تشكل العلاقة بين الشرق والغرب، إحدى الإشكالات الكبيرة التي سيطرت على الباحثين والدارسين والمهتمين بهاتين المنطقتين. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر يتزايد اهتمام الطرفين بهذه العلاقة التي تأخذ شكل الصراع تارة وشكل الحوار تارة أخرى. وبالتوافق مع ذلك أُطلق على الدراسات التي نتجت عنها دراسات استعمارية تارة وشرقية تارة أخرى. غير أن الهزة التي خلفتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول جعلت تبادل وجهات النظر أكثر أهمية من ذي قبل بهدف فهم متاهات العصر الحديث وإشكالاته.

معهد متميز وعريق

يعتبر معهد الشرق في هامبورغ احد أكبر المعاهد الألمانية للدراسات الشرقية، وهو أيضا من المؤسسات الأوروبية القليلة التي تعمل في هذا المجال منذ حوالي أربعة عقود. ويركز المعهد في نشاطاته على قضايا تهم السياسة والاقتصاد والتنمية الاجتماعية في مناطق شمال إفريقيا والشرقين الأدنى والأوسط إضافة إلى آسيا الوسطى. وفي هذا الإطار يحاول المساهمة في تطوير مجتمعات هذه المناطق. كما يحاول تعزيز التعاون بينها وبين ألمانيا في مجال البحث والدراسات العلمية. ويضم فريق العمل حوالي أربعة عشر باحثاً ومهتما تحت إشراف البروفسور والباحث المعروف اودو شتاين باخ.

أهمية الحوار الجدي بين الثقافات

يتمثل الهدف الرئيسي للمعهد في تقريب وجهات النظر بين الغرب من جهة والعالم العربي- الإسلامي من جهة أخرى. ويرى مدير المعهد البروفيسور شتاين باخ أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عمقت الهوة بين الغرب والعالم الإسلامي. وعليه فإننا " نحاول خلق حوار جدي بين الثقافات والديانات، لاسيما بين الأقليات المسلمة والأغلبية غير المسلمة في ألمانيا". ولتحقيق هذا الهدف يجري المعهد دراسات وبحوث يضعها تصرف الساسة والاقتصاديين وعموم الباحثين. وتتركز هذه الدراسات على المجالات التالية:

1- الشرعية والفعالية في النظام السياسي

2- دينامكية العنف والتعاون في مجال التعاون الأمني

3- العولمة ودينامكية التغير

مجموعات بحث متخصصة

يشكل التحليل الدقيق لبنية مجتمع ما المدخل إلى فهم تطوره. انطلاقاً من ذلك يقوم المعهد بتشكيل مجموعات بحث متخصصة بهذه المنطقة أو تلك. وفي هذا الإطار نشر عدة دراسات منها الجزء الثامن عشر من مشروع ضخم يتناول الشرق الأوسط إضافة إلى منشورات عديدة تناول العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي. وينكب باحثو المعهد منذ فترة على دراسة التحولات السياسية والمعوقات التي تعترضها في شمال أفريقيا. وفيما يخص مجالات التعاون بين المعهد والباحثين في العالم العربي يقول شتاين باخ: " نتعاون من خلال عدد من المشاريع مع زملائنا العرب لأنه لا يمكن الحصول على نتائج جيدة دون إشراكهم في البحث الهادف إلى فهم إشكالات العصر الحديث". وعموما فان العلاقة بين العالم العربي والإسلامي من جهة وألمانيا من جهة أخرى تحظى باهتمام متزايد. وفي هذا السياق فإنها ستكون على درجة كبيرة من الأهمية في السنوات القادمة على حد قوله.

محمد مسعاد