1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةإيطاليا

البابا فرنسيس.. حصيلة ختامية بوعود وإنجازات "الحبر الأعظم"

٢١ أبريل ٢٠٢٥

عند جلوسه على كرسي البابوية عام 2013 انتقد فرنسيس الرأسمالية وتدمير البيئة وأقدم على غسل أقدام لاجئين وسجناء، ودعا للحوار بين الأديان. لكن هناك من يرى أنه لم يف بوعود عدة ولم يتعامل بحزم مع قضايا مهمة وفضائح هزت الكنيسة.

توفي البابا فرنسيس يوم 21 أبريل نيسان 2025 عن عمر يناهز 88 عاما
توفي البابا فرنسيس يوم 21 أبريل نيسان 2025 عن عمر يناهز 88 عاما صورة من: Evandro Inetti/dpa/ZUMA/picture alliance

توفي البابا فرنسيس يوم 21 أبريل/ نيسان 2025، عن عمر يناهز 88 عاما، غداة إطلالته في ساحة القديس بطرس بمناسبة عيد الفصح بين آلاف المصلين، وفق بيان للفاتيكان.
بدأ الحبر الأعظم البابا فرنسيس مهمته على رأس الكنيسة الكاثوليكية في مارس/ آذار 2013 بقطع وعدٍ كبير، وأقدم في يوم عمله الأول بغسل أقدام 12 سجينا شابا في أحد مراكز الاحتجاز قبل عيد الفصح.

وبعد ذلك بأربعة أشهر، شارك فرنسيس في "يوم الشباب العالمي" في العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، وانتقد وسط هتاف الملايين الرأسمالية ودافع عن الفقراء ليطلق عليه الكثيرون لقب "بابا الفقراء".

وفي ذلك الوقت، قال اللاهوتي التقدمي البرازيلي المعروف ليوناردو بوف في مقابلة مع DW إن "البابا الحالي سوف يقدم على تغيير الكنيسة".

وهذا بالضبط ما ذهب إليه الصحفي الأرجنتيني ميغيل هيرش، الذي ألف كتابا عن البابا فرنسيس.

وفي مقابلة مع DW، أضاف "لقد فعل البابا بالفعل الكثير من أجل الفقراء في أبرشيته خلال فترة عمله كرئيس أساقفة بوينس آيرس. لقد شرع بفعل الكثير بما في ذلك أكثر من أربعين رحلة خارجية كانت معظمها إلى بلدان نامية فيما أدان كثيرا النظام الرأسمالي".

ولكن، ومع مرور أول عقد على رأس الفاتيكان، واجه البابا انتقادات بكونه لم يلب طموحات شعوب دول الجنوب العالمي. لكن صوت الحبر الأعظم كان عاليا في إدانة الحروب والدعوة للسلام في الشرق الأوسط وأوكرانيا والقارة السمراء.

صوت عال من أجل السلام

لم يتوقف بابا فرنسيس حتى أيامه الأخيرة من الصلاة من أجل السلام ومن المطالبة بوقف الحروب من اليمن إلى أوكرانيا مرورا بالسودان وسوريا ومنطقة الساحل في إفريقيا، ووصولا إلى حرب غزة، داعيا إلى نزع للسلاح، وهو موضوع مركزي في حبريته.
في آخر رسالة له ندد بـ"وضع مأساوي مخجل" في قطاع غزة، محذرا في الوقت ذاته من "تنامي جو معاداة السامية الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم".
وقال "أدعو الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وتقديم المساعدات للشعب الجائع والذي يتطلّع إلى مستقبل سلام". 
وأضاف "أمام قسوة الصراعات التي تشمل المدنيين العزّل وتهاجم المدارس والمستشفيات والعاملين في المجال الإنساني، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن ننسى أنّ الأهداف التي يتم استهدافها ليست أهدافا، بل هي أشخاص لهم نفس وكرامة".

محاربة تغير المناخ

بدورها، قالت منظمة الإغاثة الكاثوليكية الألمانية Misereor أو "ميسيريور " إن أحد أهم إنجازات فرنسيس يتمثل في اهتمامه بقضايا البيئة والمناخ مع ضرورة محاربة الفقر والتدمير البيئي بشكل متزامن. وهو ما كان محور من المنشور الدوري الثاني للبابا الذي حمل عنوان "كُن مُسبَّحا" الصادر عام 2015.

قال بيرمين شبيغل، المدير العام لمنظمة "ميسيريور "، إنه مع نشر رسالة "كُن مُسبَّحاً"، شرع البابا في الحديث إلى "ضمير الأقوياء. أخبرني رئيس أساقفة مدينة سوفا في فيجي، بيتر لوي تشونغ، أن قضية تغير المناخ والهجرة تمثل أهم القضايا التي تهم السكان المحليين".

وفي مقال في صحيفة "تاغيستسايتونغ" الألمانية ذات التوجه اليساري، كتب اللاهوتي التقدمي البرازيلي المعروف ليوناردو بوف، أن رسالة "كُن مُسبَّحاً" كانت بمثابة أول إعلان ينضوي على تعامل البابا مع هذه القضية "بطريقة شمولية"، مضيفا أن العديد من البيانات اللاحقة ارتبطت بمفهوم أمريكا اللاتينية عن "لاهوت التحرير".

وفي مقال نُشر في صحيفة "بوبليكو" البرتغالية، قال بينتو دومينغيز، راهب في جمهورية الدومينيك، إن البابا فرنسيس "نجح في إحباط الجميع. العلمانيون يطالبون بالإصلاحات فيما يريد التقليديون العودة إلى الماضي".

إعادة تشكيل جغرافية "المجمع الكنسي"

وقد ذكر مركز "بيو" البحثي الأمريكي إن فرنسيس قد عمل على إعادة تشكيل جغرافية "المجمع الكنسي"

الذي يضم 132 من الكرادلة الذين سينتخبون البابا الجديد، إذ كان الكرادلة الأوروبيون يشكلون غالبية أعضاء المجلس قبل وصلوه إلى المنصب عام 2013.

وفي حديثه إلى DW عام 2013، تنبأ بوف بأن "هذا البابا سيخلق جيلا من الباباوات ينحدرون من بلدان العالم الثالث خاصة وأن باباويته، شهدت تأثيرا متزايدا من أمريكا اللاتينية". 

وإلى الآن اختار البابا فرنسيس 83 من الكرادلة الذين سينتخبون اليوم البابا الجديد؛ أي 63 في المائة من أعضاء "المجمع الكنسي" فيما كان التقسيم الجغرافي للكرادلة الجدد كالتالي: 34٪ من أوروبا و 22٪ من منطقة آسيا والمحيط الهادئ و 21٪ من أمريكا اللاتينية و 13٪ من إفريقيا، و 8٪ من أمريكا الشمالية و 2٪ من الشرق الأوسط.

أما فيما يتعلق بالتوزيع العالمي للكاثوليك، فإن أوروبا لا تزال تحظى بتمثيل كبير، إذ ذكر مركز بيو أن 24٪ من الكاثوليك في العالم يعيشون في أوروبا، و 39٪ في أمريكا اللاتينية، و 12٪ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و 16٪ في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و 8٪ في أمريكا الشمالية، و نسبة واحد في المائة في الشرق الأوسط.

زيارة البابا فرنسيس للقاهرة في 29 أبريل/ نيسان 2017صورة من: Reuters/A. Bianchi

لا تغيير جذري

ورغم ذلك، فإن الكثير من المراقبين يرون أن البابا فرنسيس لم يقم بأي تغييرات جذرية على جسد هياكل الكنيسة الكاثوليكية، وهو الأمر الذي ظهر جليا عند إعلان تركيبة سينودس الأساقفة من أجل الأمازون عام 2019ن حين تحطمت آمال الإصلاح في منطقة تعاني من نقص حاد في عدد الكهنة.

ولم تكن رسامة الرجال المتزوجين ككهنة مرفوضة فحسب، بل شملت الانتقادات أيضا رفض ترسيم نساء كشمامسة في خطوة كانت لتسمح لهن بالتبشير والاحتفال بالأعراس والمعمودية.

وفي تعليقه، قال بيرمين شبيغل، المدير العام لمنظمة "ميسيريور "، إنه حتى الآن لا يفهم القرار، مضيفا "أن ثلثي الأساقفة في السينودس كانوا يؤيدون قضية الرجال الذين تزوجوا وقت ترسيمهم شماسين، وأيضا شمامسة النساء. لقد كانت الكرة أمام المرمى ليسجل فرنسيس الهدف، لكنه أضاع الفرصة ولا أعرف لماذا؟".

التعامل مع الاعتداءات الجنسية

خيبة أمل أخرى جاءت نتيجة تعامل البابا فرنسيس مع ملف الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية، إذ تساءلت شبكة الناجين والناجيات من اعتداءات القساوسة التي تُعرف اختصارا بـ "إس إن إيه بي" عن أسباب عدم مضي فرنسيس قدما في متابعة الأمر بعد أن تحدث بشكل قاسي عن القضية.

وقال ديفيد كلوهيسي، أحد مسؤولي الشبكة، إنه كان بإمكان فرنسيس "فرض أقسى عقوبة وهي الحرمان الكنسي أو البابوي ضد عشرات أو أكثر من مسؤولي الكنيسة الأكثر فظاعة". وأضاف كلوهيسي "كان يمكنه تخفيض رُتب ما لا يقل عن عشرة أو أكثر من الشخصيات البيروقراطية في الفاتيكان وأربعة أو خمسة عشر من الأساقفة الذين ارتكبوا أو أخفوا اعتداءات جنسية ضد أطفال، لكنه بدلا من ذلك أسس نمطا بابويا طويل الأمد يسمح بتقاعد أسقف ذا صلة بهذا الأمر تحت ذريعة أسباب صحية".

في المقابل، كان رد أساقفة تشيلي أقوى وأسرع من رد فعل الحبر الأعظم إذ في أعقاب الكشف عن اعتداءات جنسية في عام 2018، قدم جميع أساقفة كنيسة الروم الكاثوليك في تشيلي استقالة جماعية للبابا فرنسيس في واقعة غير مسبوقة في الكنيسة الكاثوليكية.

ورغم ذلك، يحظى البابا فرنسيس بقدر كبير من دعم الفقراء والأفراد الذين تعرضوا للقمع بسبب ولائهم للإنجيل والديانة المسيحية.

ومن بين هؤلاء كان أوسكار روميرو، رئيس أساقفة السلفادور، الذي دعا إلى الإصلاح الزراعي في بلاده قبل اغتياله عام 1980.

لكن بعد 24 عاما من مقتله، منح البابا فرنسيس لقب قديس لروميرو، الذي قتل بالرصاص على يد كتيبة إعدام يمينية متطرفة أثناء قداس عام 1980 في السلفادور.

أعده للعربية: م. ع

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW