التأجيل كان مرجحا.. ألمانيا قلقة بشأن الانتخابات الليبية
٢٢ ديسمبر ٢٠٢١
رغم أنه كان يلوح في الأفق خلال الأسابيع الماضية، أعربت ألمانيا عن قلقها بشأن تأجيل الانتخابات الليبية لأنها تكتسب "أهمية شديدة" للمجتمع الدولي والليبيين. جاء ذلك بعد اقتراح مفوضية الانتخابات الليبية تأجيلها لمدة شهر.
إعلان
أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن شعورها بالقلق حيال تأجيل الانتخابات الرئاسية في ليبيا التي كان مزمعا إجراؤها بعد غد الجمعة.
وفي أعقاب لقاء مع وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن في برلين، قالت السياسية المنتمية إلى حزب الخضر اليوم الأربعاء (22 ديسمبر/ كانون الأول 2021)، إن التأجيل كان يلوح في الأفق خلال الأسابيع الماضية، "لكن ذلك لا يقلل منه كباعث على القلق".
ورأت بيربوك أنه يبدو أن هناك بعض الأمور القانونية التي لايزال يتعين توضيحها، مشيرة إلى التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة من أجل إيجاد هذا التوضيح سريعا وحتى يمكن إجراء الانتخابات "لأن هذا أمر شديد الأهمية ليس للمجتمع الدولي وحسب بل على وجه الخصوص لليبيين في هذه السنوات من الكارثة المخيفة التي تواجه بلادهم".
وأكدت السلطات الليبية الأربعاء أن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بعد غد الجمعة لن تجرى بعدما تقدمت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا الأربعاء باقتراح إلى مجلس النواب لتأجيلها إلى 24 يناير/ كانون الثاني بدلا من موعدها الأساسي، أي بعد شهر تقريبا من موعدها الأصلي.
وعزت المفوضية هذا الاقتراح بالتأجيل إلى وجود أوجه قصور في التشريع الانتخابي. وقالت المفوضية إنها لا تزال غير قادرة حتى الآن على تقديم قائمة نهائية بالمرشحين بسبب إشكالات قانونية.
وتزامن اقتراح المفوضية مع إعلان لجنة نيابية استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، بسبب ظروف مرتبطة بتقارير فنية وقضائية وأخرى أمنية.
قوائم المرشحين لم تنشر حتى الآن!
وهذه الانتكاسة تعيد إغراق ليبيا التي عانت حربين أهليتين منذ العام 2011، في المجهول. فمن دون "مسار مستقبلي" هناك خطر اندلاع "صراعات محلية قد تنتشر إلى أجزاء أخرى من البلاد" وفق ما قالت أماندا كادليك، العضو السابقة في مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة حول ليبيا قابلته لوكالة فرانس برس.
ومن جانبه، قال الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال إن فرنسا ما زالت "متمسكة بحسن سير العملية الانتخابية حتى نهايتها".
وكانت المفوضية أعلنت في بيان صحافي أنها "تقترح وبالتنسيق مع مجلس النواب تأجيل يوم الاقتراع (الجولة الأولى) إلى 24 من شهر يناير (كانون الثاني) 2022، على أن يتولى مجلس النواب، اتخاذ الإجراءات بإزالة 'القوة القاهرة' التي تواجه استكمال العملية الانتخابية".
ما أكدت المفوضية أن قراراتها في ما يتعلق باستبعاد عدد من المرشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط، أوجدت حالة من عدم اليقين بأن قرارات الاستبعاد "جانبها الصواب".
وحتى اليوم، لم تنشر المفوضية "القوائم النهائية" للمرشحين الذين بلغ عددهم 98 مرشحاً، وتقلص العدد بعد الاستبعادات إلى 73 مرشحًا، كما لم يُسمح بمباشرة الحملة الانتخابية، إلى جانب ارتفاع عدد الشكاوى أمام القضاء والطعون في حق بعض المرشحين.
ص.ش/أ.ح (د ب أ، أ ف ب)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة