ألمانيا ـالاستخبارات الداخلية تصنف حزب البديل "كيانا متطرفا"
٢ مايو ٢٠٢٥
صنف المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية الألمانية) في ألمانيا اليوم الجمعة (الثاني من مايو/أيار 2025) حزب "البديل من أجل ألمانيا" -اليميني الشعبوي- بأكمله كيانا متطرفا يهدد الديمقراطية، وهي خطوة تمكن المكتب بشكل أفضل من مراقبة الحزب الذي حل ثانيا في الانتخابات الاتحادية التي جرت في فبراير/شباط 2025.
ومن شأن هذا التصنيف أن يسهل على السلطات استخدام أساليب سرية لمراقبة الحزب، مثل تجنيد مخبرين سريين واعتراض الاتصالات. وقد تعيق الوصمة الجَمعية -بالإضافة إلى قيود مفروضة على التوظيف في الخدمة المدنية- قدرة الحزب على استقطاب أعضاء. وكان "حزب البديل من أجل ألمانيا" -الشعبوي اليميني المتطرف والمناهض للهجرة- قيد التحقيق من قِبل جهاز الاستخبارات الداخلية لعدة سنوات، وسبق أن صُنفت عدة فروع محلية له على أنها مجموعات يمينية متطرفة.
من جهته انتقد نائب رئيس حزب "البديل من أجل ألمانيا" شتيفان براندنر بشدة تصنيف الهيئة الاتحادية لحماية الدستور
(الاستخبارات الداخلية) لحزبه باعتباره حزب يميني متطرف بصورة مؤكدة. وقال النائب في البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) اليوم الجمعة: "هذا القرار، المرتبط بتعليمات، الذي اتخذته الهيئة الاتحادية لحماية الدستور هو محض هراء ولا علاقة له بالحق والقانون على الإطلاق، وهو قرار سياسي بحت".
ومع ذلك، ذكر براندنر أنه كان من المتوقع صدور "إجراء غير عادل ضد قوة المعارضة الوحيدة". ووصف براندنر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عملية إعادة التقييم، التي أجريت تحت قيادة وزيرة الداخلية المنتهية ولايتها، نانسي فيزر، بأنها "تفتقد للسيادة".
مفاهيم العرق والأصل واستبعاد المسلمين
وقال المكتب الاتحادي لحماية الدستور في بيان "المفهوم السائد للشعب داخل الحزب، القائم على العرق والأصل، لا يتوافق مع النظام الديمقراطي الحر". وأضاف "يهدف هذا إلى استبعاد فئات سكانية بعينها من المشاركة على قدم المساواة في المجتمع وإخضاعها لمعاملة تنتهك الدستور وبالتالي منحها صفة التبعية قانونا". وأعلن جهاز الاستخبارات الداخلية أنه قرر تصنيف الحزب بأكمله نظرا لوجود حالات عديدة حاول فيها الحزب "تقويض النظام الديموقراطي الحر" في ألمانيا.
وأوضح المكتب أن حزب البديل من أجل ألمانيا لا يعتبر المواطنين الألمان من أصول مهاجرة من دول ذات أغلبية مسلمة أعضاء متساوين في الشعب الألماني. وقال إن هذا النهج أدى إلى "التشهير والتشويه" لأفراد وجماعات، وتسبب في إثارة "مخاوف غير عقلانية وعدوانية تجاههم". ويأتي هذا القرار قبل أيام من أداء المستشار الألماني المنتخب فريدريش ميرتس اليمين الدستورية مستشارا جديدا لألمانيا ووسط نقاش محتدم حول كيفية التعامل مع حزب البديل من أجل ألمانيا في البرلمان الجديد.
فاز الحزب بعدد قياسي من المقاعد، مما يتيح له من الناحية النظرية رئاسة عدد من اللجان البرلمانية الرئيسية، على الرغم من أنه سيظل بحاجة إلى دعم أحزاب أخرى. وقال محللون إن القرار ينذر بزيادة الدعم لحزب البديل من أجل ألمانيا وخطابه القائل إنه يتعرض للتهميش من قبل "زمرة" من الأحزاب الراسخة. وتصدر الحزب عدد من استطلاعات الرأي في الأسابيع القليلة الماضية. وكانت بعض فصائل حزب البديل من أجل ألمانيا، مثل منظمة الشباب، مصنفة على أنها متطرفة بالفعل، بينما صنف الحزب ككل على أنه حالة يشتبه في تطرفها في عام 2021.
المستشار شولتس يحذر من التسرع في حظر حزب البديل
وعلى الرغم من تصنيف الاستخبارات الداخلية الألمانية حزب "البديل من أجل ألمانيا" على أنه حزب يميني متطرف بشكل مؤكد، حذر المستشار الألماني المنتهية ولايته أولاف شولتس من اتخاذ إجراءات متعجلة لحظر الحزب. وقال شولتس المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في مؤتمر الكنيسة البروتستانتية في هانوفر اليوم الجمعة: "أعتقد أن هذا أمر لا يمكن التسرع فيه"، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية العليا رفضت جميع الطلبات الأخيرة لفرض حظر على الحزب، وقال: "أنا ضد اتخاذ قرار متسرع" في هذا الشأن.
وذكر شولتس أنه تم الإعداد لتصنيف حزب البديل من أجل ألمانيا من قبل الهيئة الاتحادية لحماية الدستور بعناية فائقة، وقال: "الصفحات العديدة تحتاج الآن لأن يقرأها العديد من الأشخاص". وعندما سئل عن إنْ كان صعود حزب البديل من أجل ألمانيا قد ألقى بظلاله على فترة مستشاريته، قال شولتس: "هذا يثقل كاهلي كمواطن، وكمستشار، وكعضو في البرلمان الاتحادي (بوندِسْتاغ)".
وزيرة الداخلية الألمانية فيزر تؤكد استقلالية القرار
من جانبها أكدت وزيرة الداخلية الألمانية المنتهية ولايتها نانسي فيزر أن الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) اتخذت بصورة مستقلة قرارها الخاص بتصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا" على أنه حزب يميني متطرف مؤكد. وقالت فيزر في بيان: "الهيئة الاتحادية لحماية الدستور لديها تفويض قانوني واضح لمكافحة التطرف وحماية ديمقراطيتنا"، مضيفة أن الهيئة تعمل بصورة مستقلة، موضحة أن التصنيف الجديد جاء نتيجة لمراجعة شاملة، والتي تم تسجيل نتائجها في تقرير مكون من 1100 صفحة، مؤكدة أنه لم يكن هناك أي تأثير سياسي على التقرير الجديد.
وأشارت الوزيرة إلى أن هناك محاكم أكدت في السابق تقييم الحزب باعتباره حالة يشتبه في تطرفها اليميني، مؤكدة أن التقييم الجديد سوف يخضع أيضا لمراجعة محاكم مستقلة. وقد استندت هيئة حماية الدستور في تقييمها الجديد في المقام الأول إلى مفهوم الشعوب السائد داخل الحزب، والذي لا يركز على الجنسية ولكن على الأصول.
"البديل" ينتقد تصنيفه حزبا يمينيا متطرفا
وسارع حزب "البديل" إلى انتقاد القرار معتبرا ذلك "ضربة موجعة" للديمقراطية، وتعهد برفع دعوى قضائية. وقال زعيما الحزب أليس فايدل وتينو كروبالا في بيان إن "حزب البديل من أجل ألمانيا، كحزب معارض، يتعرض الآن لتشويه سمعته وتجريمه علناً"، معتبرين أن القرار "له دوافع سياسية واضحة".
وانتقد شتيفان براندنر نائب رئيس حزب "البديل من أجل ألمانيا" -الشعبوي اليميني المتطرف- بشدة تصنيف الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) لحزبه باعتباره حزب يميني متطرف بصورة مؤكدة. وقال النائب في البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) اليوم الجمعة: "هذا القرار، المرتبط بتعليمات، الذي اتخذته الهيئة الاتحادية لحماية الدستور هو محض هراء ولا علاقة له بالحق والقانون على الإطلاق، وهو قرار سياسي بحت".
ومع ذلك، ذكر براندنر أنه كان من المتوقع صدور "إجراء غير عادل ضد قوة المعارضة الوحيدة". ووصف براندنر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عملية إعادة التقييم، التي أجريت تحت قيادة وزيرة الداخلية المنتهية ولايتها، نانسي فيزر، بأنها "تفتقد للسيادة".
ومن المقرر أن تسلم فيزر المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي منصبها إلى خليفتها ألكسندر دوبرينت (من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) الأسبوع المقبل. وعندما سئل عن إنْ كان حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي كان مصنفا في السابق على أنه حالة اشتباه تتعلق بالتطرف اليميني، سيتخذ إجراء قضائيا ضد التصنيف الجديد، أجاب براندنر بأن المجلس التنفيذي الاتحادي للحزب سيعقد اجتماعه الدوري يوم الإثنين المقبل، مضيفا أنه يفترض أنه سيجرى مناقشة هذا الأمر خلال الاجتماع.
غير أن وزيرة الداخلية فيزر أكدت أن الهيئة الاتحادية لحماية الدستور اتخذت بصورة مستقلة قرارها الخاص بتصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا" على أنه حزب يميني متطرف مؤكد. وقال جهاز الاستخبارات إن حزب البديل من أجل ألمانيا وبشكل خاص، لا يعتبر المواطنين الألمان من أصول مهاجرة من دول ذات كثافة سكانية مسلمة كبيرة، "أعضاءً متساوين في الشعب الألماني". وتابع أن "ذلك يتجلى في كثرة التصريحات المعادية للأجانب والأقليات والمسلمين والإسلاموفوبية التي يدلي بها مسؤولون بارزون في الحزب".
تحرير: ح.ز/م.س