بعد رحلة شاقة وصل سامر سيروان إلى برلين. الوصول لم يكن نهاية المعاناة. ليالي طويلة باردة قضاها في مركز استقبال للاجئين ومشاهد فوضى عاشها "يصعب نسيانها". فكيف أصبحت حياة سامر بعد خمس سنوات.
إعلان
"كان الأمر أشبه بعقد صفقة مع الشيطان" هكذا يتذكر سامر سيروان أسوأ جزء من رحلة الهروب الشاقة نحو ألمانيا. يحاول سامر أن ينسى المعاناة التي عاشها مع زوجته آنذاك ولكن ذلك غير ممكن يقول سامر في حديثه لموقع DW ويتابع "سيرا على الأقدام وبالحافلات والقطارات، حاولنا بكل الوسائل الممكنة كي نتمكن من الوصول".
بعد سرقة شركته في دمشق، أدرك سامر وزوجته أريج أن حياتهما في سوريا لم تعد ممكنة. فسامر كان لديه شركة استيراد وتصدير منتجات غذائية، وتمت سرقتها من قبل واحدة من الجماعات المسلحة التي ظهرت في سورية خلال الحرب الدائرة، " كان الأمر قاس وفظيع" يقول سامر (41 عاما).
معاناة الطريق لم تنته بالوصول
بعد رحلة شاقة انطلقت من تركيا إلى اليونان ومنها إلى برلين عبر طريق البلقان، وصلت العائلة إلى ألمانيا. لكن معاناة الرحلة لم تنته بالوصول. إذ عاش الزوجان في قاعة كبيرة تابعة لمطار تمبلهوف، تم تحويلها إلى مخيم لاستقبال اللاجئين. آنذاك، أي في عام 2015، وصل إلى العاصمة برلين 55 ألف لاجئ، واستمر تدفق اللاجئين، إذ استقبلت برلين 17 ألف لاجئ جديد في العام الذي يليه أي في 2016.
استمرار قدوم اللاجئين، دفع الحكومة إلى تحويل القاعة إلى غرف صغيرة مزودة بأسرة بطابقين، لتتسع لأكبر قدر ممكن من اللاجئين.آنذاك لم تكن برلين مستعدة لاستقبال هذا الكم الهائل من الأشخاص. ما تسبب في خلق فوضى انطبعت في الأذهان مثل تجمع اللاجئين أمام الدوائر الحكومية بسبب النقص في الموظفين " كانت أياما فظيعة" يقول سامر.
الاندماج عبر المأكولات السورية
لكن وبعد مرور خمس سنوات على هذه المعاناة، تمكنت العائلة السورية من الوقوف ثانية وإثبات ذاتها. ففي أحد أحياء برلين تمكن اللاجئ السوري وزوجته من افتتاح مطعم مميز بأطباقه التي يقدمها كورق العنب وغيرها من المأكولات التي تعرف بها المائدة السورية.
ليس ذلك فحسب، بل يشارك سامر وزوجته في جولات سير على الأقدام منذ عام 2016. وهي جولات منظمة من مبادرات ألمانية تتيح للقادمين الجدد التعرف على العاصمة برلين ورؤيتها من منظور مختلف عن الذي شهدوه في البداية. ويهدف القائمون على هذه المبادرة إلى تسهيل اندماج القادمين الجدد في مجتمعهم الجديد. وفي الجولة الأولى التقت مؤسستنا (DW) بسامر للمرة الأولى.
"يأتون كزبائن ويعودون كأصدقاء"
لم تساعد جولات السير سامر في التعرف على برلين فحسب، بل جعلته يعرف تماما معنى الاندماج الذي كثيرا ما سمع عنه في وسائل الإعلام " في البداية كنت أعتقد أن الاندماج هو التخلي عن الهوية". لكن تبادل اطرف الحديث مع الألمان أثناء جولات السير جعلت سامر يرى الاندماج بشكل آخر "هو تقبل كل طرف للآخر وإيجاد النقاط المشتركة بيننا" يقول سامر في حواره لموقع DW.
أثناء مشاركته في ورشات عمل تم تخصيصها للتعريف بين الطرفين، حاول سامر وزوجته الإجابة على الأسئلة التي كان يطرحها الألمان المشاركين في تلك الورشات يؤكد سامر. مشيرا إلى أن هذه الورشات كانت وراء فكرة افتتاح مطعم يقدم من خلاله الوجبات السورية المميزة للألمان. ورغم جائجة كورونا يلاقي المطعم إقبالا شديدا من قبل الزبائن الألمان يقول سامر مضيفا "في المرة الأولى يأتوا إلينا كزبائن وبعدها يعودون كأصدقاء، إنهم يشعرون وكأنهم يزورونا في بيتنا".
