محاولات لطمس معالمه .. ماذا تبقّى من الحراك في البحرين؟
١٢ فبراير ٢٠٢١
بعد 10 سنوات على الحراك الذي قام في البحرين في سياق "الربيع العربي"، تسعى المملكة التي يترأس حكومتها اليوم ولي عهد شاب، إلى تجاوز التداعيات المؤلمة للانتفاضة الشعبية، لكن الجراح عميقة، ولا فسحة بعد للمعارضة.
إعلان
في وسط المنامة، سُوي بالأرض دوار اللؤلؤة الذي شكل ملتقى التجمعات الاحتجاجية التي قُمعت بمساندة قوات سعودية. فقد انتهت انتفاضة 2011 التي ألهمتها ثورات اجتاحت المنطقة، بقمع دام للمتظاهرين وغالبيتهم من الشيعة فيما كانوا يطالبون بحكومة منتخبة.
ويعتقد أن العشرات قضوا في الاضطرابات، رغم أن الحصيلة لا تزال غير واضحة. وجُرف النصب الذي كان يتظاهر قربه المحتجون.
وقالت نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو لين معلوف إن "ما جرى لدوار اللؤلؤة يرمز إلى محاولات الحكومة البحرينية طمس وإزالة ذكرى الاحتجاجات". وأضافت: "ما كان موقعا للتظاهرات السلمية والأمل والتقدم بات الآن مجرد خرسانة وأسفلت".
وهاجمت السلطات الحراك واعتبرته مخططا إيرانيا، وحظرت أحزابا معارضة وساقت مدنيين أمام محاكم عسكرية وسجنت عشرات النشطاء السياسيين السلميين، ما تلته انتقادات دولية حادة، ولا يظهر أن الكثير تغيّر في الذكرى العاشرة لاندلاع الحراك.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان "بعد عشر سنوات من الانتفاضة الشعبية في البحرين، ازداد الظلم المنهجي فيما الاضطهاد السياسي أغلق بشكل فعلي أي مساحة للممارسة السلمية للحق في حرية التعبير".
وهذه الانتقادات تثير توترا في البحرين، البلد ذو التراث الغني والذي يمثل بقطاعه السياحي النابض نقطة جذب للكثير من الجيران الخليجيين.
السلطات تستبق ذكرى الثورة
قبل 14 شباط/فبراير، ذكرى اندلاع الاحتجاجات، نشرت الشرطة تعزيزات في القرى الشيعية وعلى الطرق السريعة التي كثيرا ما عمد متظاهرون في مناسبات سابقة لإحياء الذكرى إلى قطعها أمام حركة المرور بالإطارات المشتعلة.
وقال معهد البحرين للحقوق والديموقراطية (بيرد) إنه تلقى تقارير تفيد بأن ما لا يقل عن 18 بالغا و11 طفلا تم توقيفهم خلال عمليات مختلفة.
وقالت المجموعة ومقرها لندن إنها تأكدت من تقارير عن أن العديد من الأطفال، أحدهم لا يتجاوز 11 عاما، تم توقيفهم لسبعة أيام في إجراءات قمعية على ما يبدو "تهدف إلى ردع المتظاهرين عن إحياء الذكرى العاشرة للانتفاضة".
وأكدت السلطات البحرينية لوكالة فرانس برس الجمعة إن فتيين عمرهما 13 عاما، أوقفا في "مركز لرعاية الأحداث إلى حين مثولهما أمام المحكمة حيث سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة".
وقالت آية مجذوب من منظمة هيومن رايتس ووتش لوكالة فرانس برس "إنهم يخنقون المعارضة قبل أن يتظاهر الناس، لتوجيه رسالة واضحة بعدم التساهل".
أمل برئيس وزراء جديد؟
تم تعيين ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة رئيسا للحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد وفاة عمه، خليفة بن سلمان آل خليفة الذي تولى المنصب منذ الاستقلال عام 1971، والذي لم يكن يحظى بشعبية واتُهم بمعارضة الإصلاحات والتخطيط للقمع.
وخلفه سلمان بن حمد المنتمي لجيل من القادة الخليجيين الذين تلقوا علومهم في الغرب، معتدل سعى لبناء جسور مع المعارضين. وأثار وصوله تفاؤلا حذرا إزاء احتمال مضيه نحو المصالحة.
لكن المراقبين يقولون إنه سيواجه عراقيل بسبب اعتماد البحرين على جارتها السعودية التي تدخلت مع دولة الإمارات لمساعدتها في 2011، ولا تزال تمولها ولا ترغب في تنفيذ إصلاحات ديموقراطية.
وقالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية إن "رئيس الوزراء سيواجه القيود نفسها التي تواجهها البلاد: قيود مالية وسيطرة دبلوماسية صارمة من الدول المجاورة التي يحصل منها على تمويل".
وأضافت "مع ذلك فإن ولي العهد أظهر في السابق بعض البراعة في إفساح المجال لتحرك مستقل" معتبرة أنه ربما هناك فرصة بعد لسياسات أكثر استنارة.
ضغوط من واشنطن؟
وفي ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تبرز توقعات بأن الولايات المتحدة ستضع إخفاقات حقوق الإنسان في أنحاء الخليج تحت المجهر بعدما تركت دول المنطقة لتفعل ما يناسبها خلال عهد دونالد ترامب.
ويقول جواد فيروز، النائب عن جمعية الوفاق المعارضة التي حظرت فيما جُرد هو من جنسيته ويقيم في المنفى حاليا، إن الأمل بحصول تغيير يتوقف على ضغط أمريكي يضاف إليه أي تقارب بين السعودية وغريمتها إيران.
ويرى أن "السؤال هو: هل لديه رؤية معينة وخطط لتغييرات كبرى؟" في إشارة إلى ولي العهد الذي لم تحقق جهوده للتواصل مع المعارضة في 2011 أي نتيجة. وقال "لا اعتقد أن ستكون لديه السلطة لممارسة هذه الرؤية وتحقيقها".
إ.ع/خ.س (أ ف ب)
الملكيات العربية.. بين التوارث السلمي للسلطة والانقلابات العائلية
في بادرة غير مسبوقة في العالم العربي تنازل أمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم بشكل طوعي وسلس لابنه الشيخ تميم في سابقة فريدة من نوعها في الملكيات العربية، حيث عادة ما ينتظر الشباب حتى يتوفى الكهول أو يطاح بهم.
صورة من: picture-alliance/dpa
الشيخ حمد.. حالة استثنائية
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (61 عاماً) يسجل سابقة في العالم العربي بتسليم السلطة سلمياً، رغم أنه كان قد ستولى على السلطة عام 1995 بعد الإطاحة بأبيه الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الذي كان بدوره قد أنقلب على ابن عمه الشيخ أحمد عام 1972. وجاءت هذه الخطوة في الوقت الذي يتشبث فيه الحكام العرب، سواء كانوا من الملوك أو الأمراء أو الرؤساء، بالسلطة حتى الرمق الأخير من حياتهم، حتى لو كانوا على فراش الموت.
صورة من: picture-alliance/dpa
خطوة مثيرة للحسد
في دول الخليج التي يحكم معظمها كهول تجاوزوا الستينات والسبعينات والثمانينات من عمرهم ويرث عروش بعضهم أمراء من الفئة العمرية ذاتها، لاشك أن تولي الشيخ تميم (33 عاماً) الحكم بهذا الشكل من شأنه أن يثير حسد واهتمام الشبان من أفراد الأسر الحاكمة في مختلف أرجاء منطقة الخليج، خاصة الذين نفد صبرهم ترقباً لتولي المناصب العليا.
صورة من: picture-alliance/dpa
السعودية.. انتقال السلطة من كهل لآخر
تنتقل الخلافة بين أبناء الملك عبد العزيز آل سعود على أساس السن والخبرة ومكانته داخل العائلة، ما يجعل تولي المناصب العليا من نصيب الكهول الذين ينتظرون طويلاً وفاة من هم أعلى منهم في المنصب، فالملك الحالي عبد الله يبلغ 90 عاماً وخضع لعدة عمليات، لكنه لم يفكر في نقل السلطة بعد...
صورة من: picture-alliance/ZB
الملك فهد.. عشر سنوات على فراش المرض
الملك عبد الله نفسه كان قد أنتظر أكثر من عشر سنوات ولياً للعهد، قضاها أخيه الملك فهد على فراش المرض، بعد أن أُصيب بجلطة في عام 1995 حتى وفاته عام 2005...
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb
منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
ولي العهد السعودي الحالي، الأمير سلمان بن عبد العزيز يبلغ من العمر 82 عاماً، مازال ينتظر نحب أخيه، وكان قبله قد توفى اثنان من ولاة العهد قبل أن يتسلموا العرش، وهم الأمير نايف والأمير سلطان. وحتى الرجل الثالث في الأسرة الملكة، الذي تشير التوقعات إلى أنه مرشح لمنصب ولي العهد، قبل أن يصبح ملكاً بعد عمر طويل، وهو الأمير مقرن، يناهز عمره السبعين عاماً.
صورة من: picture-alliance/dpa
السلطان قابوس.. لن تتكرر مأساة أبيه
وفي سلطنة عمان يحكم السلطان قابوس البالغ من العمر 72 عاماً البلاد منذ 43 عاماً، ولم يختر خليفة له بعد ومن غير المعروف من ستولى بعده العرش، في ظل أنباء عن عدم وجود ذرية له. السلطان قابوس كان قد وصل إلى الحكم بعد انقلابه على أبيه سعيد بن تيمور عام 1970، وبالتالي فليس هناك من خوف من أن تتكرر مأساة الأب للابن.
صورة من: Getty Images
الكويت.. نقل أو انتقال للسلطة بين آل الصباح
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد (84 عاماً) عمل وزيراً للخارجية لمدة 40 عاماً قبل أن يتولى السلطة عام 2006، بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح. نُقل إليه العرش بسبب مرض الشيخ سعد العبد الله الصباح، الذي لم يتول العرش سوى لأسبوعين فقط وهو على فراش المرض قبل تجريده من المنصب. أما ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح فيبلغ من العمر (75 عاماً). وتظهر من وقت لآخر تسريبات عن حالته الصحية.
صورة من: picture-alliance/dpa
البحرين.. الأولوية لحماية الملكية
ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة من مواليد 1950، تولى الحكم بعد وفاة والده عام 1999. كان قد تولى منصب ولي العهد عام 1964 وعمره كان حينها 14 عاماً...
صورة من: dapd
أما ولي عهد ملك البحرين وخليفته المنتظر فهو ولده الشيخ سلمان من مواليد 1969، ولا توجد مؤشرات على نقل السلطة إليه قريبا، لاسيما وأن مملكة البحرين شهدت ومازالت تشهد أحداثا سياسية كادت أن تعصف بالأسرة المالكة، لولا تدخل قوات درع الجزيرة.
صورة من: picture-alliance/ASA
الإمارات العربية.. ديمقراطية الشيوخ
الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (65 عاماً) تولى رئاسة الدولة عام 2004 بعد موت أبيه، حيث انتخبه المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة رئيساً للدولة، وفق دستور البلاد. ورغم أن نائب رئيس البلاد الحالي هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، فإن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (52 عاماً)، شقيق الرئيس وولي عهد إمارة أبو ظبي هو المرشح لخلافته.
صورة من: Getty Images
الأسرة الهاشمية.. تاريخ من الانقلابات
الملك عبد الله (51 عاماً) تولى العرش بعد وفاة والده الملك حسين عام 1999. كان عمه الحسن ولياً للعهد لأكثر من ثلاثين عاماً قبل أن يعزله الملك حسين ليفسح الطريق لتولي ولده عبد الله العرش، فقام الأخير بعزل أخيه حمزة ليسمى فيما بعد نجله الحسين (من مواليد 1994) ولياً للعهد...
صورة من: picture alliance/dpa
الانقلابات داخل الأسرة الهاشمية لها تاريخ طويل فقد أُجبر الملك طلال على التنازل لولده حسين الذي تولى المنصب عام 1952 وهو في سن 17 عاماً. (الصورة للملك المتوفى حسين وأخيه الأمير حسن).
صورة من: picture-alliance/dpa
المغرب.. جيل ملكي شاب
تولى ملك المغرب محمد السادس (من مواليد 1963) العرش خلفاً لوالده المتوفي الحسن الثاني عام 1999. وحسب موسوعة ويكيبيديا يحمل الملك الشاب شهادة الدكتوراه ويتقن إلى جانب العربية اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والأمازيغية. في عام 2003 رزق الملك وزوجته الحسناء للا سلمى مولوداً سُمي بـ"مولاي الحسن" وطبقاً للدستور المغربي فإن الأمير الصغير (في يسار الصورة) هو ولي العهد. الكاتب: عبده جميل المخلافي.