البابا فرنسيس يدعو إلى احترام القانون الإنساني في إدلب
٩ فبراير ٢٠٢٠
فيما وجه البابا فرانسيس دعوة إلى احترام القانون الإنساني في إدلب إثر تقارير "مؤلمة حول أوضاع النساء والأطفال"، تمكن الجيش السوري من السيطرة على الزربة، أكبر بلدات ريف حلب الجنوبي بعد معارك ضارية.
وقال البابا أمام عشرات الآلاف من الحجاج في ساحة القديس بطرس إن التقارير الواردة من إدلب "مؤلمة... خاصة فيما يتعلق بأوضاع النساء والأطفال ومنْ أُجبروا على الفرار بسبب التصعيد العسكري".
وأضاف البابا فرنسيس: "أجدد مناشدتي المخلصة للمجتمع الدولي وجميع الأطراف المعنية باستخدام السبل الدبلوماسية والحوار والمفاوضات، فيما يتعلق بالقانون الإنساني الدولي، من أجل حماية أرواح المدنيين ومصيرهم". ثم قاد البابا الحشد في صلاة خاصة "من أجل سوريا الحبيبة الشهيدة".
من جانب آخر عززت تركيا وجودها العسكري في المنطقة قائلة إن تقدم القوات السورية المدعومة من روسيا والقوات المتحالفة معها يهدد بأزمة إنسانية جديدة. وتهدد الأزمة بإطلاق موجة جديدة من النازحين إلى الحدود الجنوبية لتركيا، فيما لوحت أنقرة باتخاذ إجراء ما لم تنسحب تلك القوات.
واستقبلت تركيا 3.6 مليون لاجئ سوري، حسب تصريحات السلطات التركية. وهدد الرئيس التركي رجب طب أردوغان خلال الأيام القليلة الماضية بالتصدي للقوات السورية المدعومة من روسيا ما لم تنسحب من المنطقة.
ميدانياً، أعلن الجيش السوريالنظامي السيطرة على بلدة الزربة أكبر بلدات ريف حلب الجنوبي اليوم الأحد . وقال قائد ميداني يقاتل مع الجيش السوري في جبهات ريف حلب الجنوبي: "بدأ الجيش السوري تمشيط بلدة الزربة أكبر بلدات ريف حلب الجنوبي بعد السيطرة عليها صباح اليوم. كما تمت السيطرة على بلدة البرقوم وقرية الصالحية وتتقدم القوات باتجاه منطقة الايكاردا الوحيدة التي تحت سيطرة فصائل المعارضة شرق اتوتستراد دمشق حلب الذي عبرته قواتنا صباح وسيطرت على قرية البوابية وتتقدم الآن باتجاه الحسيبية والايكاردا من جهة الجنوب".
وأكد القائد الميداني لوكالة الأنباء الألمانية: "أغلب البلدات والنقاط التي تمت السيطرة عليها شرق اتوتسراد حلب دمشق لم تكن فيها مواجهات مع مسلحي المعارضة بل كانت مجموعات صغيرة رفضت الانسحاب".
وبعد سيطرة الجيش السوري على بلدة الزربة انحسرت سيطرة فصائل المعارضة على منطقة صغيرة من اتوستراد حلب دمشق لا تتجاوز 15 كم.
من جانبه اتهم قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، "الطيران الروسي والقوات الحكومية السورية باتباع سياسة الأرض المحروقة حيث استخدمت وسائط نارية بشكل كبير جداً ضد بلدات وقرى خالية بعد نزوح سكانها بقصد تدمير منازل المدنيين وممتلكاتهم بعدما نزحوا باتجاه ريف حلب وإدلب وسط ظروف جوية بالغة الصعوبة".
ع.غ/ (د ب أ، رويترز)
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين