البرلمان الألماني يرفض قانون الهجرة وسط جدلٍ سياسيٍ حاد
٣١ يناير ٢٠٢٥في جلسة شهدت توتراً سياسياً واسع النطاق، رفض البرلمان الألماني (البوندستاغ) يوم الجمعة (31 يناير/ كانون الثاني)مشروع قانون الهجرة المثير للجدل، الذي قدمه تكتل الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي من تيار يمين الوسط، بهدف تشديد سياسات الهجرة.
جاء هذا الرفض بفارق ضئيل، حيث صوت 350 نائباً ضد مشروع القانون مقابل 338 نائباً لصالحه، فيما امتنع خمسة نواب عن التصويت.
وعقب التصويت قال المستشار الألماني أولاف، إن حزبه الاشتراكي الديمقراطي "لن يتعاون مطلقاً في قضية مشتركة مع اليمين المتطرف" ، وذلك بعد أسبوع من الضجة السياسية التي هزت برلين قبل أقل من شهر من إجراء الانتخابات الوطنية.
وأضاف شولتس، : "اجتماع أي شخص في قضية مشتركة مع اليمين المتطرف يعد استسلاماً للمتطرفين"، وذلك في إشارة إلى قرار منافسه المحافظ فريدريش ميرتس بالدعوة إلى إجراء إصلاحات في سياسة الهجرة في البرلمان بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.
انقسامات سياسية وجدل حول التحالفات
وأثار قرار زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس بطرح مشروع القانون للتصويت موجة من الجدل، حيث بدا أن تمريره سيتطلب دعم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وهو ما أثار استياء الأحزاب المعتدلة. وحاول الاتحاد المسيحي في اللحظات الأخيرة التوصل إلى توافق مع بقية الأحزاب الديمقراطية، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل، ما أدى إلى التصويت على مشروع القانون كما كان مقرراً.
وعقب الإعلان عن النتيجة، قابل نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر – أكبر حزبين معارضين لمشروع القانون – القرار بتصفيق حار، معتبرين أن رفض المشروع يمثل انتصاراً للقيم الديمقراطية.
ميرتس يتحدى
ورغم هزيمة قانون الهجرة الذي اقترحه في البرلمان الألماني، يرى زعيم الحزب المحافظ فريدريش ميرتس نفسه وفصيله في موقف أقوى.
وقال ميرتس، قبل أقل من أربعة أسابيع من الانتخابات الوطنية: "أرى نفسي أيضاً أقوى كثيراً بما قررناه في الفصيل هذا الأسبوع". وأضاف ميرتس: "يدخل هذا الفصيل البرلماني الآن الأسابيع الثلاثة الأخيرة من حملة الانتخابات البرلمانية بثقة كبيرة في النفس، وأنا كذلك".
وأوضح ميرتس أنه يفترض أن مواطني ألمانيا يعتقدون الآن حقا أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي "جاد بشأن تغيير سياسة اللجوء والهجرة". وقال إن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، على وجه الخصوص، كان دائماً يشكك "بجدية شديدة" في إمكانية الوثوق بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في هذه القضية.
ردود أفعال متباينة داخل المشهد السياسي
من جانبها، أعربت بريتا هازلمان، الزعيمة المشاركة للمجموعة البرلمانية لحزب الخضر، عن ارتياحها بعد فشل مشروع القانون، مؤكدة أن "اليوم كان صعباً للغاية في البرلمان، لكن النتيجة خبر جيد". لكنها في الوقت ذاته أشارت إلى وجود "شقوق كبيرة في الوسط الديمقراطي"، محذرة من التداعيات السياسية لهذه الانقسامات.
على النقيض، انتقدت أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، فريدريش ميرتس بشدة، معتبرة أن فشله في تمرير المشروع يمثل "انهياراً لحزب شعبي محافظ". وأكدت أن ميرتس، الذي يعد أبرز مرشح لليمين المحافظ في الانتخابات الوطنية المقبلة، قد فقد فرصته ليكون مستشار ألمانيا مستقبلاً، مضيفة: "كان هذا إخفاقاً كبيراً لميرتس كمرشح لمنصب المستشار".
الانتخابات المقبلة وتأثيرات الرفض
تأتي هذه التطورات السياسية في وقت يحتل فيه حزب البديل من أجل ألمانيا المركز الثاني في استطلاعات الرأي، قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 23 فبراير/ شباط المقبل. وأكدت فايدل أن حزبها صوت بالإجماع لصالح مشروع القانون، مشددة على وحدة الحزب قائلة: "لا يوجد لدينا منشقون يطعنون قضية مشروعة في الظهر".
ويؤشر رفض مشروع القانون إلى استمرار الانقسام العميق حول سياسة الهجرة في ألمانيا، خاصة مع تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة. ويضع هذا الفشل ضغوطاً إضافية على الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي يحاول استعادة قوته السياسية وسط منافسة شرسة قبيل الانتخابات المقبلة.
ومع تزايد الجدل حول قضايا الهجرة والسياسات الأمنية، يبدو أن الملف سيظل محوراً رئيسياً في الحملات الانتخابية القادمة، وسط تساؤلات حول قدرة الأحزاب التقليدية على مواجهة تنامي التيارات اليمينية المتطرفة وتأثيرها المتزايد على المشهد السياسي الألماني.
ع.أ.ج/ع.ح (د ب ا، أ ف ب)