البحرية الألمانية في الطريق إلى لبنان للمساهمة في حفظ السلام
٢١ سبتمبر ٢٠٠٦
بعد تصويت الأغلبية الساحقة من نواب البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاج) يوم أمس لصالح إرسال قوات بحرية ألمانية إلى السواحل اللبنانية، قام وزير الدفاع الألماني فرانس يوزيف يونج في حفل رسمي صباح اليوم، 21 أيلول/سبتمبر 2006، بتوديع أول ألف جندي ألماني قبل توجههم إلى السواحل اللبنانية. الجنود الألمان على متن ثماني سفن، من بينها سفينتان بحريتان صغيرتان وأربعة قوارب سريعة، غادروا في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح اليوم ميناء فيلهيلمزهافن بولاية سكسونيا السفلى متوجهين إلى السواحل اللبنانية. وفي حفل الوداع اشتركت فضلاً عن ذلك ثلاث سفن دانمركية تساهم في مهمة حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) تحت قيادة ألمانية. ومن المتوقع أن تصل السفن الألمانية إلى مواقعها على السواحل اللبنانية في غضون عشرة أيام، حيث ستكون مهمتها هناك تنفيذ ما ينص عليه قرار الأمم المتحدة 1701 والحيلولة دون تهريب الأسلحة بحراً إلى حزب الله ومراقبة الحدود البحرية.
قرار تاريخي
يصف الكثير من الخبراء والمحللين قرار البوندستاج بشأن إرسال قوات بحرية ألمانية إلى لبنان بأنه قرار تاريخي. ومن جانبها أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن الحكومة الألمانية قد قامت بدراسة كافة أبعاد هذه المهمة بمنتهى الدقة واستخلصت من ذلك أن المهمة "تخدم المصالح الألمانية" لكونها تساهم في تفعيل دور ألمانيا دولياً في الحفاظ على السلام. وأضافت ميركل أن كلا الجانبين اللبناني والإسرائيلي يوليان أهمية كبرى لوجود جيش الدفاع الألماني في المنطقة. وعبرت المستشارة الألمانية عن تأييدها لفكرة رفع ميزانية الدفاع بسبب المهام العالمية التي يتولاها الجيش الألماني بشكل متزايد.
ترحيب إسرائيلي ...
ومن جانبه وصف السفير الإسرائيلي في ألمانيا شيمون شتاين في حديث له مع صحيفة "تاجس شبيجل" الصادرة في برلين تخوف بعض النواب الألمان من إمكانية وقوع مواجهات عسكرية بين القوات الألمانية المتواجدة في المنطقة والجيش الإسرائيلي بأنه غير مبرر، وبأنه مجرد تصور نظري بحت لا يمت لواقع الأمور بصلة، حيث أن الجنود الألمان لن يتواجدوا على الحدود الإسرائيلية اللبنانية بل بالأحرى على السواحل اللبنانية، لذا فإنه يستبعد أي اصطدام عسكري ما بين الطرفين. وقد عبر السفير عن ارتياحه لاتخاذ البوندستاج أمس الأربعاء هذا القرار الذي وصفه أيضاً "بالتاريخي".
...وتساؤلات لبنانية
أما آراء اللبنانيين فيما يتعلق بالوجود الألماني العسكري في المنطقة فتختلف عن آراء الإسرائيليين، الذين يرحبون بتولي جنود من البحرية الألمانية مهمة مراقبة السواحل اللبنانية، كما يرى مراسل دويتشه فيله كارستن كونتوب المتواجد حاليا في بيروت. فحين يقول أحد الوزراء من حزب الله بكل صراحة حسب ما جاء في إحدى الجرائد اللبنانية: "إن من أراد حماية إسرائيل، فالأجدر به أن يرسل بحريته مباشرة إلى هناك"، يعبر وزراء آخرون عن رأيهم بقسط أكبر من الدبلوماسية مع أن لديهم في الواقع نفس الرأي. فهم يرددون جميعا إن لبنان لم يطلب من ألمانيا إرسال قوات بحرية إلى المنطقة من أجل حماية إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك لا يدرك الكثير من اللبنانيين سبب الارتفاع الهائل لعدد جنود اليونيفيل من 2000 إلى 15000 جندي. ويتساءل أحد الصحفيين في جريدة السفير اللبنانية: "إن لم تكن مهمة قوات اليونيفيل تجريد حزب الله من السلاح، فماذا تفعل إذن في لبنان؟ ولما إذن كل هذه الدبابات والأسلحة العصرية الثقيلة؟ وإن كانت اليونيفيل لا تريد إلا مساعدة الجيش اللبناني، فلماذا تعمل إذن بشكل مستقل دون التعاون مع الحكومة أو الجيش اللبناني؟"
تيمور جوكسل، الذي عمل سنوات طويلة كمتحدث باسم قوات حفظ السلام الدولية والذي يعمل حالياً كأستاذ في الجامعة الأمريكية في بيروت، يبدي من جانبه تفهماً لهذه التساؤلات مؤكداً على ضرورة إيضاح منظمة الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لسبب وجود هذه القوة العسكرية في المنطقة. والجدير بالذكر أن قائد قوات اليونيفيل في لبنان قد أدلى مؤخراً بتصريح في ذات السياق قائلاً: "نحن لن نقوم بتجريد حزب الله من السلاح، بل سنتقيد فقط بتنفيذ ما ينص عليه القرار 1701." ولكن ورغم كل الشكوك التي تساور اللبنانيين فإن أغلبيتهم تشعر بالارتياح لوجود قوات أجنبية في لبنان آملة بأن تحافظ هذه القوات على السلام وأن تحول دون اندلاع حرب جديدة، كما يقول وزير الداخلية اللبناني أحمد فتفت.