"البوليساريو لا تمانع الحكم الذاتي بشرط موافقة الصحراويين"
صلاح شرارة أ ف ب
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥
في تطور لافت قد يعيد تشكيل مسار النزاع الطويل في الصحراء الغربية، فتح قيادي بارز في جبهة البوليساريو الباب أمام قبول مقترح الحكم الذاتي المغربي، شريطة أن يختاره الشعب الصحراوي عبر "استفتاء حر ونزيه".
أكد القيادي في بوليساريو محمد يسلم بيسط أنه في حال تم تنظيم استفتاء واختار الصحراويون الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كما تقترح الرباط، بدل الاستقلال كما تطالب جبهته، فسيتم قبوله.
وأوضح بيسط مسؤول الشؤون الخارجية في بوليساريو لوكالة فرنس برس أن "المقترح الموسع" الذي قدمته الأخيرة إلى مجلس الأمن الاثنين "يتضمن الخيارات الثلاثة التي يحددها القانون الدولي والضمانات المرتبطة بها، وهي: الاستقلال والانضمام وميثاق الارتباط الحر الذي قد يشبه ما يقترحه المغرب".
وفي رده عن سؤال حول ما إذا كانت بوليساريو ستقبل الحكم الذاتي إذا صوت عليه الصحراويون، قال "نعم..نحن خطونا خطوة نحو المغاربة لكن مناقشة مقترح الحكم الذاتي خارج إطار الاستفتاء غير مطروح ولا يمكن قبوله بأي شكل من الاشكال". وتابع "لابد من خيارات متعددة بما فيها الاستقلال يتم تقديمها للصحراويين وإذا اختاروا أي خيار مهما كان فنحن نقبل بذلك. من غير المقبول أن يفرض على الشعب الصحراوي خيار واحد، جبهة البوليساريو لن تقبله مهما كانت الظروف".
الأمم المتحدة والصحراء الغربية: نزاع بلا تسوية
تعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، من بين "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي" في ظل غياب تسوية نهائية. وهي الإقليم الوحيد في القارة الإفريقية الذي لا يزال وضعه معلقا بعد انتهاء الاستعمار.
ويطرح المغرب الذي يسيطر على 80% من أراضي الإقليم، حكما ذاتيا تحت سيادته باعتباره حلا وحيدا للنزاع، بينما تطالب الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، المدعومة من الجزائر، بإجراء استفتاء لتقرير المصير.
وعرضت الرباط مبادرة الحكم الذاتي في 2007، استجابة لدعوات مجلس الأمن الدولي الذي يتولى النظر في هذا النزاع، بغرض التوصل إلى "حل سياسي نهائي".
وأكد محمد يسلم بيسط أن المقترح الصحراوي الجديد جاء استجابة لمطلب مجلس الأمن للطرفين بتوسيع المقترحات.
ويصوّت مجلس الأمن الدولي في 31 تشرين الأول/أكتوبر على مشروع قرار جديد بشأن الصحراء الغربية. وتدعم ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، المقترح المغربي إضافة إلى إسبانيا وألمانيا.
ويرى بيسط أن روسيا "موقفها بنّاء"، في حين تتمسك الصين بقرارات مجلس الأمن" السابقة.
إعلان
الاستفتاء المؤجل منذ 2000
وتتمسك جبهة بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم، كما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين الطرفين عام 1991 برعاية الأمم المتحدة.
ويؤكد محمد يسلم بيسط أن "كل شيء جاهز لتنظيم الاستفتاء منذ سنة 2000 بعد إعداد إحصاء الناخبين من قبل الأمم المتحد وبمشاركة الطرفين الصحراوي والمغربي". واعتبر أن "تعطيل الاستفتاء سببه غياب الإرادة السياسية للمغرب ومواقف بعض القوى الفاعلة التي توهم المغرب بأنها يمكن أن تعطيه الصحراء الغربية التي هي ملك حصري لأهلها ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تهبها للمغرب". وتابع "الشعب الصحراوي هو الوحيد الذي يمكن أن يتصرف في بلاده عن طريق استشارة شعبية ديموقراطية ترعاها الأمم المتحدة".
في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2024، جدّد مجلس الأمن الدولي دعوة المغرب وبوليساريو والدولتان الجارتان الجزائر وموريتانيا إلى "استئناف المفاوضات" للتوصّل إلى حلّ "دائم ومقبول من الطرفين".
تحرير: خالد سلامة
العلاقات المغربية الجزائرية.. محطات بين التلاحم والعداء
قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب هو أحدث تطور لعقود من التوتر والأزمات، حيث تحولت العلاقة بين البلدين من الدعم والمساندة إلى القطيعة والعداء بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك وتراشق الاتهامات بدعم الانفصاليين.
صورة من: daniel0Z/Zoonar/picture alliance
المغرب يدعم الثورة الجزائرية
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر 1954 سارع ملك المغرب محمد الخامس آنذاك إلى دعم حركة المقاومة، وبادر على مدار سنوات إلى استضافة قادة الثورة، مؤكدا على أن تحرر الجزائر هي قضية مركزية للدول المغاربية. وفي ظل تعاطف شعبي كبير، تمّ جمع التبرعات وفُتحت الحدود أمام الثوار الجزائريين، ما ساهم في رفد الثورة الجزائرية بالمال والسلاح.
صورة من: dpa
حرب الرمال
صفو العلاقات تكدر في العام 1963، حين اندلعت "حرب الرمال" بين البلدين الجارين بسبب مجموعة حوادث حدودية. وكان ذلك بعد عام على استقلال الجزائر لتستمر "حرب الرمال" عدة أيام تاركة شرخاً حقيقيا في العلاقات.
صورة من: picture-alliance/dpa/UPI
المسيرة الخضراء ساهمت في توتر العلاقة
عبر "المسيرة الخضراء" في 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي، بسط المغرب سيطرته على الصحراء الغربية. وفي آذار/ مارس 1976 قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.
صورة من: picture-alliance/dpa/DB UPI
تحسن في العلاقات
في 26 شباط/فبراير 1983 التقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الشاذلي بن جديد على الحدود الجزائرية المغربية. ساهم هذا اللقاء في عودة حرية التنقل بين البلدين، كما أُعلن عن ذلك في أبريل/ نيسان من العام ذاته. ثم في أيار/مايو تمّ الاتفاق على السماح تدريجيا بتنقل الأشخاص وبحرية نقل السلع بين البلدين وفتح الخطوط الجوية وسكك الحديد.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرض تأشيرة واغلاق الحدود
في 16 آب/أغسطس 1994 استنكرت الرباط تصريحات الرئيس الجزائري اليمين زروال التي اعتبر فيها أن الصحراء الغربية "بلد محتل". وفي 26 آب/ أغسطس فرض المغرب التأشيرة على جارته الشرقية عقب هجوم استهدف فندقا في مراكش قُتل فيه سائحان إسبانيان على يد إسلاميين متطرفين. واتّهم المغرب قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم، فيما أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
تقارب وجفاء
في 25 تموز/يوليو 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلا في جنوب غرب الجزائر، اتّهم بوتفليقة على خلفيتها المغرب بتسهيل تسلل إسلاميين مسلّحين إلى بلاده.
صورة من: AP
عودة اللقاءات
لقاءات بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس، أسهمت في "كسر الجليد" قليلاً. ففي تموز/يوليو 2011 أعلن ملك المغرب تأييده لإعادة فتح الحدود البرية ولتطبيع العلاقات. وهو ما ردّ عليه الراحل عبد العزيز بوتفليقة معرباً عن "عزمه إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg, F. Senna
دعوة لفتح صفحة جديدة
في كانون الأول/ديسمبر 2019 دعا الملك محمد السادس إلى فتح "صفحة جديدة" في رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
صورة من: Niviere David/ABACAPRESS/picture alliance
ملف الصحراء الشائك يتجدد
في كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت الجزائر بـ"مناورات أجنبية" تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل التي كانت قد وقعت مع المغرب "معاهدة تطبيع"، ضمن اتفاق ثلاثي أفضى أيضا إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي 18 تموز/يوليو 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب "للتشاور".
"اعادة النظر" بالعلاقات بين البلدين
في 31 تموز/يوليو الماضي، في خطابه بمناسبة اعتلاءه على العرش، أعرب ملك المغرب عن "أسفه للتوترات بين البلدين" ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. لكن الجزائر قررت في 18 آب/ أغسطس "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت البلاد.
صورة من: Billel Bensalem/App/dpa/picture alliance
قطع العلاقات
في 24 آب/ أغسطس أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضد الجزائر "منذ استقلالها"، إلى غاية "استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية" على حدّ قوله.
صورة من: Fateh Guidoum/AP/picture alliance
أسف مغربي لقطع العلاقات
وفي ردّ فعل رسمي، أعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن أسفها "للقرار الأحادي" الذي اتخذته الجزائر، معتبرة إياه قراراً "غير مبرر"، لكنه "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة"، كما جاء في بيان الوزراة المغربية. (اعداد: علاء جمعة)