في أعنف عملية للشرطة في تاريخ البرازيل، سقط 119 قتيلاً على الأقل في ريو دي جانيرو، مما أثار صدمة الرئيس لولا وتساؤلات دولية حول أساليب الشرطة، فيما تحركت الأرجنتين لتعزيز حدودها تحسباً لأي تداعيات.
أثارت أحداث الثلاثاء إدانات واسعة، حيث أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "صدمتها"صورة من: Tomaz Silva/Agência Brasil
إعلان
أعلنت السلطات البرازيلية يوم الأربعاء (30 أكتوبر/تشرين الأول 2025) عن مقتل ما لا يقل عن 119 شخصًا في مدينة ريو دي جانيرو، في أعنف حملة للشرطة في تاريخ البلاد، وهي حصيلة أثارت "صدمة" الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
تأتي هذه الأرقام غداة عملية أمنية واسعة النطاق نُفّذت يوم الثلاثاء ضد شبكات تهريب المخدرات، واستهدفت بشكل خاص مجمعي مدن الصفيح الضخمين، كومبليكسو دا بينيا وكومبليكسو دو أليماو، الواقعين في شمال المدينة. وتُعدّ هذه العملية تذكيرًا صارخًا بقوة عصابات الجريمة المنظمة في البرازيل، وتثير تساؤلات جدية حول أساليب الشرطة.
تُعدّ هذه العملية تذكيرًا صارخًا بقوة عصابات الجريمة المنظمة في البرازيل، وتثير تساؤلات جدية حول أساليب الشرطة.صورة من: Jose Lucena/TheNEWS2/ZUMA/picture alliance
حصيلة الضحايا وتفاصيل العملية
أشارت سلطات ريو دي جانيرو إلى أن الحصيلة الأولية للقتلى لا تقل عن 119 شخصًا، منهم 115 مشتبهًا بهم وأربعة شرطيين. ويأتي هذا الرقم بعد إعلان مقتل حوالي 60 شخصًا يوم الثلاثاء.
إعلان
من جهة أخرى، أحصى مكتب المحامي العام، وهو وكالة حكومية تقدم المساعدة القانونية للفئات الأكثر ضعفًا في المدينة، ما لا يقل عن 132 قتيلًا.
وقد شهد يوم الثلاثاء أكبر عملية شرطة على الإطلاق في المدينة، حيث حشدت 2500 عنصر ضد جماعة "كوماندو فيرميليو"، وهي الجماعة الإجرامية الرئيسية في ريو التي تنشط في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان. ووصف الحاكم اليميني لولاية ريو دي جانيرو، كلاوديو كاسترو، العملية بأنها كانت "ناجحة"، مشيرًا إلى أنها جاءت بعد أكثر من عام من التحقيقات ونتج عنها 113 عملية توقيف.
واصل سكان المدينة يوم الأربعاء انتشال عشرات الجثث من غابة في أعلى حيّ كومبليكسو دا بينيا، وسط أجواء من البكاء والغضب.صورة من: Tomaz Silva/Agência Brasil
لولا دا سيلفا "مصدوم".. وانتقادات أممية
أبدى الرئيس لولا دا سيلفا "صدمته" بعدد القتلى، وفق ما نقل وزير العدل ريكاردو ليفاندوفسكي، الذي أشار إلى أن الحكومة الفدرالية في برازيليا لم تكن على علم مسبق بالعملية. وكان لولا قد صرّح على منصة "إكس" بأن البرازيل لا يمكنها "قبول" الجريمة المنظمة، داعيًا إلى "عمل منسق يضرب في صميم الاتجار (بالمخدرات) دون تعريض عناصر الشرطة والأطفال والعائلات البريئة للخطر".
في غضون ذلك، واصل سكان المدينة يوم الأربعاء انتشال عشرات الجثث من غابة في أعلى حيّ كومبليكسو دا بينيا، وسط أجواء من البكاء والغضب.
وعلى الصعيد الدولي، أثارت أحداث الثلاثاء إدانات، حيث أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "صدمتها"، داعية إلى "تحقيقات سريعة". واعتبرت أكثر من 30 منظمة غير حكومية، بينها منظمة العفو الدولية، أن ريو دي جانيرو غارقة في "حالة رعب" بسبب عملية الشرطة.
وتأتي هذه الأحداث الدموية قبل أيام من استضافة البرازيل لقادة العالم في بيليم بمنطقة الأمازون لحضور مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب30).
تداعيات الفوضى وتحرك أرجنتيني
سادت الفوضى أجزاء كبيرة من ريو يوم الثلاثاء، حيث عُلّقت الدراسة في المدارس، وتعطلت المواصلات العامة بشكل كبير، وتقطعت السبل بآلاف السكان. غير أن الحياة عادت تدريجياً إلى طبيعتها يوم الأربعاء.
وفي إجراء احترازي، أمرت الحكومة الأرجنتينية يوم الأربعاء بتعزيز الرقابة على الحدود مع البرازيل. وقالت وزيرة الأمن الأرجنتينية باتريشا بولريتش على منصة "إكس": "نحن نعمل على تعزيز الحدود لحماية الأرجنتينيين من أي محاولة هروب" من الجانب البرازيلي. وتتقاسم الأرجنتين والبرازيل حدودًا برية تمتد على 1132 كيلومترًا.
يُذكر أن أعنف تدخل للشرطة في تاريخ البرازيل قبل هذه العملية يعود إلى العام 1992، عندما قُتل 111 سجينًا أثناء قمع أعمال شغب في سجن كارانديرو قرب ساو باولو.
تحرير: عماد حسن
عندما يجف النهر.. القابلات تنقذن أرواحا في غابات الأمازون!
تعاني المناطق النائية في غابات الأمازون من غياب الخدمات، وتراجع وجفاف الأنهار يصعب على السكان الوصول بالقوارب إلى المناطق التي توجد بها خدمات طبية. وتلعب القابلات التقليديات دورا مهما في مساعدة الحوامل وإنقاذ الأرواح.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
صعوبة العبور إلى الضفة الأخرى
في أعماق غابات الأمازون، تحتاج امرأة حامل إلى المساعدة. إنها على وشك الولادة، لكن القحط جفف الأنهار التي تربط مجتمعها بأقرب مستشفى. تعطي الضفاف الرملية المكشوفة لنهر الأمازون بالقرب من تيفي، فكرة عن مدى تعقيد وخطورة المناورة بالقوارب إلى الجزء الصالح للملاحة من النهر.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
"أم السرة" لـ 180 طفلاً
إن البقاء عالقة في الغابة ليس خياراً متاحاً للنساء الحوامل بشدة. لحسن الحظ هناك نساء مثل تابيتا دوس سانتوس مورايس: واحدة من مئات القابلات التقليديات اللاتي يقمن بتوليد النساء في القرى النائية في أكبر الغابات المطيرة في العالم. وتطلق هذه المرأة البالغة من العمر 51 عاماً على نفسها لقب "أم السرة" لأكثر من 180 طفلاً قامت بتوليدهم.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
"حيثما توجد قابلة لا تموت النساء أثناء الولادة"
يقع مجتمع ديوس إي باي بالقرب من تيفي في عمق منطقة الأمازون. وبالنظر إلى الوضع هناك، لا تنفك ساندرا كافالكانتي تتساءل: "كيف يمكن ضمان الرعاية الصحية في مثل هذه المنطقة النائية؟" ومع ذلك تعرف المسؤولة في وزارة الصحة في ولاية أمازوناس شيئًا واحدًا: "حيثما توجد قابلة تقليدية، لا تموت النساء أثناء الولادة".
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
يوم كامل للوصول إلى المستشفى
لا يمكن قطع المسافات الطويلة في هذه المنطقة إلا عبر الأنهار. تحتاج مورايس لحوالي أربع ساعات في زورقها من منزلها في ديوس إي باي إلى المستشفى في أقرب بلدة في تيفي. ولكن بعد عامين من الجفاف الذي حطم الأرقام القياسية، يمكن أن تستغرق الرحلة نفسها أكثر من يوم واحد إذا كان النهر لا يزال صالحًا للعبور على الإطلاق.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
حساء "شُربة العناية" التقليدي
تقوم تابيتا دوس سانتوس مورايس بإعداد ما يسمى "مرق العناية" وهو حساء تقليدي في المنطقة مصنوع من دقيق جذور المنيهوت مع قليل من الفلفل وقليل من الملح والثوم والبصل. ويهدف إلى منح المريضة القوة والسماح لها بالهدوء. هذه الوجبة البسيطة والمغذية في آن واحد هي جزء من سلسلة طويلة من الممارسات التقليدية التي تستخدمها القابلات في منطقة الأمازون.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
العودة إلى القابلة
مثل معظم النساء البرازيليات خططت مايلين البالغة من العمر 22 عاماً لولادة طفلها في مستشفى حيث يمكن علاج المضاعفات بسهولة أكبر، وسافرت إلى تيفي في بداية شهر أكتوبر. لكنها سرعان ما أدركت أنها ستحتاج إلى المال والدعم من أجل البقاء هناك لفترة أطول. لذلك عادت وتعتمد الآن على مساعدة القابلة المتمرسة مورايس.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
ضعف دخل القابلات
تستريح القابلة للحظة على قارب زوجها نوناتو. عملها تطوعي بحت لأن الحكومة لا تدفع أجور القابلات التقليديات إلا إذا خضعن لتدريب رسمي. حتى القابلات المدربات في ولاية أمازوناس غالباً ما يعشن في ظروف غير مستقرة: يكسب الكثير منهن أقل من الحد الأدنى القانوني للأجور.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
تناقل الخبرات.. لكن المهنة مهددة بالاندثار
تنقل تابيتا دوس سانتوس مورايس الآن معرفتها إلى ابنتها. وقد تعلمت هي نفسها حرفة التوليد من والدتها، لذا فقد كانت هذه المهنة تقليدًا عائلية منذ فترة طويلة. ومع ذلك يتناقص عدد الشابات اللاتي يرغبن في ممارسة هذه المهنة وربما يرجع ذلك أيضًا إلى ضعف الأجور. لذلك يزداد الطلب على القابلات التقليديات في العديد من المجتمعات المحلية لكنهن يتقدمن في السن أكثر فأكثر.
صورة من: Pilar Olivares/REUTERS
البنت على خطى الأم
وتساعد مارين دوس سانتوس مورايس، ابنة تابيتا البالغة من العمر 14 عامًا في إدارة المنزل يومًا بعد يوم وتتعلم مهنة والدتها على طول الطريق. ولا تطيق الانتظار حتى تسير على خطاها يوماً ما. وتقول مارين مبتسمة: "أنا فخورة جدًا بها". "أحاول أيضًا أن أحذو حذوها".