التاريخ الألماني في مناهج التعليم العريبة
٢٠ يناير ٢٠١٠ما تزال الصورة النمطية عن ألمانيا منتشرة على نطاق واسع على الرغم من التغير الكبير الذي مرت به على شتى المستويات، ويرجع هذا إلى عدة أسباب من أبرزها أن كتب التاريخ المدرسية في الكثير من البلدان لا تتطرق في مراحل التعليم الأولى إلى التطورات الحديثة التي شهدتها ألمانيا. ومن النواحي الهامة الأخرى هي أن مناهج تدريس مادة التاريخ تنطلق في كل بلد من نوعية التطورات التاريخية التي مر بها، وهي الناحية التي يشرحها أستاذ التاريخ في المغرب علال بوصوف في حديث خص به دويتشه فيله " في الواقع ليس هناك حقيقة تاريخية بمفهومها العالمي. التاريخ هو علم والعلم نسبي، وما يمكن اعتباره بالأمس حقيقة يمكن أن نعيد النظر فيه غداً ونتخذ مواقف جديدة". ويوضح أستاذ مادة التاريخ في ثانوية ابن عبدون بمدينة خريبكة المغربية هذه الفكرة من خلال الإشارة إلى أن العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بألمانيا منذ العهد البروسي تركت بصماتها في الذاكرة الشعبية والذاكرة العلمية للمغاربة."
حضور ألمانيا في المناهج المغربية
واستناداً إلى الإصلاحات التي أدخلت منذ الخمسينات إلى المناهج التعليمية المغربية يتم تدريس مادة التاريخ بدءاً بالمراحل التاريخية القديمة. لهذا فإن ما يتعلق بتاريخ ألمانيا الحديث لا ينعكس بشكل واسع في المناهج التعليمية الحديثة كما يقول بوصوف " لأن المغرب يتبع التدرج والتكامل بحيث يتعرض كل مستوى من مستويات التعليم، إعدادي أو ثانوي، إلى جوانب ومراحل معينة من التاريخ الوطني والأوروبي والعالمي"، أي أن حضور ألمانيا في هذه المناهج يبقى ضمن هذه النظرة الشمولية.
لكن ألمانيا تحتل مكانة بارزة عندما تتعرض المناهج الدراسية إلى العصور الحديثة والنهضة الأوروبية، إذ أنها كما يقول علال بوصوف "ساهمت مساهمة فعالة في مشروع الحداثة التي يعيشها العالم منذ ذلك الوقت". وفي هذا الإطار ينوه بوصوف بدور ألمانيا في خلق توازن حضاري بين العالم الإسلامي وأوروبا في بداية العصور الحديثة ويقول إن منهاج التاريخ يتكامل مع الجغرافيا، فحين يتم التعرض مثلاً إلى التحولات الاقتصادية لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية يتكامل هذا الموضوع مع الجغرافيا ويعطي صورة واضحة لهذه التطورات.
الصورة النمطية عن ألمانيا في المناهج السورية
وفي سوريا ما تزال الصورة النمطية السائدة في أذهان التلاميذ والطلاب عن ألمانيا هي الدقة في الصناعة والمقدرة الكبيرة على التطوير الآلي. وكما يقول أستاذ مادة التاريخ فضل الشيخ حسن في حديث لدويتشه فيله تتناول مادة التاريخ التي تدرس في المرحلتين الإعدادية والثانوية التاريخ الألماني خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية ويشير إلى أن دراسة التاريخ الألماني تبقى في إطار شمولي لدى البحث في الأحداث التاريخية الكبيرة.
بيد أن المناهج التعليمية لا تتطرق إلى التطورات السياسية التي شهدتها ألمانيا بعد الحرب كما يقول أستاذ التاريخ فضل الشيخ حسن في إعدادية كفرناية للبنات في مدينة حلب، لهذا " فإننا نضطر إلى تزويد طلابنا ببعض المراجع من خارج المناهج المدرسية تعرفهم على الحضارة والتاريخ الألماني والأوروبي بشكل عام".
دروس التاريخ عن ألمانيا في مصر
ويحتل التاريخ الألماني في مصر مكانة هامة إلى حد ما كما يقول أستاذ مادة التاريخ محي الدين الشلبي في حديث لدويتشه فيله، إذ تركز مناهج التعليم في مصر "على الحقب التاريخية العلامة بدءاً بمستشار الرايخ بسمارك والحربين العالمية الأولى والثانية ووصولا إلى الوحدة الألمانية ". كما يشير أيضاً إلى أن الأساتذة لا يقتصرون في المدارس المصرية على شرح محتوى المنهاج التعليمية عن تاريخ ألمانيا، بل يشرحون للتلاميذ أيضاً "موقف مصر من ألمانيا ودور ألمانيا في الصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط" كما يوضح الأستاذ محي الدين الشلبي.
وفي سياق متصل يقول محي الدين الشلبي، مدرس التاريخ في الثانوية العامة في مدرسة مصطفى الثانوية في محافظة كفرالشيخ، أنه بغض النظر عن المناهج الدراسية فإن صورة الألمان في أذهان التلاميذ والطلاب العرب هي صورة إيجابية. ويعتبر الشلبي الشعب الألماني في نظر المصريين، "شعباً مسالماً تربطه مع مصر علاقات ودية بغض النظر عن الأحداث الأخيرة وقضية مروة الشربيني".
التاريخ الألماني في المدارس الإسرائيلية
في الوقت الذي لا تعالج كتب التاريخ في البلدان العربية موضوع الهولوكست، فإنه يشكل الموضوع الرئيسي في كتب التاريخ الإسرائيلية، فكما يقول الأستاذ في جامعة حيفا آري كيتسل "نحاول خلق ذاكرة جماعية لدى التلاميذ الإسرائيليين ونريد أن بفهموا آليات نظام هتلر والعنصرية ". ومن هذا المنطلق تركز كتب التاريخ الإسرائيلية على فترة الحكم النازي والحرب العالمية الثانية. ومن وجهة نظر القائمين على المناهج التعليمية الإسرائيلية يتم عرض التاريخ بشكل موضوعي، لكن لبعض التلاميذ رأياً آخر، فكما تقول التلميذة أفيغال في مدرسة فيتسو ليو بيك "نحن لا ندرس التاريخ الألماني إنما الحقبة النازية وعهد جمهورية فايمار وأنا أود معرفة المزيد عن ألمانيا كما هي اليوم ".
الكاتبة منى صالح
مراجعة: طارق أنكاي