لا يزال غيرهارد شرودر متمسكا بموقفه القاضي بأحقيته بمنصب المستشار. ففي معرض رده على سؤال للقناة الأولى للتلفزيون الألماني يتعلق باحتمال تخليه عن منصب المستشار صرح شرودر بالقول: " ليس هناك أي مبرر لتغيير موقفي، فقط لمجرد وجود بعض الأصوات االتي تمارس ضغوطاً من أجل ذلك في وسائل الإعلام وفي صفوف الحزب المسيحي الديمقراطي." وأضاف شرودر أنه فقط حينما يتم الاتفاق بين اتحاد الحزبين المسيحيين والحزب الاشتراكي الديمقراطي على تشكيل ائتلاف بينهما، سيتم الحديث عن الشخص المؤهل ليقود هذا الائتلاف. وأعرب المستشار عن ثقته بإيجاد حل لهذه المسألة التي يحاول البعض أن يصورها وكأنها نهاية الطريق.

بالمقابل مازال المسيحيون الديمقراطيون يصرون على الاعتراف بأحقيتهم بمنصب المستشار قبل الشروع بالتفاوض حول البرامج والسياسات. ففي تصريح له لوكالة الأنباء الألمانية (DPA) صرح فولكر كاودر، الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي قائلا: "يجب أن يكون واضحا للجميع أن الحزب الحاصل على أغلبية الأصوات هو الحزب الذي يملك الحق بمنصب المستشار. وإذا لم يتم الاتفاق على هذه القضية، فان مسألة التفاوض على تشكيل الائتلاف المذكور مضيعةً للوقت." ولم يترك كاودر مجالا للشك بأن حزبه لن يتنازل عن أنجيلا ميركل كمرشحة للمنصب، وان ذلك شرط لن يتم التنازل عنه.

خطة تناوب السلطة

في هذه الأثناء رفض المسيحيون الديمقراطيون رفضا باتا فكرة التناوب على شغل منصب المستشار (سنتين لشرودر ومثلها لميركل) وهو ما يعرف "بالنموذج الإسرائيلي"، في إشارة الى تناوب شمعون بيرس ويتسحاق شامير على منصب رئاسة الوزراء في الثمانينات. وقد كرر هذا الرفض كل من كريستيان فولف رئيس حكومة ولاية سكسونيا السفلى ورولاند كوخ رئيس حكومة ولاية هيسن. وينتظر الزعيمان الإقليميان الطموحان في الظلال تحسبا لتعثر ميركل التي أضعفتها بالفعل نتائج الانتخابات غير الحاسمة. وقال فولف لصحيفة بيلد ام تسونتاج بشأن القبول بشرودر مستشارا "هذه فكرة سخيفة. لن نوافق على ائتلاف كبير بأي ثمن." كما حاول كوخ، الذي ذُكر اسمه مع فولف كمرشحين لمنصب المستشار بدلا من ميركل، مواصلة الضغط بقوة على شرودر وأيضا على ميركل بطريقة غير مباشرة. وقال كوخ لمجلة فوكوس الإخبارية: "قبل أن نتمكن من المضي قدما نحو محادثات تشكيل ائتلاف يجب أن يكون واضحا أن منصب المستشار من حقنا نحن." وكان يوهانس كارس عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي أول من اقترح خطة تناوب السلطة "لأنها أفضل طريقة لإنهاء حالة الجمود."، حسب رأيه.

بطاقة صفراء لشرودر

فسر المراقبون والمحللون دعوات بعض الشخصيات الهامة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي المتعلقة بضرورة التركيز على تشكيل ائتلاف كبير بين المحافظين والاشتراكيين قبل تحديد هوية المستشار على أنه بداية تراجع الاشتراكيين عن التمسك بشرودر وان ذلك بمثابة إشهار "للبطاقة الصفراء " في وجهه. كورت بيك، رئيس وزراء راينلاند ـ بفالس وفي نفس الوقت النائب الأول لرئيس الحزب، صرح علانية وبلا غموض أن الأولوية لتشكيل الائتلاف، وانه يتصور أن "هذا الائتلاف يمكن أن يرى النور بدون شرودر." رئيس وزراء ولاية برلين، كلاوس فوفيرايت (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، كان قد ألمح في وقت سابق إلى أنه "يمكن التغلب على عقدة الأشخاص في إطار حل مرض للطرفين، وانه لا يستبعد أن يتشكل ائتلاف بدون شرودر." هذه المواقف دفعت الشخصيات الموالية لشرودر في الحزب إلى الخروج عن صمتها والتعبير عن تمسكها بالمستشار. ريناتا شميدت، وزيرة الأسرة في حكومة شرودر، عبرت في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية عن "دهشتها الشديدة" من تصريحات بعض قيادات الحزب التي تولد الانطباع "بأن المسألة هنا تتعلق بأشخاص وبمكاسب شخصية فقط." ورفضت الوزيرة مطالب المسيحيين الديمقراطيين بشغل منصب المستشار قائلة: "لن يقبل حزبها بأن يكون شريكا صغيرا تُمرر من خلاله سياسات المستشارة ميركل"، مضيفة "لقد أدلى الناخبون يوم الأحد الماضي (18 سبتمبر/أيلول) بصوتهم وقالوا بشكل لا يقبل التدويل لا لبرنامج ميركل الانتخابي."

ومن المنتظر أن يعقد المحافظون المسيحيون والاشتراكيون الديمقراطيون يوم الأربعاء القادم جولة جديدة من مباحثات "جس المواقف". ووفقا لوكالة الأنباء الألمانية سيكون اللقاء هذه المرة موسعا يضم الأمناء العامين للحزب إلى جانب رئاسة الحزب ونائب الرئيس. إلا أن كل التوقعات تشير إلى استبعاد حدوث اتفاق بين الطرفين قبل الانتهاء من إدلاء الناخبين في إحدى الدوائر الانتخابية في ولاية سكسونيا باصواتهم، التي تأجل فيها التصويت إلى الثاني من أكتوبر/تشرين أول بسبب وفاة أحد المرشحين.

ناصر شروف / دويتشه فيله