1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التدريس مع التباعد.. المدارس الألمانية في زمن كورونا!

١١ مايو ٢٠٢٠

أعادت المدارس في ألمانيا فتح أبوابها بشكل تدريجي أمام التلاميذ. وعلى الرغم من استئناف الفصول الدراسية، إلا أن الحياة المدرسية اليومية لم تعد إلى وضعها الطبيعي بعد، كما يظهر التقرير التالي من داخل إحدى المدارس في برلين.

هكذا تبدو الصفوف (الفصول) المدرسية في ألمانيا في زمن كورونا.
هكذا تبدو الصفوف (الفصول) المدرسية في ألمانيا في زمن كورونا. صورة من: DW/T. Walther

شانتال ميرتس تركب دراجتها بابتسامة وتلبس خوذتها الملونة وتنطلق بحماس. الفتاة البالغة من العمر 16 ربيعاً والتي تقطن في برلين، في طريقها اليوم إلى المدرسة، بعد أن بقيت في المنزل منذ منصف شهر مارس، عندما أغلقت المدارس في العاصمة الألمانية وباقي ومدارس الولايات الأخرى أبوابها  بسبب منع تفشي فيروس كورونا المستجد. وتستأنف مدرسة شانتال فصولها الدراسية هذا الأسبوع. وعن ذلك تقول شانتال وهي تبتسم:"أنا متوترة قليلا ومتحمسة لرؤية كيف ستسير الأمور، لكنني بالأساس سعيدة".

عند وصولها بدراجتها، توميء لها أولى زميلاتها في الفصل. سارعت كل منهما نحو الأخرى، لكن سرعان ما توقفا عن ذلك في اللحظة الأخيرة. وتقول إحداهما: "آه لا  يا للحظ.. لا يسمح لنا بهذا. دعنا نفعله بشكل مختلف". وعن بعد قامت كل منهما بمصافحة الأخرى عن طريق دق مرفقيهما ببعضهما البعض.

بعد مشهد المصافحة قامت كل من تلميذتي الصف الحادي عشر بإخراج الكمامات من حقيبتيهما ووضعها على الوجه. التلاميذ ملزمون بارتدائها أثناء تواجدهم في ساحات المدارس باستثناء الفصول الدراسية.

شانتال ميرتس في طريقها للفصل الدراسي في مدرستها ببرلين. صورة من: DW/T. Walther

استئناف الدراسة في ظل الوباء

منذ الأسبوع الماضي، عاد العديد من التلاميذ في ألمانيا إلى مقاعدهم الدراسية. وفي بعض الولايات اجتاز التلاميذ امتحانات  اتمام الدراسة الثانوية، فيما لا يزال القرار بشأن ذلك معلقا في ولايات أخرى. وينص آخر قرار اتخذ من قبل الحكومة الألمانية وحكومات الولايات على أنه يجب على كل تلميذ التوجه مرة واحدة إلى المدرسة حتى حلول العطلة الصيفية. لكن العودة للدارسة ترافقها احتياطات صارمة للوقاية.

ففي مدرسة شانتال الثانوية يجب الحفاظ على مسافة أمان لا تقل عن 1.50 متر في جميع الأوقات. كما تم تحويل الممرات الضيقة في المدارس إلى طرق ذات اتجاه واحد وأبعاد الطاولات عن بعضها البعض. 

ويقول مدير المدرسة ديرك كفييه، وهو يتجول في أحد الممرات ذات الاتجاه الواحد والفارغ تقريبا من التلاميذ في مدرسته، إن لهذا الإجراء "تأثيرات كبيرة على النشاط الدراسي". ويضيف أنه من أجل الالتزام بالتدابير الخاصة بالوقاية، كان علينا الحد من عدد التلاميذ في المدرسة بشكل كبير. كان هنا 900 تلميذة وتلميذ، يركضون في كل مكان والآن انخفض العدد إلى حوالي 240 فقط. يشعرني هذا بغرابة عندما يكون كل شيء هادئاً".

التعقيم قبل كل شيْ، فنحن في زمن كورونا.صورة من: DW/T. Walther

تدخل شانتال عبر الباب الرئيسي وتتجه مباشرة إلى  موزع المطهر، الذي تم صنعه يدويا. وعلى الأرض طبعت خطوط بيضاء وحمراء لضمان احترام المسافة بين الأشخاص. لا تدافع، كما أن الحديث بين التلاميذ يكاد يكون منعدما. بالنسبة لشانتال حان الآن موعد حصة السياسة مع الأستاذ فلوريان كفايزر، الذي ينتظر عند باب الصف. ابتسامته تعلو حافة كمامة الوجه المزركشة برسوم الأسماك. ويرحب بتلاميذه قائلا: "مرحبا بكم في درسنا الأول. سعيد لرؤيتم مجددا وللكتابة على اللوح ولهذا دعونا نخطط لوحة رائعة اليوم سوية. الموضوع أزمة كورونا وآثارها".

تدابير الوقاية والتباعد الاجتماعي

ترفع شانتال وزملاؤها الثمانية أيديهم المعقمة للإجابة على الأسئلة والنقاش مع بعضهم البعض. كل سؤال يرفع ثلاثة منهم على الأقل أيديهم للإجابة عنه. صف شانتال يتكون من عدد قليل من التلاميذ لهذا ليس من الضرورة تقسيمهم، لكن الوضع يختلف مع الفصول الأكبر من حيث عدد التلاميذ. إذ لا يمكن حاليا في ألمانيا أن يتواجد أكثر من 15 تلميذة وتلميذ كحد أقصى داخل غرفة واحدة.

ويوضح فلوريان كفايزر أن هذا يمكن أن يصبح عقبة حقيقية: "التدريس وسط مجموعة كبيرة، يخلق ديناميكية مختلفة تماما، عما إذا كنت تفعل ذلك فقط مع جزء صغير من الفصل". وفي أسوأ الأحوال هذا يعني للمعلمين أنه بدلا من تدريس فصل كبير، يجب عليهم التعامل مع نفس الموضوع بالتتابع مع عدة مجموعات أصغر. 

يقول مدير المدرسة ديرك كفييه، إن لإجراءات كورونا "تأثيرات كبيرة على النشاط الدراسي". صورة من: DW/T. Walther

بدورهيشرح مدير المدرسة ديرك كفييه أن عبء العمل على المعلمين أكبر بكثير عن المعتاد، لأن الدروس عبر الإنترنت مازلت مستمرة: "يأتي المعلمون إلى هنا ويقدمون الدروس مباشرة. وفي المنزل نواصل الدروس عبر الفيديو للمجموعات الأخرى. يرسل التلاميذ التمارين المكتملة والجاهزة للمراجعة عبر بوابة التعلم الإلكترونية".

من جهته يؤكد فلوريان كفايزر أن التحدي الأكبر بالنسبة له الآن هو أن لا يصاب بالجنون من وراء طريقة التواصل الحالية. ففي الأسابيع الأخيرة عانى التلاميذ وأولياء الأمور والمعلمون من مشاكل التواصل فيما بينهم. وبعد أن يأخذ نفسا عميقا يضيف كفايزر: "تشعر بأنك تتحدث الشيء نفسه خمس مرات، على خمس قنوات اتصال مختلفة وفي نفس الوقت أحاول الموازنة بين المعلم الرقمي (الافتراضي) والمعلم في الواقع".

بعد انتهاء الدرس، تقوم شانتال بلف كماماتها المستخدمة داخل كيس بلاستيكي وتضع واحدة جديدة على وجهها. التلميذة تبدو سعيدة بيومها، حتى لو واجهتها المشكلة ذاتها عند توديع صديقاتها عند بوابة المدرسة هذا الصباح: "عندما أراهم، أريد الاقتراب منهم ومعانقتهم بشكل عفوي".

بيد أنها تحافظ على المسافة بينها وبينهم وتستخدم كوعها للتحية وتوديع الآخرين. ورغم استئناف الدراسة في مدارس ألمانيا وعودة التلاميذ إلى مقاعدهم الدراسية، إلا أن الحياة المدرسية اليومية لم تعد إلى وضعها الطبيعي بعد.

تيسا كلارا والثر/ الترجمة: إيمان ملوك

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW