التحالف الدولي ضد "داعش".. من يرحل ومن يبقى في العراق؟
٧ يناير ٢٠٢٠
بعد التصعيد بين طهران وواشنطن إثر مقتل سليماني، يترقب التحالف الدولي ضد "داعش" إشارة واضحة من بغداد. فرغم نفي وزير الدفاع الأمريكي مغادرة العراق اتخذت دول في التحالف خطوات لتقليص وجودها العسكري. فماذا يجري بهذا الخصوص؟
إعلان
ألمانياوفرنسا وبريطانيا تعتزم مواصلة العمل في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق، رغم قرار البرلمان العراقي بشأن مغادرة القوات الأجنبية. بيد أن دول التحالف تنتظر إشارة واضحة من بغداد بشأن بقائها أو رحيلها.
فقد قالت وزيرة الدفاع الألمانية وزعيمة حزب ميركل المحافظ أنيغريت كرامب ـ كارنباور إن ألمانيا تريد استمرار التحالف العسكري الدولي الذي يقاتل تنظيم "داعش". وتابعت في كلمة لها أمام اجتماع سنوي للحزب الشقيق الصغير ـ الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري بجنوب البلاد: "قدرتنا على مواصلة عملنا تعتمد بشكل أساسي على قرار الحكومة العراقية. المحادثات مستمرة في الوقت الراهن بهذا الشأن".
كما طالبت زعيمة المحافظين الألمانإيران بالمساهمة بشكل فعال لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط وألقت باللوم على طهران في تصعيد التوتر في المنطقة. وأضافت خلال اجتماع الحزب البافاري "أقول بوضوح إن إيران مسؤولة عن التصعيد في المنطقة، ولذلك تتحمل طهران مسؤولية المساهمة في خفض التصعيد".
وفي باريس قال مصدر حكومي فرنسي اليوم الثلاثاء إن فرنسا ليس لديها خطط لخفض عدد قواتها في العراق في الوقت الحالي بعد مقتل سليماني. وأضاف المصدر أنه سيتم تعزيز الأمن حول القوات الفرنسية. وتقدم فرنسا تدريبا ودعما لوجستيا للعراق وللقوات الكردية في نطاق عمليات التحالف الذي يقاتل تنظيم "داعش" في البلاد.
وفي لندن قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ردا على سؤال عن احتمال سحب قوات بلاده من العراق بسبب التوتر في الشرق الأوسط إن الحكومة تراجع دوما تدابير الحماية للقوات المسلحة.
وبعد اجتماع لكبار أعضاء مجلس الوزراء، جدد جونسون التأكيد على وجهة نظره بأنه ينبغي لجميع الأطراف العمل على تهدئة التوتر في المنطقة بعد مقتل قاسم سليماني القائد بالحرس الثوري الإيراني في ضربة بطائرة مسيرة أمريكية. وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء إن الحكومة اتفقت على أن سليماني كان مسؤولا عن سلوك مزعزع للاستقرار بالمنطقة وكان تهديدا لمصالح بريطانيا.
من جانب آخر، أعلن الحلف الاطلسي الثلاثاء سحبا مؤقتا لقسم من عناصره في العراق وذلك بعد تعليق مهمته في تدريب القوات العراقية، عقب توتر
القوات العراقية، عقب توتر شديد بين واشنطن وطهران. وقال مسؤول في الحلف في بيان "نحن نتخذ كافة الاجراءات الضرورية لحماية موظفينا. ويشمل ذلك اعادة تمركز مؤقت لقسم من موظفينا في مختلف المناطق داخل العراق وخارجه" مضيفا ان الحلف "يبقي مع ذلك على وجود في العراق".
عقود من التدخلات العسكرية الغربية في الشرق الأوسط.. ما النتائج؟
شهدت منطقة الشرق الأوسط وعلى مدى عدة عقود تدخلات عسكرية من دول غربية. ورغم رفع شعارات نبيلة لهذه التدخلات إلا أنها وفي الأغلب كانت لها نتائج شديدة الكارثية على أطراف مختلفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/CPA Media/Pictures From History
حرب تحرير الكويت
كانت البداية بعملية عاصفة الصحراء. استهدفت العملية العسكرية إنهاء الاحتلال العراقي للكويت التي غزاها صدام في أغسطس / آب من عام 1990. وبعد رفض العراق للقرارات الدولية بالانسحاب من الكويت بدأت الحرب في منتصف يناير / كانون الثاني من عام 1991 من خلال تحالف غربي شمل نحو 32 دولة كان على رأسها الولايات المتحدة بجانب بريطانيا ومصر والسعودية والإمارات وإيطاليا وغيرها.
