هدد عبد الفتاح البرهان الحاكم الفعلي للسودان بطرد الممثل الخاص للأمم المتحدة، الألماني فولكر بيرتس، متهماً إياه بـ "التدخل" في شؤون البلاد و"تجاوز صلاحيات تفويضه".
إعلان
هدّد الحاكم الفعلي للسودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان أمس الجمعة (الأول من نيسان/أبريل 2022) بطرد الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس بسبب ما وصفه "التدخل" في شؤون البلاد و"تجاوز صلاحيات تفويضه".
وقال بيرتس في خطاب أمام مجلس الأمن الدولي الاثنين إن السودان يتجه نحو "انهيار اقتصادي وأمني ومعاناة إنسانية كبيرة" ما لم تُستأنف الفترة الانتقالية بقيادة المدنيين الذي أطاحهم البرهان في انقلاب عسكري العام الماضي.
كما حذر المبعوث الأممي من ارتفاع منسوب الجريمة والفوضى، وقتل المتظاهرين المناهضين للانقلاب، والعنف ضد المرأة "من جانب أفراد قوات الأمن"، وتصعيد استهداف النشطاء.
وخلال حفل تخريج دفعات جديدة من الكلية الحربية وجامعة كرري، طالب البرهان المبعوث الأممي "بأن يكف عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة الأممية والتدخل السافر في الشأن السوداني وبأن ذلك سيؤدي إلى طرده من البلاد"، كما حضّ الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي على "تسهيل الحوار بين السودانيين وتجنب تجاوز تفويضهم"، وفق ما أورد بيان مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش. وقال البرهان: "نحن نرى تطاوله بالأمس يتحدث ويكذب، وأضاف: "نحن نقول له إذا تجاوزت التفويض سنخرجك خارج السودان"، وتابع: "نحن نقول هل أنت عندك تفويض محدد... لكن أن تكذب وتتولى إمارة أو إدارة الشعب السوداني سنطردك".
بدوره، اتهم رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة إبراهيم الحوري في مقال الخميس بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) برئاسة فولكر بيرتس بأنها "لم تلتزم بمبدأ الحياد".
ورفضت البعثة الاتهام لكنها شددت على أنها "غير محايدة بخصوص الالتزام بحماية حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية".
وتهزّ احتجاجات حاشدة السودان منذ الانقلاب وتواجه بحملة قمع عنيفة من قوات الأمن أسفرت حتى الآن عن مقتل 93 شخصاً، وفق نقابة أطباء مستقلة.
وقال بيرتس إن بعثة الأمم المتحدة اتفقت مع الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) على بذل جهود مشتركة لتسهيل المحادثات في السودان. كما دعمت مجموعة أصدقاء السودان، وهو تجمع يضم الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، الجهود الأخيرة لتسهيل الحوار.
وتشمل مهمة بيرتس عقد سلسلة من المشاورات، إلى جانب الاتحاد الإفريقي، بهدف التوصل إلى حل سياسي في أعقاب سيطرة الجيش على السلطة في أكتوبر/تشرين الأول منهيا بذلك اتفاق تقاسم السلطة مع الأطراف المدنية.
ودعت المجموعة إلى استئناف العملية السياسة بقيادة المدنيين التي بدأت اثر إطاحة الرئيس السابق عمر البشير عام 2019 لأن "من شأنها أن تمهد الطريق لاستعادة المساعدة الاقتصادية وتخفيف الديون الدولية".
ع.ح./خ.س. (أ ف ب، رويترز)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب