الانتخابات البرلمانية الفرنسية.. هل يحقق اليسار المفاجأة؟
١١ يونيو ٢٠٢٢
في فرنسا يأمل التحالف الجديد للقوى اليسارية بأن يفوز في الانتخابات التشريعية ويحصل على أغلبية في البرلمان تمكنه من تشكيل حكومة جديدة. الاستطلاعات لا تشير إلى ذلك حتى الآن، لكن على ماذا يبني اليسار آماله هذه؟
إعلان
راشيل كيكي، مرشحة عن إحدى ضواحي باريس، على لائحة التحالف اليساري الجديد "Nupes" للانتخابات التشريعية القادمة في فرنسا. كيكي (48 عاما) التي تعمل في أحد فنادق باريس والمولودة في ساحل العاج، تريد أن تمثل وتدافع في البرلمان عن مصالح المواطنين البسطاء الأقل حظا. وبدعم هؤلاء يأمل تحالف "Nupes" اليساري أن يفوز في الانتخابات التشريعية التي ستجرى يومي 12 و19 حزيران/ يونيو الجاري، ويحصل على الأغلبية ليشكل الحكومة القادمة. وصحيح أن استطلاعات لا تشير إلى تحقق ذلك، لكن المراقبين لا يستبعدون حدوث هكذا مفاجأة.
"نحتاج أناسا من الطبقة العاملة في البرلمان، ليمثلوا مصالحنا" تقول كيكي لـ DW. إنها تحمل الجنسية الفرنسية ولأول مرة تقدم نفسها كمرشحة سياسية. وقبل عام في يونيو/ حزيران العام الماضي ذاع صيتها وزميلاتها في فندق Ibis Paris 17 Clichy-Batignolles في وسائل الإعلام، حيث استطعن بعد 22 شهرا من الإضراب المتواصل عن العمل، إجبار سلسلة فنادق Accor العالمية على الاستجابة لجميع مطالبهن تقريبا.
"تم رفع أجورنا مما بين 600 و1000 يورو إلى ما بين 1300 و1900 يورو، وهذا يظهر أن هناك ما يكفي من الأموال ونحن الفقراء في فرنسا يمكننا كسب المزيد" تقول كيكي، التي أخذت إجازة من عملها في الفندق حتى انتهاء الانتخابات التشريعية. "إن برنامج Nupes تم وضعه من أجل أناس مثلنا". ومن ضمن مطالب تحالف اليسار هذا رفع الحد الأدنى للأجر من 1300 إلى 1500 يورو صافي شهريا. وخفض سن التقاعدمن 62 عاما إلى 60 عاما.
كيكي وتحالف اليسار يعولان على دعم الضواحي
بمثل هذه المطالب تحاول كيكي أن تكسب تأييد سكان الضواحي الفقراء، مثل روفين أولي ننا (36 عاما) التي تعطيها كيكي نشرة دعائية. "تغطية نفقاتنا برواتبنا المتدنية يزداد صعوبة، هل تعتقدين حقا أن الوضع يمكن أن يتغير مع تحالف Nupes؟" تسأل روفين التي هي أم لطفلين وحامل بالثالث، فتجيب كيكي "أعتقد نستطيع ذلك، لكن من أجل ذلك نحتاج لدعمكم".
ترد روفين "نعم، هذا يبدو مقنعا، وفي النهاية أنت واحدة منا وتعرفين ظروف حياتنا". وفي الأثناء يمر شابان بهما ويقولان "نحن إلى جانبك وسنصوت لك".
رئيس التحالف اليساري Nupes جان لوك ميلنشون، أيضا يأمل بالحصول على دعم هؤلاء. فرئيس حزب فرنسا الأبية اليساري ميلنشون (70 عاما) حصل على 22 بالمائة من الأصوات محققا المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية خلف ماكرون ولوبان. وفي الانتخابات البرلمانية لن تكون مارين لوبان وحزبها اليميني المتطرف منافسا للرئيس إيمانويل ماكرون، حيث تشير الاستطلاعات إلى أنها ستحصل على حوالي 40 مقعدا في البرلمان من أصل 577 مقعدا، وبالتالي سيكون اليسار منافسا لماكرون.
وإذا لم يحصل المرشح على أغلبية الأصوات في الجولة الأولى، يجب أن يحصل على 12,5 بالمائة من أصوات الناخبين المسجلين في دائرته الانتخابية ليستطيع المتابعة في الجولة الثانية التي يفوز بها من يحصل على أغلبية الأصوات.
ميلنشون استطاع توحيد أكبر أحزاب اليسار في تحالفه Nupes، الذي يضم الاشتراكيين والخضر والشيوعيين، ونظرا للنجاح النسبي الذي حققه في الانتخابات الرئاسية استطاع ميلنشون أن يفرض الجزء الأكبر من برنامج حزبه فرنسا الأبية ويضمنه برنامج التحالف اليساري. الذي يركز على حماية البيئة وحقوق المرأة والمهاجرين. ويريد التحالف تأميم البنوك وشركات الطاقة، وتامين فرصة عمل لكل مواطن، وينتقد حلف الناتو ويريد أن تخرج فرنسا من الحلف، ويخطط من أجل التفاوض من جديد حول بعض قواعد الاتحاد الأوروبي.
ميلنشون اليساري المتشدد رئيسا للحكومة!
"انتخبوني رئيسا للحكومة" يقول ميلنشون للناخبين منذ تأسيس تحالفه. وحساباته تقول: إذا فاز التحالف بأغلبية مقاعد البرلمان، يجب على الرئيس ماكرون أن يعينه رئيسا للوزراء، وإلا فإن البرلمان سيحجب الثقة عن الحكومة. "ليس هناك حزب يمكنه فرض رئيس حكومة على الرئيس"، رد ماكرون في حوار مع صحف محلية.
ماكرون أشار أيضا إلى التوقعات الخاصة بجولة الإعادة، والتي تستند إلى تقديرات قائمة على نتائج الانتخابات الرئاسية. وعليه، يجب أن يفوز الحزب الحاكم، حزب ماكرون، والأحزاب الشريكة بأغلبية المقاعد.
بالنسبة للباحث السياسي، برونو كوتريه، من المنطقي أن تكون حظوظ اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية أقل، ويقول لـ DW "تحالف Nupes سيكسب كل الأصوات ذات التوجهات اليسارية في الجولة الأولى من الانتخابات، لأنه ليس هناك مرشح آخر من اليسار". ويضيف مستدركا "لكن في الجولة الثانية ليس لدى Nupes احتياطي من الأصوات، على عكس مرشحي حزب ماكرون، الذين سيجذبون الناخبين من الوسط واليمين". حتى ناخبي يسار الوسط يمكن أن يصوتوا لحزب ماكرون. "ميلنشون بالنسبة لهؤلاء الناخبين يساري متطرف ويرعبهم بمواقفه من التحالفات الدولية وقربه الأيديولوجي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين" يقول كوتريه موضحا. فحتى قبل فترة قصيرة من غزو روسيا لأوكرانيا كان يشير إلى الناتو على أنه الطرف المهاجم وليس بوتين!
كيكي تأمل بحدوث مفاجأة
لكن الخبير السياسي لا يستبعد حدوث مفاجأة، ويقول كوتريه "يمكن أن يحدث، ما حدث في الانتخابات التشريعية عام 1997. فإذا عانى الكثير من مرشحي الحزب الحاكم من مصاعب في الجولة الأولى من الانتخابات، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى تحرك باتجاه أغلبية يسارية". ففي عام 1997 فاز اليسار بشكل مفاجئ وهو ما أدى إلى ما يسمى بالتعايش بين الرئيس اليميني جاك شيراك ورئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان. وراشيل كيكي تامل وتعول على هكذا مفاجأة بقولها: "يجب أن نفوز، نحن الحزب الوحيد الذي يضع نفسه في موقع الناس الفقراء في هذا البلد".
ليزا لويس/ ع.ج
ماكرون يتصدر الانتخابات ويتواجه مع لوبان في الدور الثاني
تصدّر الرئيس إيمانويل ماكرون نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية بفارق واضح عن منافسته مارين لوبان وليتواجه الاثنان في الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 أبريل/ نيسان.
صورة من: JB Autissier/PanoramiC/IMAGO
عقبات كثيرة قبل دخول الإليزيه
صادق المجلس الدستوري الفرنسي في مارس/ آذار على أوراق 12 مرشحا للانتخابات الرئاسية، بينهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون. طريق المرشحين لم يكن سهلا إذ توجب على كل واحد منهم أن يحصل على 500 توقيع من الممثلين المنتخبين (نواب، رؤساء بلديات، عمد مدن.. إلخ). وتنطلق الجولة الأولى الأحد 10 أبريل/ نيسان 2022، ومن المتوقع أن يأتي ساكن الإليزيه من خلال التصويت في جولة الإعادة المقررة الأحد 24 أبريل/ نيسان.
صورة من: LUDOVIC MARIN/AFP/Getty Images
عقبة كبيرة أمام صغار المرشحين
بالنسبة للمرشحين من الأحزاب المنشقة أو السياسيين الذين لا ينتمون إلى أي حزب، يمكن أن يصبح جمع توقيعات المؤيدين المطلوبة لخوض السباق الرئاسي عقبة لا يمكن التغلب عليها. ففي كل انتخابات رئاسية، يمثل الوقت اللازم للحصول على هذه التوقيعات وتقديمها للجنة الانتخابات تحدياً كبيراً. ولن يتحدد الرئيس الجديد لقصر الإليزيه الذي سيتولى المنصب في مايو/آيار إلى حين الانتهاء من انتخابات الإعادة في 24 أبريل/نيسان.
صورة من: Lionel Bonaventure/AFP
ماكرون، الرئيس الحالي والمرشح الأوفر حظا للفوز
يتصدر إيمانويل ماكرون استطلاعات الرأي منذ شهور بهامش يصل إلى 27% من نوايا المصوتين. ومن غير المرجح أن يُحرم من الحصول على مكان في انتخابات الإعادة. وبالمقارنة مع أسلافه، يتمتع الرجل البالغ من العمر 44 عامًا بتقييمات شعبية جيدة في نهاية فترة ولايته. ويرى البعض أن إعلان ماكرون ترشحه قبل أسابيع قليلة من الانتخابات له أسباب تكتيكية.
صورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
رئيس الدولة حتى أثناء الحملة الانتخابية
حتى خلال حملة ترشحه للرئاسة، لا يزال بإمكان ماكرون العمل كرئيس - دون الحاجة إلى مراعاة القواعد التي تحكم الحضور الإعلامي للمرشحين في فرنسا. ويثير سجل ماكرون للإصلاحات الجدل بشكل كبير. وبعد احتجاجات "السترات الصفراء"، تضاءلت حماسته لإجراء المزيد من الإصلاحات الجذرية. ومن بين أمور أخرى، يريد الرئيس تسجيل نقاط لدى الناخبين مستغلاً التطور الاقتصادي الإيجابي الذي حدث مؤخراً في البلاد.
صورة من: Martin Bureau/AFP/dpa/picture alliance
مارين لوبان: المحاولة الثالثة "والأخيرة"؟
مارين لوبان من التجمع الوطني اليميني المتطرف. سبق لمارين لوبان أن واجهت ماكرون في جولة الإعادة قبل خمس سنوات. وتشير تقييمات لوبان إلى أنها نجحت في تبديد الصورة التي تشيطن حزبها اليميني المتطرف دون تغيير برنامجه الأساسي المناهض للهجرة. وتظهر الاستطلاعات أن ما يصل إلى 23 بالمئة من الناخبين يعتزمون التصويت لها في الجولة الأولى. وقد تكون محاولتها الثالثة لدخول الإليزيه هي آخر فرصة للوبان لتصبح رئيسة.
صورة من: Stephane de Sakutin/AFP/Getty Images
فاليري بيكريس- الخصم غير المريح
في استطلاعات الرأي، يتصارع كل من فاليري بيكريس ومارين لوبان على المركز الثاني خلف ماكرون.عملت بيكريس كرئيسة للمجلس الإقليمي لمنطقة العاصمة منذ عام 2015 وعملت أيضاً كوزيرة للبلاد. تصف نفسها بأنها خليط من تاتشر وميركل. في جولة الإعادة ضد ماكرون، سيكون لدى السيدة الجمهورية المحافظة فرص أفضل من لوبان. وتظهر أحدث استطلاعات للرأي احتمال فوزها بما بين ثمانية وعشرة بالمئة فقط من الأصوات في الجولة الأولى.
صورة من: Thierry Chesnot/Getty Images
إريك زمور- المثير للجدل
وصل إريك زمور (63 عاماً) - أحد أبرز مرشحي اليمين المتطرف - إلى معدلات اقتراع مرتفعة إلى جانب مارين لوبان. يرسم زمور - وهو أحد نجوم البرامج الحوارية - صورة قاتمة لدولة فرنسا واشتهر بأطروحاته المعادية للإسلام وأدانته المحكمة بسبب ذلك عدة مرات. يتبنى نهج دونالد ترامب المناهض لسلطات المؤسسات ويصور نفسه على أنه المنقذ للأمة الفرنسية. تتوقع الاستطلاعات فوزه بنسبة بين 9 و11% من الأصوات في الجولة الأولى.
صورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
جان لوك ميلنشون: قوة الكلمات
مثل مارين لوبان، تعتبر هذه هي محاولة جان لوك ميلنشون الثالثة لدخول الإليزيه. قبل خمس سنوات، حقق ميلينشون (70 عاماً) المركز الرابع في الانتخابات. "السياسي الفصيح" يرى نفسه زعيم المعارضة الحقيقي في البرلمان. وينتمي في الأصل للحزب الاشتراكي (الرمز التقليدي لتيار يسار الوسط)، لكنه الآن زعيم حزب "فرنسا الأبية" (La France Insoumise). وتشير الاستطلاعات لاحتمال حصوله على 14 و17% في الجولة الأولى.
صورة من: Thomas Samson/AFP/Getty Images
يانيك جادو: الواقعي
في الانتخابات المحلية، فاز حزب الخضر مؤخراً بعدة مجالس بلدية في المدن الكبرى في فرنسا. لكن على المستوى الوطني، ليس للحزب تأثير حاسم في الوقت الحالي. ومع يانيك جادو، يرسل حزب الخضر شخصاً براغماتيًا إلى السباق بعد الانتخابات التمهيدية. يتمتع عضو البرلمان الأوروبي (54 عاماً) بتأييد الناخبين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ويُتوقع حصوله في الجولة الأولى على 8.5 % من الأصوات.
صورة من: Joel Saget/AFP/Getty Images
آن هيدالغو- مرشحة في أزمة
تريد عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو الانتقال من قاعة المدينة بالعاصمة إلى قصر الإليزيه. كانت السياسية المولودة في إسبانيا المرشحة الواعدة للحزب الاشتراكي في 2021. تريد هيدالغو الإبقاء على سن التقاعد الحالي البالغ 62 عاماً، في تحد واضح لخطط ماكرون بزيادته إلى 65 عاماً. وبسبب تشتت اليسار وكثرة مرشحيه، تشير التوقعات إلى احتمال حصولها على أقل من 3.5% في الجولة الأولى ما يضعها في أزمة.
صورة من: Franck Fife/AFP/Getty Images
فابيان روسيل: التقليد يلزم
كما هو الحال في جميع الانتخابات الرئاسية تقريبًا، يرسل الشيوعيون مرة أخرى مرشحهم إلى السباق. تتشابه خطط الصحفي والسياسي الفرنسي فابيان روسيل (52 عاماً) مع خطط أسلافه: زيادة الضرائب على الممتلكات وزيادة القوة الشرائية للفرنسيين بدعم من الدولة. نال نسبة 5% أو أقل من نوايا التصويت وهي العتبة التي خولته الحصول على نفقات حملته. من المرجح أن ينتهي الأمر بالسكرتير الوطني للحزب الشيوعي في مؤخرة السباق.
صورة من: Joel Saget/AFP/Getty Images
مرشحون لإثبات الحضور فقط؟
وهناك أربعة مرشحين آخرين سيتواجدون في السباق الرئاسي إلى الإليزيه لكن حظوظهم في الفوز "شبه مستحيلة"، كما حدث لهم في انتخابات رئاسية سابقة. وهؤلاء هم: نيكولا ديبون-إينيان (61 عاما) عن حزب "انهضي فرنسا"، وجان لاسال (66 عاما) عن حزب "لنقاوم" وكذلك فيليب بوتو (54 عاما) عن "الحزب الجديد لمناهضة الرأسمالية"، والمرشحة ناتالي آرتو (52 عاما) من "حزب النضال العمالي". إعداد: أندرياس نول/ ع.ح/ ص.ش
صورة من: Julien Mattia/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance
ماكرون يتأهل مع لوبان
بنسبة 28,5 في المائة تأهل إيمانويل ماكرون للدور الثاني من الإنتخابات الفرنسية، منا تأهلت مارين لوبان بنسبة 23,6 في المائة، حسب تقديرات أولية لنتائج الاقتراع الذي جرى الأحد. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 65 بالمائة حتى الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت غرينتش. وتنافس في هذه المرحلة من الاستحقاق 12 مرشحا.