صورة من: picture-alliance/dpa/CPA Media/Pictures From History
حرب تحرير الكويت
كان من أبرز نتائج الحرب سقوط نحو مئة ألف قتيل من الجيش العراقي وتلوث إشعاعي نتيجة قصف العراق بمئات الأطنان من قذائف اليورانيوم المنضّب، وتدمير شبه كامل للبنية التحتية الكويتية وجانب كبير من البنية التحتية العراقية، كما فرض حصار دولى خانق على العراق تسبب في وفاة مئات الآلاف من الأطفال بسبب سوء التغذية وضعف الخدمات الصحية، واستقرت القوات الأمريكية في الخليج وأنشأت به عدة قواعد عسكرية.
صورة من: AP
غزو العراق وإسقاط صدام
على الرغم من تأكيدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن العراق لايقوم بتطوير أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل، ورغم المحاولات الأمريكية المتواصلة لإقناع الأمم المتحدة بالعكس من خلال صور ومستندات ثبتت فبركتها فيما بعد، قررت الولايات المتحدة العمل خارج إطار المنظومة الأممية وتنفيذ عملية عسكرية في عام 2003 للإطاحة بصدام حسين. كان التحالف الدولي مكونا من الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل رئيسي.
صورة من: AFP/Getty Images
غزو العراق وإسقاط صدام
بعد 15 عاما من غزو العراق واسقاط النظام العراقي تبدو النتائج كارثية، حيث سقط نتيجة الغزو مئات الآلاف من العراقيين بينهم نساء وأطفال، ودمرت أغلب آثار واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية في العالم ونهب البنك المركزي العراقي بحصيلة قدرت بحوالي 100 مليار دولار وتمزق العراق إلى مناطق نفوذ طائفي لتنشأ فيما بعد كارثة اسمها "داعش".
صورة من: picture-alliance/AP Photo
إسقاط نظام القذافي
في عام 2011 انطلقت في ليبيا إنتفاضة شعبية على نظام العقيد الراحل معمر القذافي، ومن خلال مظلة أممية قصف تحالف غربي مكون من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا الأراضي الليبية بهدف تنفيذ منطقة حظر جوي لتقليل خطر القوات التابعة للقذافي على قوات الثوار، فما كان من القذافي إلا أن أمر بفتح مخازن الأسلحة "لتسليح الشعب لمقاومة العدوان" وتحولت ليبيا إلى حالة فوضى.
صورة من: dapd
إسقاط نظام القذافي
نتج عن التدخل العسكري الغربي في ليبيا تمزق البلاد إلى أقاليم متصارعة وأصبحت ليبا مسرحاً للصراع بين تحالفات إقليمية ودولية. على أن الأسوأ كان انتشار سلاح وذخيرة الجيش الليبي لتتلقفه أيدي الفئات المتصارعة التي كان بعضها جماعات متطرفة. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل خرج السلاح من ليبيا ووصل إلى تنظيمات إرهابية في دول مجاورة.
صورة من: picture-alliance/dpa
الحرب على داعش
مع انهيار السلطة في العراق واشتداد الحرب الأهلية في سوريا ظهر تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف إعلاميا بـ"داعش"، وأعلن التنظيم الإرهابي ما أسماه بـ "دولة الخلافة"التي سيطرت على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا. في عام 2014 تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة ومعها فرنسا والبحرين والأردن وقطر والسعودية والإمارات بهدف القضاء على تنظيم داعش.
صورة من: Getty Images/AFP
الحرب على داعش
وبالفعل تم القضاء على ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" بعد فظاعات هائلة ارتكبها ليس فقط في حق أتباع الطوائف والديانات الأخرى وإنما في حق مسلمين أيضاً. على أن هزيمة التنظيم أدت إلى تشتت قواته وتفرقها بين الدول المختلفة لتبدأ في تشكيل جيوب لخلايا إرهابية شكلت تهديداً محدقاً بأمن هذه الدول.
صورة من: Imago/ZUMA Press
سوريا.. المأساة المستمرة
في فبراير / شباط من عام 2011 بدأت الثورة السورية بشكل سلمي، لكن النظام السوري واجهها بعنف شديد ما سمح لأطراف داخلية وخارجية بتحولها لحرب أهلية، لتبدأ واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. ذهل العالم من صور لآف الجثث لسوريين قضوا جوعاً أو تحت التعذيب في أقبية السجون السورية. لكن الغضب الدولي تصاعد مع تواتر الأنباء عن استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية ما أدى لمقتل مئات المدنيين.
صورة من: AP
سوريا.. المأساة المستمرة
نفي النظام السوري استخدامه لأسلحة كيماوية ودعمته موسكو بفيتو متكرر في مجلس الأمن، ما جعل واشنطن تبدأ في تشكيل تحالف خارج نطاق الأمم المتحدة لتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري والميليشيات الإيرانية، كان أبرزها ضربة أمريكية في أبريل 2017 على قاعدة الشعيرات قرب حمص. وجددت واشنطن تهديدها بضربة إنتقامية ردا على هجوم كيماوي مفترض بدوما، وسط مخاوف شديدة من مواجهة عسكرية مع روسيا أبرز لاعب عسكري في سوريا.