حل وزير الخارجية المصري سامح شكري هذا الأسبوع ضيفا على برلين للتباحث حول سبل التعاون المشترك بين البلدين. لكن تراجع مستوى حقوق الإنسان في مصر وقمع المعارضة تؤثران سلبا على نظرة ألمانيا والغرب تجاه حكم السيسي.
إعلان
بعد حل البرلمان المصري (مجلس الشعب) عام 2012، حكم الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور والرئيس عبد الفتاح السيسي البلاد دون رقابة برلمانية. والآن، و بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات أصبح لمصر برلمان جديد. لكن غالبية النواب الذين يبلغ عددهم 596 نائبا، تنتمي إلى تحالفات داعمة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
تطبيع سياسي؟
بالنسبة لأنصار الحكومة فعودة البرلمان تشكل خطوة رمزية مهمة نحو تطبيع الحياة السياسية في مصر. وأشارت صحيفة "الأهرام" إلى الأهمية الكبيرة للبرلمان الجديد ، حيث كتبت تقول: "يمكن للبرلمان الجديد وضع الثقة في الحكومة، أو إعادة هيكلتها، كما يمكنه إقالة رئيس الوزراء، أو إعلان حالة الطوارئ أو الحرب. وباستطاعته أيضا المصادقة على الميزانية وسحب الثقة عن الرئيس في ظروف معينة فقط"
ومع ذلك، فالبرلمان له نقاط ضعف حسب صحيفة "الأهرام"، بسبب ضعف نسبة المشاركة في التصويت، حيث كانت بمستوى 28 بالمئة فقط. أما أسباب ذلك حسب "الأهرام"، فهي كثيرة أبرزها الانقسامات السياسية، والتضاربات من أجل الاستقطاب، إضافة إلى ضعف مستوى المشاركة السياسة.
تحديات كبيرة في الداخل والخارج
من جهة، تواجه الحكومة تحديات كبيرة في الداخل بسبب المتمردين الجهاديين خصوصا في شبه جزيرة سيناء، حيث يحاولون زعزعة استقرار البلاد. كما أن الهجوم الأخير بسكين على سياح أجانب في منتجع الغردقة على البحر الأحمر في التاسع من يناير / كانون الثاني الجاري، ينشر الخوف بين السياح ويزيد من إضعاف قطاع السياحة المتدهورة أصلا، علما أن السياحة تشكل مصدر دخل رئيسي في البلاد.
ومن جهة أخرى، تنهج الحكومة سياسة عنيفة تجاه المعارضين السياسيين. ولهذا الغرض تم اتصدار قانون خاص بالقضايا الأمنية في يونيو/ حزيران من العام الماضي. وبمقتضى هذا القانون الجديد يمكن الحكم بالسجن على كل من رغب في إسقاط النظام أو تغيير الدستور لمدد تتراوح بين 10 إلى 25 سنة. أما بالنسبة لمن قام بتقديم مساعدات لتنظيمات إرهابية أو تولى منصبا قياديا داخلها، فقد تصل مدة العقوبة إلى 25 سنة سجنا أو الحكم عليه بالإعدام. ومن تورط في أعمال التشجيع على الإرهاب عبر مواقع التواصل الإجتماعي فسيكون الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. ويسمح القانون الجديد للحكومة بمتابعة المعارضين في البلاد.
وحسب التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية 2014/2015 يقدر عدد السجناء السياسيين في مصر بحوالي 40 ألف سجينا.
تراجع الحريات
وضعية حرية الصحافة هي الأخرى لم تعد مضمونة حسب المنظمة الحقوقية. ويتعرض عشرات الصحفيين المصريين لاعتقالات، إضافة الى عدد من الضغوطات على آخرين. ففي نهاية العام الماضي تم إغلاق الموقع الإلكتروني للصحيفة الليبرالية "العربى الجديد".
وبالنسبة للخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ستيفان رولف فإن "مستوى القمع في مصر حالياً أصبح أعلى مما كان عليه تحت حكم حسني مبارك". ويضيف الخبير الألماني في لقاء صحفي: "نحن نعيش أظلم فصل في التاريخ الحديث للبلاد...المعارضة يتم ابعادها تماما عن العملية السياسية... وهذه مشكلة كبيرة جدا". كما إن استبعاد جزء كبير من السياسيين سيساهم في توجه العديد من الناس إلى التطرف، ما يشكل أرضية خصبة للإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، لم يقدم الرئيس السيسي وحكومته أجوبة شافية لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الكبرى في البلاد.
وأمام هذا الوضع فإن التعاون الألماني مع مصر يرتبط " بإشكالية سياسية"، حسب ستيفان رول. ورغم ذلك فلألمانيا مصلحة اقتصادية كبيرة في التعاون مع مصر، وهو ما عبرت عنه الحكومة الاتحادية مرارا، كما يضيف الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ستيفان رول.
زيارات السيسي إلى الخارج منذ توليه الرئاسة
يواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي تحديا كبيرا يتمثل في إعادة مصر دورها الريادي، فمنذ توليه الرئاسة يعمل على إعادة تنشيط العلاقات واستعادة صداقات مصر القديمة وتحالفاتها بعد الأحداث التي تلت تنحي الرئيس الأسبق مبارك عن الحكم.
صورة من: picture-alliance/Egyptian Presidency/Handout
كانت الجزائر المحطة الأولى في جولات السيسي الخارجية على التوقعات، فقد وعد خلال حملته لانتخابات الرئاسة أن تكون السعودية أولى محطات زياراته الخارجية كرئيس، لتصبح أول زيارة لرئيس مصري إلى الجزائر منذ 5 سنوات. وأكدت خصوصية العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل التصريحات خلال فترة الدعاية في انتخابات الرئاسة، والتي قُيل فيها أن الجيش المصري قادر علي اجتياح الجزائر في ثلاثة أيام وهو ما نفاه السيسي.
صورة من: picture-alliance/dpa
جاءت مشاركة الرئيس المصري في أعمال مؤتمر القمة الإفريقية بغينيا الاستوائية، التي عقدت في 26 يونيو/ حزيران الماضي للتأكيد على عودة مصر للقارة الإفريقية التي سبق وأن أُهملت خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وجُمدت عقب إزاحة الإسلاميين عن الحكم. وشملت الجولة الإفريقية السودان وأثيوبيا لمناقشة ملف سد النهضة الذي تقيمه على النيل.
صورة من: Ashraf Shazly/AFP/Getty Images
أما زيارة السيسي إلى السعودية لما قدمته الأخيرة من دعم وفي إقناع المجتمع الدولي بأن إزاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي في 30 يونيو كانت تعبيراً عن إرادة شعبية، وبالتالي فكان لابد أن يعبر السيسي عن "الامتنان المصري للجانب السعودي".
صورة من: picture-alliance/AA
وشملت جولته الخليجية آنذاك الإمارات والكويت، اللتان قدمتما بدورهما إلى جانب السعودية دعماً مادياً لمصر بعد عزل مرسي، حيث ترك الإسلاميون خلال فترة حكمهم القصيرة اقتصاد البلد على حافة هاوية. وانعكس التقارب مع دول الخليج لاحقاً في مشاركة مصر في التحالف العربي بشن الحرب على اليمن.
صورة من: picture alliance/ZUMA Press/Egyptian Presidency
في ظل الموقف الأمريكي من إزاحة الإسلاميين عن الحكم، كانت زيارة السيسي إلى موسكو ذات أهمية كبيرة. ومع دخول الطائرة الرئاسية إلى الأجواء الروسية رافقها سرب من المقاتلات الروسية. وانتهت الزيارة بالتأكيد على دعم التعاون العسكري والصناعي بين البلدين.
صورة من: Reuters
كانت زيارة السيسي إلي نيويورك محط اهتمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لا سيما أنه الظهور الأول للرئيس المصري في الأمم المتحدة ناقلاً "رسالة مصر للعالم بعد ثورة 30 يونيو وما تبعها من حالة سوء فهم الحالة المصرية". لقاء السيسي بالرئيس الأمريكي أوباما حرك العلاقات التي تأزمت آنذاك بين الدولتين.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Anthony
وكانت أولى زيارات السيسي إلى دول الاتحاد الأوروبي في إيطاليا، وكان القضية الأكبر خلال الزيارة هي ليبيا، التي أضحت مسرحاً لحرب أهلية بين الجماعات المتشددة. وأيدت إيطاليا جهود مصر في مكافحة الإرهاب وتوصل الجانبان إلى توافق بشأن التهديد الذي تشكله ليبيا ما بعد القذافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Campana
هذه الجولة الأوروبية قادت السيسي أيضاً إلى لقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند. خلال الزيارة أُبرمت ثلاث اتفاقيات تتضمن أولها إعلان نوايا حول الشراكة الفرنسية المصرية تتعلق بمترو أنفاق القاهرة، بينما تهدف الثانية دعم البنية التحتية في مصر، والثالثة أطرت دعم التوظيف عبر تمويل الشركات الصغيرة في المناطق الأكثر فقراً.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Jocard
اللقاء الأول بين السيسي والمستشارة الألماني أنغيلا ميركل على هامش منتدى دافوس في سويسرا في يناير/ كانون الثاني الماضي. لكن زيارته الحالية استبقها رئيس البرلمان الألماني روبرت لامرت، إذ قرر إلغاء لقائه المقرر مع السيسي في احتجاج على ما وصفها بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Coffrini
جاءت زيارة السيسي الأولى إلى الأردن على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منتصف مايو/ أيار الماضي. وقال السيسي في المنتدى إن "الجمود الفكري الناجم عن التطرف والغلو الديني أو المذهبي تزداد حدته جراء اليأس والإحباط وتراجع قيم العدالة بمختلف صورها".
صورة من: picture-alliance/dpa
تبلورت التوترات بين مصر والمحور القطري-التركي بعد عزل مرسي، فقد سحبت القاهرة سفيريها لدى الدوحة وأنقرة، في أعقاب المواقف القطرية والتركية المنددة بسياسات الدولة المصرية، ودعم البلدين لتنظيم الإخوان المسلمين، ما نتج عنه حملات إعلامية حادة متبادلة بين الجانبين.