البابا فرنسيس يدعو إلى "وقف إطلاق النار فورا" في سوريا
١٢ أكتوبر ٢٠١٦
طالب البابا فرنسيس بوقف إطلاق نار فوري في سوريا لإفساح المجال لعمليات إجلاء الأطفال واللاجئين العالقين تحت قصف دموي. فيما ارتفعت الحصيلة الدموية للضحايا المدنيين بشكل مروع مدنيا منذ انهيار الهدنة الأمريكية الروسية.
إعلان
دعا البابا فرنسيس اليوم (الأربعاء 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) إلى "وقف إطلاق النار فورا" في سوريا للسماح بإجلاء المدنيين. وقال البابا أمام عشرات الآلاف في ساحة القديس بطرس خلال خطابه الأسبوعي إنه يريد أن "يناشد بكل قوته" الزعماء بأن يحموا "المدنيين ولاسيما الأطفال الذين لا يزالون محاصرين بسبب القصف الوحشي".
من جهة أخرى أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أكثر من 560 مدنيا قتلوا جراء العنف المتواصل في مدينة حلب وريفها منذ انهيار الهدنة الأمريكية الروسية مساء الـ19 من أيلول/سبتمبر الماضي. وأوضح المرصد أن 564 مدنيا، من بينهم 116 دون سن الثامنة عشر، قتلوا وأصيب المئات منذ انهيار الهدنة وحتى اليوم "نتيجة لقصف الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام وقصف قوات النظام على أحياء حلب الشرقية وأريافها الشمالية والشرقية والغربية والجنوبي، وسقوط القذائف على أحياء المدينة الغربية". وكان المرصد قد وثق خلال أيام سريان الهدنة بين 12 و19 من الشهر ذاته مقتل أربعة أشخاص.
في سياق متصل وصفت وزارة الدفاع الروسية الاتهامات التي وجهها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لروسيا بأنها هي التي شنت هجوما على قافلة مساعدات في سوريا بأنها "هستيريا الخوف من روسيا". وقال ايغور كوناشينكوف المتحدث باسم الوزارة في بيان "لم تكن هناك طائرات روسية في منطقة قافلة المساعدات المتجهة إلى حلب. هذه حقيقة." وكان جونسون قال أمس الثلاثاء إن الأدلة تشير إلى مسؤولية روسيا عن الهجوم.
من جهته أعلن المركز الروسي لتنسيق التهدئة في سوريا أن عدد البلدات والقرى السورية التي انضمت إلى المصالحة ارتفع إلى 764، طبقا لما ذكرته وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء اليوم الأربعاء. وأفاد المركز الكائن في قاعدة "حميميم" الجوية قرب اللاذقية في بيان أصدره مساء أمس الثلاثاء، بأن ممثلين عن أربع بلدات وقعوا على اتفاقات المصالحة خلال الساعات الـ24 الأخيرة. ورصد المركز، في الوقت ذاته، 46 حالة انتهاك لوقف الأعمال القتالية، موضحا أن المجموعات المسلحة غير الشرعية نفذت 23 عملية استهداف للمواقع الحكومية في محافظة حلب، فيما تم تسجيل 15 حالة خرق من قبل المسلحين في محافظة دمشق، و5 في محافظة حماة، وانتهاكين في اللاذقية وحالة واحدة للخرق في درعا، حسب الوكالة الروسية.
ح.ز ح.ح (د.ب.أ / رويترز/ أ.ف.ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري