Libanon Wahlen Background
٥ يونيو ٢٠٠٩بعد تأكيد الجهات المسئولة إنهاءها كافة الاستعدادات اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية اللبنانية يوم الأحد القادم (7 يونيو/حزيران 2009)، بدأت حالة من الترقب في الأوساط اللبنانية حول طبيعة النتائج التي يمكن أن تفضي إليها هذه الانتخابات وانعكاساتها على مستقبل لبنان وكذلك على المنطقة. وفي أوج الحملة الانتخابية التي تسيطر على المشهد السياسي الداخلي اللبناني تطرح تساؤلات عدة حول مدى محاكاة الشعارات الانتخابية التي يرفعها المتنافسون والخطب الانتخابية التي يلقونها اهتمامات الشعب اللبناني ومصالحه.
"القناعة السياسية هي التي تحرك الناخب اللبناني"
وفي هذا السياق يرى الخبير في الشؤون الانتخابية ومدير مكتب الإحصاء والتوثيق في بيروت، الدكتور كمال الفغالي، أن اللبنانيين يصوتون للبرامج السياسية للمرشحين ولا يصوتون للمال السياسي الذي يجري بين أيدي بعض المرشحين وأن تأثير هذه العوامل على توجهات الناخب اللبناني يبقى محدودا. وأضاف أن انتخابات 2005 أثبتت أن التصويت كان سياسياً ملتزماً، وأن جذور هذا الالتزام بالقوى السياسية والتحالفات الانتخابية تجلت بوضوح للمرة الأولى في عام 1991 .
واعتبر الخبير اللبناني أن هذا الوضع ما يزال مستمراً حتى اليوم، فمثلا، المؤيدون لسعد الحريري لا يفعلون ذلك بدافع المال، فهناك قناعة لدى قسم كبير من السنة من أن رفيق الحريري عزز موقعهم ومكنهم من أن يلعبوا دوراً في الزعامة السياسية. وكذلك الصورة ذاتها نجدها مماثلة لدى الطوائف والمذاهب الدينية الأخرى، فالمؤيدون للشيعة يعتقدون أيضاً- كما يقول الفغالي- أن زعامتهم مكنتهم من لعب دور سياسي كبير ومن المشاركة في الحياة السياسية وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً حتى لفترة قريبة. كما أن مؤيدي ميشال عون ينتخبونه عن قناعات بمواقفه السياسية بعيدا عن الخدمات الشخصية التي يقدمها لهم.
وفي ضوء هذه المعطيات يؤكد مدير مكتب الإحصاء والتوثيق في بيروت أن القناعة السياسية هي التي تحرك الناخب اللبناني. ويضيف بأنه على الرغم من وجود اتفاقات طائفية لا سياسية في بعض الأحيان، إلا أنها تبقى في مجملها ذات خلفية سياسية.
شعار التغيير بين القوى الإقليمية والداخلية
ولعل من العوامل التي تؤثر على الأوضاع في لبنان وربما تجد لها كذلك صدى في المشهد الانتخابي نقص المشاريع التنموية وإفرازات الحرب الأهلية التي طالت لعشرات السنين، إضافة إلى تأثير بعض القوى الإقليمية التي لها امتدادات على الساحة اللبنانية. ويرى الخبير اللبناني الفغالي أن مثل هذه القوى الإقليمية تعد من العوامل المهمة التي تساهم في تكريس طبيعة الانقسام السياسي في لبنان بشكل أكبر مما تفعله موضوعات التنمية. وبدوره يأمل الناخب اللبناني من الأطراف التي سيمنحها صوته في أن تجلب له التغيير، فمؤيدو عون مثلاً، يعتقدون أنه في حال نجاحه سيكون أنموذجا للإصلاح والتغيير.
وعلى الجانب الآخر يرى الخبير في الشؤون الانتخابية اللبنانية أن هناك نوعا من الاطمئنان يسود لدى حزب الله بأن هذه الانتخابات ستؤمن له شرعية دولية وانفتاحاً على العالم ، خاصة بعد التأكيدات التي صدرت من مسئولين أمريكيين وأوربيين بأنهم سيتعاملون مع من يفوز في هذه الانتخابات.
خطاب سياسي جديد
ويؤكد الفغالي أن هذه البوادر والتطمينات تندرج في إطار انخفاض في حدة نبرة التصعيد على المستوى الإقليمي. فالسياسية الإقليمية التي كانت تتسم منذ أربع سنوات بتبني سياسة الضغوط والحصار والعزلة على بعض الدول التي تعارض المشروع الأمريكي في المنطقة، مثل سوريا وإيران، بدأت تتجه الآن إلى نوع من الليونة ومد يد الحوار، ما ينعش الآمال في أن ينتقل لبنان بعد الانتخابات إلى وضع أفضل.
ومن شأن هذا المناخ العالمي الجديد الذي يتسم بالتهدئة في تعامله مع الوضع الإقليمي أن يوسع مجالات تنفيذ مشاريع تنموية تنعكس على الاقتصاد اللبناني وبالتالي المساهمة في حل مشاكل المديونية الضخمة وكذلك تحسين الخدمات الاجتماعية التي تراجعت من 18 في المائة إلى 5 في المائة. ولمعالجة هذه الملفات وغيرها فإنه لا بد من الثقة بين الأطراف الفاعلة على الساحة اللبنانية وتشكيل حكومة قادرة على تمثيل هذه الكتل والأطراف، وفق ما يؤكده الخبير في الشؤون الانتخابية الفغالي.
ومن الإشارات الإيجابية الأخرى هي أن المعارضة اللبنانية والتي من المتوقع لها الفوز تؤكد كل يوم أنها لن تستأثر بالحكم ولن ترفض الآخرين، بوصف المشاركة السياسية في الحكم هي في غاية الأهمية للبنان ومستقبله وأنها تستمد أيضا قوتها وشرعيتها من الدستور اللبناني.
الكاتبة: منى صالح
تحرير: هشام العدم