثيون وبالتعاون مع قوات موالية لصالح في نزع السلطة من الرئيس هادي، ما جعل دول الخليج وبقيادة السعودية تدخل حربا مباشرة لإعادة السلطة لهادي.
صورة من: Reuters/K. Abdullah
تظاهرات الربيع العربي بدأت سلمية في سوريا في مارس/ آذار 2011 مطالبة بإنهاء سلطة حزب البعث و حكم عائلة الأسد المستمر منذ عام 1971. لكن بشار الأسد واجه "التظاهرات" بإصلاحات "شكلية" تضمنت منح الأكراد بعض الحقوق ورفع حالة الطوارئ وتشكيل حكومة جديدة، فيما واصل قمعه للمحتجين وبدأ بشن عمليات عسكرية ضدهم.
صورة من: dapd
بعد أشهر من الاحتجاجات اتخذ الربيع العربي في سوريا منحى آخر وأصبح البلد يعج بكثير من الفصائل المسلحة التي فشلت في توحيد صفوفها ضد النظام. الفراغ الأمني والسياسي في سوريا هيأ الأجواء لتنظيمات مسلحة ذات توجهات إسلامية إيدلوجية متطرفة، مثل تنظيم "داعش"و" النصرة" للسيطرة على مناطق واسعة من البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Aboud
في البحرين بدأت الاحتجاجات في شباط / فبراير 2011 في ساحة اللؤلؤة ونادت بتغييرات سلمية وإصلاحات سياسية لصالح الأغلبية الشيعية في البلد وإنهاء سيطرة العائلة المالكة على الحكم وسلطة مجلس الوزراء التابع لها، ما أثار حفيظة دول الخليج وخاصة السعودية فأرسلت قوات تحت مظلة قوات درع الجزيرة وقمعت الحركة، لكن الاضطرابات ما زالت تتفجر من وقت لآخر.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد مرور خمسة أعوام على " الربيع العربي" لم يتبق من هذا التغيير إلا بعض النقاط المضيئة، كما في التجربة التونسية وبعض الامتيازات للشباب في مصر. اما ليبيا واليمن وسوريا والبحرين فما زالت ابعد ما تكون عن الاستقرار، والمستقبل فيها يبدو بلا افق مضيء. نتاج الربيع العربي قوافل من النازحين ، وملايين اللاجئين يتدفقون على اوروبا والمانيا على وجه الخصوص.