سيتمكن أكثر من مليون شاب في ألمانيا من التصويت في الانتخابات الأوروبية بعد خفض سن التصويت، فهل هذه خطوة متأخرة؟ أم مجرد بداية؟
إعلان
عندما يستقل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً القطار في ألمانيا هذه الأيام، فإنهم يلاحظون وجود العديد من الملصقات على الرصيف، وهي، إلى حد ما، مخصصة لهم فقط، على سبيل المثال لا الحصر: "استعد لأول مرة". والهدف هو تشجيع الشباب على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأوروبيةيوم التاسع من حزيران/يونيو القادم. وقد جاءت الفكرة عن طريق ثلاثة من طلاب التصميم الإعلامي، مايا شتاينباخ وماريا فيكتوريا يونكر وفابيان نافارو.
يقول الطلاب لـ DW: "نريد أن نظهر أن الانتخابات تجربة إيجابية ومثيرة. الشباب في هذا العمر في مرحلة يتخذون فيها قراراتهم المهمة الأولى: أول قبلة، أول علاقة، أول انتخابات". ولأول مرة في الانتخابات الأوروبية، أصبح بإمكان الشباب الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق التصويت في ألمانيا. وبالإضافة إلى أكثر من 1000 ملصق في محطات القطار الألمانية، فإن حملة الاتحاد الأوروبي تغطي أكثر من مليون نقطة أخرى. وهنا فإن التحدي يكمن في مخاطبة الشباب بالطريقة المناسبة لجذبهم لا تنفيرهم.
مجتمع يشيخ
بدأت ديلارا بوركهارت الاهتمام بالسياسة في سن الخامسة عشرة. وكانت تود أن يُسمح لها بالتصويت في وهي بذلك العمر. وفي عام 2019، أصبحت أصغر عضو يدخل البرلمان الأوروبي، وهي الآن في القائمة الاتحادية للحزب الديمقراطي الاشتراكي للمرة الثانية.
"مشاركة من تبلغ أعمارهم 16 عاماً أو أكثر في الانتخابات خطوة مهمة لموازنة الاختلال الديموغرافي وزيادة صوت الشباب في المحافل السياسية. مجتمعنا يشيخ ويندر أن يسمع صوت الشباب في النقاش السياسي"، قالت ديلارا بوركهارت لـ DW.
ووفقا لأرقام يوروستات، هيئة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، احتلت ألمانيا المركز الرابع في أوروبا في عام 2022 بمتوسط عمر 45.8 عاماً، بما يخص شيخوخة المجتمع بعد إيطاليا والبرتغال واليونان. وبطبيعة الحال، فإن ذلك له عواقب على كيفية صنع القرار السياسي ومصالح الفئات التي تؤخذ بعين الاعتبار. وفي أحدث دراسة أجرتها "مؤسسة- فودافون"، لا يزال ثلاثة من كل أربعة شباب تتراوح أعمارهم بين 14 و24 سنة غير راضين عن الطريقة التي تأخذ بها السياسة مصالحهم بعين الاعتبار مص.
الشباب يشعرون بالإهمال
التضخم، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وأسعار الإيجارات المرتفعة، وتغير المناخ، من بين القضايا الأكثر إلحاحاً بالنسبة للشباب. بصفتها المتحدثة باسم السياسة البيئية لأعضاء البرلمان الأوروبي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تقوم ديلارا بوركهارت بحملات لحماية للمناخ وتبقي متابعيها على اطلاع دائم بآخر المستجدات وذلك باستخدام منصات التواصل الاجتماعي كإكس وتيك توك وإنستغرام.
"غالباً ما يتفاجأ الشباب عندما أخبرهم عما أقوم به في بروكسل. ثم يقولون أشياء مثل: 'لم أكن أعلم أن الاتحاد الأوروبي يهتم بهذا الأمر' أو 'أنت تهتم بما نفكر فيه'. ومن ثم يعلقون: 'نلحظ عدم اهتمام الساسة بنا'"، تقول السياسية الشابة لـ DW.
تكشف ديلارا بوركهارت أنها زارت في الآونة الأخيرة مدرسة مهنية وطرحت السؤال التالي على طلاب أحد الصفوف: "ما هي علاقة السياسة بحياتك اليومية؟". لم يرفع أي طالب أو طالبة يده للجواب.
ترى السياسية الشابة أن بعض الساسة لم يدركوا بعد أن الشباب يحصلون في المقام الأول على المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "على مدى السنوات الخمس الماضية، كنت أحد الزملاء القلائل الذين استخدموا شبكات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للغاية. لكنني لاحظت أيضاً أن العديد من الزملاء يقومون بتنشيط قنواتهم فقط خلال أوقات الحملات الانتخابية. ذلك النهج لا يبني ثقة ولا يفتح قنوات تواصل مع الشباب".
البرلمان الأوروبي يناقش مشروع قانون الذكاء الأصطناعي
02:35
هل ألمانيا "ديمقراطية غير مكتملة"؟
يعتبر البروفيسور هيرمان هوسنر أن أفضل طريقة لمعرفة سبب فشل الأحزاب في العقود الأخيرة تكمن في كيفية تعاطيها مع ملف الشباب. وهيرمان هوسنر هو محامي دولة وقاضي سابق في المحكمة الدستورية الفيدرالية ويكافح منذ 30 عاماً لخفض سن التصويت.
يوضح صوت الشباب في ألمانيا لـ DW: "الديمقراطية تعني أن يكون الجميع قادراً على التصويت. لكن هذا ليس هو الحال، لأن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً لا يُسمح لهم بالتصويت، فنحن مجرد ديمقراطية غير مكتملة".
في ست ولايات اتحادية، يُسمح الآن للشباب البالغين من العمر 16 عاماً وما فوق بالتصويت في انتخابات الولايات: في هامبورغ، وبريمن، وشليسفيغ هولشتاين، وميكلنبورغ- فوربومرن، وبادن فورتمبيرغ، وبراندنبورغ. ولكن فيما يتعلق بالانتخابات الاتحادية يتطلب السماح بالتصويت من 16 عاماً فما فوق بتعديل القانون الأساسي (الدستور الألماني).
هذا وتمنح ألمانيا وبلجيكا والنمسا واليونان ومالطا الشباب واليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً حق التصويت أيضا في الانتخابات الأوروبية.
"تشير أبحاث الشباب وعلم النفس إلى أنه بين سن الثانية عشرة والرابعة عشرة، يمر الشباب بطفرة في التطور الفكري. وفي هذه السن يمكنهم مثل البالغين التفكير بشكل تجريدي إلى حد كبير، وبشكل منطقي وافتراضي أيضاً. كما يمكنهم كذلك فهم الآخرين ووضع أنفسهم في مكانهم وأخذ اهتماماتهم في عين الاعتبار، إلى جانب إدراك وفهم الروابط المركبة فكرياً".
خطوة على الطريق
من جهة أخرى يرى معارضو السماح للشباب واليافعين بالتصويت أن هذه الفئة تفتقر إلى النضج والقدرة على الحكم في القضايا السياسية.
في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة، كان 39 بالمائة من جميع الناخبين المؤهلين يبلغون من العمر 60 عاماً فما فوق، في حين أن الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 30 عاماً يشكلون 14بالمائة فقط من الناخبين. ويذهب البروفيسور هيرمان هوسنر إلى أبعد من ذلك ويناضل بالفعل من أجل حق التصويت اعتباراً من سن الرابعة عشرة.
أعده للعربية: خالد سلامة
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.