بين كنايت
أطفال لاجئون في لبنان... سعادتُهم مُؤجّلة
يعيش اللاجئون في المخيمات اللبنانية تحت ظروف صعبة. مهاجر نيوز قصد "المخيم 002" في بلدة الطَيْبِة البقاعية، على بعد أكثر من 80 كلم من بيروت، لتوثيق مشاهدات أبطالها صغار وسعادتهم مؤجلة وأحلامهم مُعلّبة.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
أطفال جمعتهم المعاناة
من الرقة ودير الزور وعين عيسى ومنبج قدمت عائلاتهم إلى بلدة الطَيْبِة البقاعية. بعض الأطفال من وُلد في المخيم، ومنهم من سار مع عائلته على درب رحلة الحزن الطويلة.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
"عمالة" مبكرة
قبل التعليم واللهو، وقبل "الخربشات" الطفولية المُفتَرَض أنها بديهية... قبل كل شيء، يعمل الصغار مع عائلاتهم على جمع العبوات البلاستيكية، وأغصان الأشجار بهدف التدفئة. ففي خلفية المشهد جبال مكللة بالثلوج، و"الجنرال الأبيض" ضيف شبه دائم أيام الشتاء والعواصف.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
وحل الشتاء يزيد المعاناة
يُشكل الأطفال الفئة الأكبر عددا في مخيم الطَيْبة كغيره من المخيمات. وكيفما جلت بناظريك تجدهم يتنقلون استجابة لنداءات عائلاتهم. يُحطيون بالآباء والأمهات، أو يُطلّون من نوافذ خيمهم المهددة بالسقوط في أي لحظة تحت وطأة الثلوج أو الرياح العاصفة.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
أحذية مهترئة
أرضية المخيمات تُرابية مُوحِلَة. وعلى الرغم من ذلك، ينتعل الأطفال أحذية مهترئة ممزقة. وإن وُجد من يملك منهم زوجين آخرين من الأحذية فإنه يحفظها للذهاب إلى المدرسة، إن كان ممن يحظون بالتعليم، فهنا ليس الكل يتعلمون أو متعلمين.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
الحلم بأبسط الحقوق
مَلَك (10 سنوات)، وداد (12 سنة)، فادي (10 سنوات) وغيرهم من الصغار، يحلمون بأبسط الحقوق: "نُريد مدرسة في مخيّمنا إن طال بقاؤنا. مدرستنا بعيدة، ونريد أن نتعلم. نريد معلمات ومعملين متفهمين لمأساتنا".
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
مسؤولية أكبر من العمر
الطفلة هذه صغيرة في السن، كبيرة في المسؤولية. لا وقت، ولا إمكانيات تخولها الذهاب إلى المدرسة مثلاً. فمن العائلات من يُفضل إرسال بعض أبنائهم إلى المدرسة ويُبقون على آخرين في المخيم للمساعدة. وهي في هذه الصورة تحمل باقة من القش لكَنْس الحجارة والأتربة داخل خيمتها.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
مساعدات قليلة
تقدّم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان/ UNHCR للعائلات النازحة مبلغا ماليا قدره 24 يورو (27 دولارا أميركيا) شهرياً عن كل فرد من أبنائها، إضافة إلى مبلغ 150 يورو لشراء مادة المازوت للتدفئة لكل عائلة.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
ألعاب مهترئة
يحدُث أن يجد الأطفال لعبة مهترئة مرمية في مكان ما... فيستحضرونها إلى مخيمهم ويلهون بها على "علاتها"، بل وتغدو مادة للتجاذبات لتبادل الأدوار باللهو بها، كما لو أنها جديدة!
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
"مصلحو دراجات" صغار
دراجة مهترئة واحدة... وأطفال كثر. يصلحون ما أمكن فيها، وهي في النهاية ملك من يجدها أولاً، في الحقول المجاورة أو حتى قرب مكبات النفايات.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
يعيشون في بقايا خيم!
في المخيم 002 كما في غيره، لا تستغرب إن وجدت بقايا خيمة، جدرانها من الأقمشة وسقوفها من الخشب التعِب أو الحديد الصدئ. ولكي تقي خيمتك من الثلوج أمامك مهمات لا مجال للتخلف عنها في عز العواصف. من المهمات: رش الملح الخشن للمساعدة بذوبان الثلوج ومنع تراكمها... وهي عملية لا تقبل الكسل.
صورة من: Infomigrants/K. Zeineddine
معاناة وأمل بتلقي المساعدة
يأمل الأطفال وذويهم أن يُوصل الإعلام صوتهم وصورتهم. لعلّ ذلك يأتي عليهم بالخير وبالمزيد من المساعدات.
مهاجر نيوز- إعداد: خلدون زين الدين