240111 Argarhandel
٢٧ يناير ٢٠١١أتى الارتفاع القوي للمواد الغذائية نتيجة عوامل عديدة، من أهمها تراجع المحاصيل بسبب الجفاف والقحط والفيضانات، وازدياد المضاربات بأسعار المواد الزراعية. فأسعار القمح والذرة والصويا هي اليوم أعلى من مثيلاتها أيام أزمة الأسعار عامي 2007 و2008، وحتى أسعار الزيوت النباتية والدهون والسكر والبن والكاكاو ارتفعت بأكثر من النصف. وعلى الرغم من أن كافة السياسيين يجمعون على ضرورة التصدي لهذا التطور، فإنهم لا يهتدون بسهولة إلى الحلول الناجعة.
وعندما يتعلق الأمر بتطور السكان وغذائهم تكون التنبؤات صحيحة إلى حد بعيد. وفيما يتعلق بذلك لا ينظر عدد كبير من الخبراء إلى المستقبل نظرة تفاؤل، من أمثال البروفسور يوآخيم فون براون من مركز أبحاث التنمية في بون، فهو يشير إلى أن عدد سكان العالم سيرتفع من سبعة مليارات حاليا إلى تسعة مليارات في عام 2050، وأن كميات الطعام التي ستأكلها هذه التسعة مليارات تكفي لاثني عشر مليار شخص، وأن استهلاك المنتجات الحيوانية سيرتفع. أما استهلاك المواد الغذائية الأساسية فسيتراجع بالأحرى، كما يقول براون و"ستتضاءل المساحات الزراعية، وتقل المياه، وسيزيد التحول المناخي من مشاكل الإنتاج ويشوش على الأسواق الزراعية".
مستقبل الغذاء العالمي رهن بالحكامة الجيدة
اليوم يعاني ما يقارب من مليار إنسان في العالم من الجوع، وحوالي 150 مليون طفل يعانون من نقص التغذية، وقد زاد ارتفاع أسعار الحبوب من حدة الأزمة، ويتنبأ براون بأن يرتفع سعر الذرة حتى عام 2050 بمقدار تسعين بالمائة، وسعر القمح من أربعين إلى خمسين بالمائة، حتى في حال زيادة الاستثمار في الإنتاجية واتخاذ إجراءات لمجابهة التحول المناخي، لهذا بات يطرح السؤال عما إذا كان بالإمكان التصدي لزيادة حدة أزمة التغذية. حول ذلك يقول البروفسور براون إن السياسة ستلعب دورا حاسما في مستقبل الغذاء العالمي "معظم السياسات الزراعية هي وطنية أو محلية، لكن عوامل العولمة تزداد أهمية" ومن هذه العوامل دعم النمو الزراعي وأسواق التجارة الحرة والتنسيق على صعيد عالمي لتخزين المواد الغذائية، ومنع المضاربات، وتوسيع البرامج الاجتماعية بشكل هادف وفعال.
استنادا إلى معلومات منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو" يتطلب توفير ما يكفي لإطعام البشرية في عام 2050 رفع الإنتاج الزراعي العالمي. ويعالج تقرير الزراعة العالمي الذي نشر في السنة الماضية هذا السؤال. وقد لخص هانس هيرن مدير معهد الألفية والنائب السابق لرئيس مجلس الزراعة الدولي النتيجة التي طلع بها التقرير كما يلي: "إن التحول إلى زراعة تستهلك كميات أقل من الطاقة الأحفورية وكميات أٌقل من السماد الكيماوي يتطلب إرساء الزراعة على أساس بيئي وزيادة الاستثمار في ميدان البحث العلمي."
"علينا التركيزعلى الزراعة والتنمية الريفية"
تقرير الزراعة العالمي يرفض زيادة حجم تصنيع القطاع الزراعي، ويدعو إلى دعم إنتاج المزارعين الصغار، والاعتماد على المواد الغذائية الطازجة، والعمل بشعار "من الإنتاج المحلي إلى المستهلك المحلي" أي ملاءمة عادات الطعام مع المناطق التي ينتج فيها. وتدعم وزيرة الزراعة الاتحادية إيلزه أيجنر هذا التوجه، مؤكدة على وجوب التركيز بشكل أكبر على الزراعة والمناطق الريفية في خضم الكفاح ضد الجوع وتقول: "الزراعة والتنمية الريفية في الدول النامية لم تحظ في العقود الزمنية الماضية بالاهتمام الكافي وعلينا أن نركز على هذين العاملين بشكل أكبر."
التجارة العادلة تتطلب تكافؤ منطلقات التعامل"
من ناحية أخرى تهتم ألمانيا، بصفتها جزءا من الاتحاد الأوروبي، بمصالح صناعة الغذاء والزراعة الأوروبية، وبالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي تشكل الدول النامية والصاعدة سوقا كبيرة نظرا إلى نموها السكاني. ويعتمد الاتحاد الأوروبي على الاتفاقيات الثنائية مع هذه الدول بعد دخول جولة مفاوضات منظمة التجارة العالمية في الدوحة مرحلة من الجمود، وهو الأمر الذي ينتقده أرمين باش، منسق برنامج ميزيريور لدى منظمة التجارة العالمية، ويقول إن هذه الاتفاقيات في صالح الدول الصناعية، لأنها لا تخضع لقوانين منظمة التجارة العالمية الخاصة بحماية الدول النامية والصاعدة، ويضيف باش: "التجارة العادلة تتطلب تكافؤ منطلقات التعامل، ويشكل الإصرار على الوصول في ظل هذه الظروف إلى أسواق الدول النامية وصفة للجوع."
لكن منظمة التجارة العالمية ترى أن التجارة ليست المشكلة، إنما تشكل جزءا من حل لضمان التغذية العالمية وتقول إن الإنتاج يجب أن يتم حيث يكون على أكبر قدر من الفاعلية. لكن هذا "لا يمكن أن يتم بدون علاقات تجارية عادلة". ومن المشاكل الأخرى هي أن العرض والطلب لا يحددان وحدهما الأسعار، إنما يساهم في ذلك أيضا المضاربات، وأسعار الصرف المرتفعة أو المنخفضة، لهذا تطالب المنظمة "بمزيد من الشفافية في الأسواق".
سابينة كينكارتس/منى صالح
مراجعة:حسن زنيند