التحريض ضد اللاجئين بالإنترنت - عنصرية يواجهها القانون
٤ أغسطس ٢٠١٥كان تعليقا غالي الثمن على الفيسبوك لشاب طباخ عمره 25 عاما من بلدة تيتينفايز القريبة من مدينة باساو في ولاية بافاريا الألمانية. هذا الشاب علق على دعوة للتبرع لللاجئين : "لدي هنا أنبوبة غاز وقنبلة يدوية لهؤلاء غير المفيدين ويمكن الحصول عليهما مجاناً". محكمة باساو رأت في هذه العبارة تحريضاً يدعو إلى الفتنة وغرمته 7500 يورو. وكانت العقوبة خفيفة لأنه اعتذر عما كتب أمام قاضي المحكمة بالقول: "أنا أعتذر. ما كتبته كان محض هراء ولن أكرره ثانية".
ليس كل تعليق عنصري فتنة
يزداد النقاش حدة في ألمانيا بخصوص قضايا اللاجئين، وفي مواقع التواصل الاجتماعي لا يتوانى العنصريون عن البوح بما يفكرون. لكن لا يعتبر كل تصريح عنصري تحريضا يدعو إلى فتنة كما يقول المحامي أودو فيتر الذي يدير مدونة اسمها lawblog.de -"مدونة المحامين". ويقول: هناك شروط صارمة لاعتبار قول ما تحريضا يدعو إلى الفتنة، مثلا إذا كان يحرض على استخدام العنفف ضد فئة معينة من السكان أو إثنية محددة أو حين تهدر وتداس كرامة أفراد بالأقدام ". يضاف إلى ذلك شرط آخر وهو أن يكون التحريض علنيا، أي في الفيسبوك مثلا.
ولكن وحتى لو كان هناك تعليق يفي بكل هذه الشروط، فإن السلطات الألمانية لا تلاحق كاتب التعليق على الفيسبوك من تلقاء نفسها، والسبب كما يقول المحامي أودو هو: "عدم وجود تعليمات بذلك وعدم وجود ما يكفي من الموظفين لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وملاحقة المحرضين". ويضيف أن كل مركز شرطة مجبر على استقبال كل أنواع الشكاوى ضد التحريض والفتنة.
"يمكن تقديم شكوى في الإنترنت باسم مستعار، وعلى الشرطة متابعة الشكوى"، يقول المحامي كريستيان زولميكه من مدينة كولونيا والمختص بقانون الإعلام. ويضيف "المشكلة أن الشرطة تعاني من نقص حاد في عدد أفرادها، لذا يقومون غالبا بأقل مما ينبغي القيام به".
النشطاء يقاضون المحرضين
مدونة "لؤلؤ من فرايتال" تتولى مهمة جمع التعليقات العنصرية الداعية إلى الفتنة والتحريض ضد الغير من شبكة التواصل الاجتماعي وتقوم بإعادة نشرها مع الاسم الحقيقي لكاتبها في أغلب الأحيان.
أما مجموعة "الأنذال المجيدة" من النمسا، فتفعل أكثر من ذلك وترفع دعوى قضائية ضد كاتبي هذه التعليقات. مثال على ذلك، ما كتبه متدرب لدى شركة بورش عمره 17 عاما كتعليق على صورة طفلة سورية من اللاجئين. هذه الفتاة كانت بين أطفال من معسكر لاجئين نظمت وحدة فريق إطفاء لهم يوما ترفيهيا وتم رشهم بالمياه في يوم بلغت فيه درجة الحرارة 36 درجة مئوية. وقد كتب الشاب في تعليقه على صورة الطفلة: "قاذفات اللهب هي الحل الأفضل". شركة بورش طردت هذا الشاب مباشرة. وقال الناطق باسم الشركة: "نحن نرفض بشكل قاطع كل نوع من أنواع التمييز. وهذه الحادثة اضطرتنا لاتخاذ هذا الإجراء".
وفي حين يشيد المحامي زولميكه بما تقوم به مجموعة "الأنذال المجيدة" لمساعدة الشرطة في الكشف عن مثل هذه التعليقات التحريضية، فإن المحامي أودو فيتر له وجهة نظر أخرى: "أرى هنا خطر أن يصبح أشخاص ليسوا على دراية بالقانون، ولأن لهم رأياً سياسياً مغايراً، أن ينصبوا أنفسهم كمساعدين لضباط الشرطة ويسعون إلى مقاضاة الآخرين، طبعاً من وجهة نظرهم هم".
ويضيف فيتر أنه "إذا بدأ الناس يقاضون بعضهم البعض بسبب اختلاف وجهات النظر، فإن هذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى إثقال كاهل القضاء وفقدان الحقوق الأساسية، التي هي حق للجميع بغض النظر عن آرائهم السياسية". "لدي مخاوف كبيرة بأن القانون الجزائي (قانون العقوبات) هو الوسيلة الأنسب لتنظيم الخطاب الاجتماعي في ألمانيا"، القانون الجزائي، حسب فيتر، يجب أن يكون دائماً الملاذ الأخير.