1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التبرع بالأعضاء في الجزائر ـ بين الخوف وقدسية الجسد

٣ أكتوبر ٢٠١١

صدر مؤخرا في الجزائر قانون تنظيم عملية زرع الأعضاء البشرية والتبرع بها، لكن غياب الثقة في الكفاءات الطبية المحلية وسيادة ثقافة قدسية الجسد يحولا دون تحقيق الهدف من هذا القانون. والجهات المختصة تحاول تذليل تلك العقبات.

التبرع بالأعضاء من شأنه أن ينقذ حياة أناس في لحظات حرجةصورة من: dpa Zentralbild

لا تزال عمليات زرع الأعضاء البشرية تعرف نقصا كبيرا بالمستشفيات الجزائرية، ورغم الجهود المبذولة من طرف الجهات المختصة من أجل رفع عدد العمليات سنويا والاقتراب من المعدلات العالمية في هذا الجانب من خلال سن التشريعات القانونية المنظمة وتوفير الوسائل والأجهزة الطبية اللازمة، إلا أن هذه الجهود تواجهها العديد من العقبات من أهمها نقص عدد المتبرعين؛ الذي يرجعه الخبراء إلى سيادة بعض الأفكار التقليدية التي ترى في العملية تعدي غير مقبول على الجسد الإنساني. ولم تفلح الحملات الإعلامية للتوعية بأهمية التبرع لإنقاذ الأرواح في تجاوز الثقافة الشعبية الرافضة.

التوعية في الأوساط الاجتماعية

أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الجزائري، جمال ولد عباس، دخول القانون الجديد المتعلق بعملية زرع الأعضاء البشرية في شهر سبتمبر/ آيلول الجاري حيز التنفيذ. وقال الوزير في تصريحات صحفية "إن هذا القانون سيساهم في تعميم عملية زرع مختلف الأعضاء من بينها الكلى والقرنية لفائدة المصابين". وأوضح وزير الصحة أن أهم نقطة جاء بها القانون الجديد هي توسيع دائرة المتبرعين التي لن تبقى محصورة في إطار العائلة الصغيرة، بل يتم توسيعها للعائلة الكبيرة، كما سيسمح القانون بنزع الأعضاء من الجثث بعد الحصول على موافقة المعنيين قبل الوفاة أو موافقة ذويهم من الدرجة الأولى والثانية. وأضاف ولد عباس "أن هذا القانون يعطي الحق للشخص في التبرع بأعضائه بعد وفاته بالتوقيع على سجل وطني يعطي الحق للجهات المختصة في التصرف في أعضائه عند الحاجة، وفي حال موافقة أهله وأقاربه يصبح من الممكن نقل الأعضاء لإنقاذ حياة مواطنين آخرين".

صورة من: DW

ومن جهته أكد البروفيسور الطاهر ريان، رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الكلى وتصفية الدم وزراعة الكلى، لدويتشه فيله أن القانون الجديد جيد في مواده، ويتضمن أغلب مطالب الجمعية التي نادت بها خلال السنوات الماضية، لكنه وحده غير كاف لتحقيق النتائج المرجوة، لذلك "يجب القيام بحملة تحسيسية (توعية) واسعة وسط المجتمع، نخلق من خلالها الثقة في الطواقم الطبية والمستشفيات الجزائرية المهزوزة لدى الكثير من الناس". ويضيف البروفيسور الطاهر ريان "الجزائري لا يزال متخوفا من فكرة وهب عضو من أعضائه حيا أو ميتا، فهي بالدرجة الأولى قضية ذهنيات وجب تغييرها سريعا حتى ننقذ أرواح الكثير من المرضى ونبعث في نفوسهم الأمل في الحياة من جديد".

"العلماء يجيزون التبرع وفق ضوابط"

هذا تتباين مواقف الشارع الجزائري حول موضوع التبرع بالأعضاء البشرية بين الرفض والقبول والتخوف من قلة الكفاءة لدى الأطباء الجزائريين، فيما يطالب المتحمسون لفكرة التبرع لإنقاذ حياة مرضى آخرين ضرورة إعطاء توضيحات وضمانات مادية وأخلاقية حول القضية.

ويقول مختار (35 عاما) إنه لن يقبل بنزع عضو من أعضائه سواء كان حياً أو ميتاً، مبرراً موقفه بأحاديث دينية تحرم الاعتداء على الجسد البشري. وأضاف قائلا لدويتشه فيله "إن عمليات زرع الأعضاء تعدي وتشويه لخلق الله، ولذلك لن أقبل بهذه الفكرة ولن أعمل بها مهما تكن المبررات التي تساق من أجل ذلك"، وهو الرأي الذي ترفضه وزارة الشؤون الدينية، والمجلس الإسلامي الأعلى اللذان أعطيا موافقتهما على القانون الجديد. ويرى يحي الدوري، مدير الإرشاد والتوجيه الديني بوزارة الشؤون الدينية، بأن أغلب علماء الإسلام يجيزون عملية التبرع بالأعضاء شريطة وجود ضوابط لهذا التبرع، وأن لا تضر بصحة المتبرع، وفي حالة الوفاة يتم اشتراط قبول الميت بالتبرع في حياته، مطالبين بضبط العملية ومراقبتها لتفادي المتاجرة بالأعضاء، حسب قول الدوري.

أما عباس (47 عاما) العامل ببريد الجزائر، فيقول لدوتشه فيله إنه لا يمانع في أخد أحد أعضائه بعد وفاته، لكنه يتخوف أن يتحول القانون الجديد إلى تقنين لعمليات سرقة الأعضاء البشرية التي انتشرت مؤخرا بشكل كبير، ولذلك فهو يطالب من السلطات إتحاذ إجراءات صارمة في عملية النقل بين الفرد الميت والمريض، حتى يسد الطريق أمام من يريدون تحويل العملية إلى تجارة رابحة كما يحدث في بعض البلدان، حسب تعبيره.

وتعارض خديجة (27 عاما) معلمة بمدرسة ابتدائية، فكرة التبرع بأعضائها، حية أو ميتة، لسبب تقول عنه أنه بسيط جدا، وهوعدم ثقتها في الأطباء الجزائريين، "الذين لا يملكون الخبرة الكافية في هذا المجال". وتروي خديجة بمرارة لدويتشه فيله وقائع عملية فاشلة لزرع كلية لأحد أقاربها بين الأب وابنه المريض، التي انتهت بوفاة الاثنين معا لاحقا "نتيجة خطأ في التشخيص والتحاليل التي أجريت لكليهما قبل العملية"

معهد وطني للكلى وبنك للأعضاء البشرية

البعض يتخوف بسب غياب الثقة في الطواقم الطبية المحليةصورة من: DW

ولم يخف البروفسور ريان وجود بعض النقص في الطواقم الطبية من المتخصصين في بعض ولايات البلاد، إلا أن الأمر يمكن تداركه مستقبلا في الكثير من التخصصات الطبية، ويضيف ريان فمثلا بالنسبة للعجز المسجل في أمراض الكلى سوف يتم تجاوزه مع استلام المعهد الوطني للكلى في النصف الأول من سنة 2012، "وهو مجهز بأحدث الأجهزة الطبية. وقد رصدت له ميزانية تقدر ب2 مليار دينار جزائري. وسوف يقوم المعهد بعملية تقييم مستمرة لعملية الزرع على مستوى البلاد، وتحديد النقائض لتفاديها وتعزيز الايجابيات".


وأكد الوزير ولد عباس أن وزارته فتحت سجل وطني للمتبرعين بأعضائهم بعد وفاتهم، حيث تقوم الوكالة الوطنية للتبرع بالأعضاء، بتوفير جميع الشروط التي ستسمح بإجراء عمليات الزرع، "وفي ظل احترام المقاييس العلمية والأخلاقية"، كما ستضطلع بإنشاء وتنظيم وتسيير مختلف بنوك الأعضاء والخلايا، إضافة إلى جمع المعلومات عن الأشخاص الذين أبدوا رغبتهم في التبرع بأعضائهم في حالة الوفاة، والذين يتحصلون على بطاقة المتبرع، حسب قول الوزير الجزائري. ويضيف بأن الوكالة ستقوم بتنظيم المرضى وفق درجة الأولوية الصحية. وهو الإجراء الذي سيمكن الوزارة من رسم خارطة واضحة المعالم للمتبرعين والمتبرع لهم، ويعزز أكثر ثقافة التبرع وسط المجتمع الجزائري.

توفيق بوقاعدة ـ الجزائر

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW