1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاستثمار الزراعي في الدول الفقيرة - استعمار جديد أم شراكة متبادلة؟

٨ ديسمبر ٢٠٠٩

تحاول العديد من الدول الغنية ضمان أمنها الغذائي بواسطة استثمارات خارجية وشراء أو تملك أراضي زراعية في دول فقيرة تعاني نفسها من أزمات غذائية دائمة. ظاهرة يعتبرها البعض شكلا من أشكال الإستعمار، والبعض الآخر شراكة متبادلة

هل يصبح القمح سلاح المستقبل؟صورة من: AP

لا يملك بيكيلي تولو القاطن في قرية تيفيقي الصغيرة الواقعة في ولاية أوروميا، أكبر ولاية في إثيوبيا، وكالعديد من سكان منطقته، مهنة مستقرة. لكن الأمر لم يكن كذلك في الماضي القريب كما يقول "كنت أمتلك أربعة حقول في السابق، لكنهم أخذوها مني ولم يعطوني أي تعويض عنها". المزارع، أو بالأحرى المزارع الأسبق، بيكيلي تولو فقد حقوله حينما جاءت شركة هولندية كبيرة سنة 2005 إلى قرية تيفيقي لإنشاء مزرعة ورود مخصصة للتصدير نحو أوروبا والدول الغنية الأخرى. ولأن الشركة الهولندية كانت تحتاج للأرض الزراعية الخصبة، قامت الحكومة المحلية بسلبها من المزارعين الصغار أمثال بيكيلي تولو، لمنحها للشركة المستثمرة.

قضية بيكيلي تولو لا تنحصر فقط في حدود قريته الصغيرة، أو حتى ولاية أورومبيا الشاسعة. فقضيته مرتبطة بشكل مباشر بالعولمة، مثله كمثل الملايين من المزارعين الصغار في إثيوبيا والسودان وأنغولا وماليزيا وأوكرانيا وغيرها من الدول الفقيرة التي لديها أراضي خصبة شاسعة، لكنها لا تملك الوسائل والبنيات التحتية الضرورية لإنشاء قطاع زراعي محلي قادر على المنافسة في السوق العالمي.

استثمار أم استعمار؟

لقد أصبحت هذه الدول في السنوات الأخيرة مسرحا لتسابق دول أخرى على شراء الأراضي فيها. ورغم عدم وجود أرقام دقيقة لقياس المساحات المعنية، إلا أنها تصل حسب تقديرات الخبراء ما بين 15 و 20 مليون هكتار تم شراؤها، أو ما تزال موضع مفاوضات. وهذا ما جعل بعض المراقبين يصفون هذه الظاهرة بـ "الاستعمار الجديد"، لكون المستثمرين ليسوا فقط أشخاصا أوشركات خاصة، وإنما غالبا ما تدخل هذه الاستثمارات في إطار برامج حكومات الدول المستثمِـرة التي تقوم أحيانا بشراء الأراضي بنفسها أو بتقديم الدعم لمواطنيها الذين يرغبون في ذلك. وتأتي الصين وكوريا الجنوبية وليبيا والمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي الأخرى على رأس قائمة الدول المستثمِـرة.

هل تساهم الإستثمارات الزراعية الأجنبية في رفع المحصول العالمي بإدخال تقنيات حديثة؟صورة من: AP

من ناحيتها ترى المملكة العربية السعودية في الاستثمار الزراعي الخارجي رافدا من روافد تأمين احتياجاتها الغذائية، كما أكد الدكتور عبد الله العبيد، وكيل وزارة الزراعة السعودية، في حديث لدويتشة فيلة وقال "المملكة كغيرها من الدول حريصة على تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع السعودي". وتحاول السعودية منذ أوائل الستينيات من القرن الماضي إنشاء قطاع زراعي يقدر على تحقيق نسبة من الاكتفاء الذاتي للمملكة. لكن قلة الموارد المائية وانفتاح الأسواق العالمية دفع المسئولين السعوديين إلى البحث عن وسائل أخرى لضمان الأمن الغذائي. وهكذا تم تشكيل فريق عمل في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 يتولى وضع الخطط والإستراتيجيات الزراعية في الخارج ودعم المستثمرين السعوديين الذين يرغبون في القيام بهذا النوع من الاستثمار. كما تم تأسيس صندوق دعم برأسمال قدره 800 مليون دولار.

مجازفة ليس إلا؟

إثيوبيا تملك أخصب الأراضي في العالم، لكن البلد عرف أزمات غذائية عديدة. أشدها كانت في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي.صورة من: AP

ويرى الدكتور محمد القنيبط، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، أن المملكة العربية السعودية لا تحتاج لمثل هذه الاستثمارات، والتي اعتبرها في حديث لدويتشة فيلة أنها مجازفة لن تساهم بالضرورة في ضمان الأمن الغذائي للسعودية. وعلل القنيبط ذلك بأن الدول المُستثمر فيها لن تسمح بتصدير المواد الغذائية في حال حصول أزمة غذائية هناك. كما شكك في الفعالية الاقتصادية لهذه الاستثمارات، حيث أن السعودية ستضطر في كل الأحوال إلى شراء القمح أو مواد غذائية أخرى مثلا في الأسواق العالمية وبالسعر العالمي. ويرى أن الحل المثالي هو استيراد السلع التي يحتاجها الشعب السعودي، ما دامت المملكة العربية تتوفر على مستوى عال من الدخل القومي يسمح لها بتأمين احتياجاتها في الأسواق العالمية. كما أن الاستثمارات الزراعية في الدول الفقيرة وما يرتبط بها من إشكاليات نزع الأراضي للمزارعين المحليين أو "الاستيلاء" على مصادرهم الزراعية، فتجلب في نظره للمملكة دعاية سلبية هي في غنى عنها.

لكن السعودية تتفق تماما مع هذه الانتقادات، كما أكد وكيل وزارة الزراعة، الدكتور عبد الله العبيد، الذي أكد في الوقت ذاته أن السعودية تهدف من خلال هذه الاستثمارات أيضا زيادة الإنتاج الزراعي العالمي. وهذا ما قد يساهم في حل الأزمة الغذائية العالمية من خلال استغلال الفرص الطبيعية المتاحة في الدول الفقيرة. وأوضح أن السعودية تهتم بالدرجة الأولى بإنتاج المواد الغذائية هناك، وليس كما هو الحال عليه بالنسبة لدول أخرى التي تسعى من خلال المجال الزراعي إلى إنتاج طاقة بديلة عن الطاقة الأحفورية، ما يشكل منافسة للمواد الغذائية.

مساهمة في تجاوز الأزمة الغذائية؟

لكن الاستثمارات السعودية الخارجية سوف تمكن أيضا الدول المُستثمر فيها من زيادة إنتاجها الزراعي المحلي حسب الدكتور عبد الله العبيد. أما بالنسبة لإشكالية سلب الأراضي من الفلاحين الصغار فهو يرى أنه من المهم بالنسبة للسعودية أن يتم استغلال الأراضي في الدول المستثمر فيها بطريقة عادلة وشرعية.

الدول المستثمر فيها هي من الأفقر في العالم. كما هو الحال بالفليبين مثلا.صورة من: picture-alliance/dpa

بيكيلي تولو وبقية المزارعين الآخرين ما زالوا ينتظرون أن توفي حكومتهم المحلية بمنحهم فرص عمل في مزرعة الورود. ما وفيما يزال مزارعو إثيوبيا ينتظرون أن تفي الدولة والمستثمرون بوعدهم بتحسين القطاع الزراعي، يقف مستثمرون آخرون طابورا في انتظار الحصول على أراضي إضافية، إذ أعلنت الحكومة الإثيوبية عزمها بيع ثلاثة ملايين هكتار إضافية من الأرض الأكثر خصوبة في القارة الإفريقية.

الكاتب: خالد الكوطيط / تاديسي إنغيداو - آديس أبابا

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW