بعد الإمارات العربية المتحدة انضمت البحرين إلى قطار التطبيع مع إسرائيل، فهل ستلحق دول عربية أخرى قريبا بالركب؟ وما موقف السعودية بالذات؟ هل باتت هي الأخرى جاهزة للتطبيع؟
إعلان
خطبة الجمعة التي ألقاها إمام المسجد الكبير في مكة، عبد الرحمن السديس الأسبوع المنصرم أثارت زوبعة في أجزاء من العالم العربي والاسلامي. فالخطيب السعودي روج للتسامح تجاه غير المسلمين وتطرق في ذلك بصفة إيجابية لعلاقة نبي الإسلام مع اليهود. وبما أن إعلان التطبيع التاريخي والمثير للجدل في بلدان عربية وإسلامية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة يعود لبضع أسابيع، فقد فُهمت الخطبة من الكثيرين على أنها رسالة سياسية.
من المعلوم أن بعض التغيرات الصغيرة والملموسة طرأت منذ مدة على العلاقة الاسرائيلية السعودية. وفي هذا السياق أعلنت الرياض بداية سبتمبر فتح مجالها الجوي لبعض الرحلات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. وهذا الإعلان جاء مباشرة بقليل عقب التفاهم بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل الذي تبعه هبوط طائرة إسرائيلية في أبو ظبي. وقبلها بأكثر من عامين في مارس 2018 أصدرت الرياض لشركة الطيران الهندية رخصة استخدام الأجواء السعودية لرحلات مباشرة بين نيودلهي وتل أبيب.
وقبلها كان الملك سلمان قد طالب في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحل "عادل" للفلسطينيين. ووزير الخارجية فيصل بن فرحان أعلن في بداية سبتمبر في تصريح عبر تويتر:" موقف المملكة بالنظر إلى قضية الفلسطينيين ثابت".
ليس بدون الفلسطينيين
على ما يبدو تقوم قوى حذرة حاليا في الرياض بتحديد الخطوات، وهذه القوى تعتبر أن العربية السعودية بالتحديد بثقلها كقوة إقليمية وحامية المواقع الإسلامية المقدسة لا يمكن لها تحمل صفقة يمكن وصفها من قبل منتقدين ومعارضين سياسيين "كخيانة" للفلسطينيين والاستحقاقات الإسلامية في القدس. فصحيفة "فاينانشال تايمز" استدلت في هذا السياق بأحد الشخصيات الرسمية في السعودية، من دون ذكر اسمه، إذ قال:" الإمارات العربية المتحدة أصغر وليس لديها هذا الرمز الديني. ما يمكن للإمارات العربية المتحدة أن تخسره هو أقل بكثير منا". وهناك في العربية السعودية قلق من التعرض للهجوم في العالم الاسلامي.
لكن إذا كان السعوديون الاقوياء يترددون في اتباع المثال الإماراتي بسرعة، فإن آخرين سيتحفظون أيضا، كما يعتبر هوغ لوفات، خبير الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. وحتى بلدان أخرى ترفض حاليا. ففي السودان ادعت الحكومة الانتقالية هناك منذ أغسطس تجاه واشنطن أنها لا تملك التفويض الضروري لاتخاذ القرار حول تطبيع العلاقات مع اسرائيل. ومتحدث حكومي سوداني عبر علنا قبلها عن سروره بإقامة علاقات مستقبلية مع اسرائيل وقوبل بانتقاد قوي، وتم تسريحه.
وكان الرئيس الأمريكي قبل ذلك قد حقق نجاحا رمزيا في أوروبا البعيدية عن العالم العربي، حيث وافقت الجمهورية الصغيرة ذات الأغلبية المسلمة كوسوفو على علاقات رسمية مع إسرائيل.
اتفاق أبراهام.. أحدث حلقة في مسار حروب وسلام متعثر
قبل أكثر من سبعين عاماً أعلن عن قيام إسرائيل. ذات الإعلان يؤرخ له الفلسطينيون بيوم "النكبة". عقود طوال من الشد والجذب بين الطرفين دون التوصل إلى حل نهائي للصراع الذي خلف ضحايا كثر وخسائر جسيمة.
صورة من: Getty Images/A. Wong
"النكبة"
"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم ومورد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
إعلان التأسيس والاعتراف
في الـ 14 من أيار/ مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين لتلك الدولة والمعترفين بها ورُفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".
صورة من: picture-alliance/akg-images
"أرض الميعاد"
اليهود أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. ويصل عدد سكان الدولة العبرية اليوم أكثر من 8٫5 مليون نسمة. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.
صورة من: AFP/Getty Images
حرب الأيام الستة
تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 حزيران/ يونيو 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
صورة من: picture alliance/AP/KEYSTONE/Government Press Office
لاجئون في دول الجوار وفي الضفة والقطاع
يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون بـ 58 مخيم في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.
ظروف مزرية
يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تمتاز عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.
صورة من: John Owens
لماذا أنوروا؟
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. تم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/AFP/
حرب رابعة
في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان. حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. انتهت الحرب رسمياً مع نهاية 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر تفتح الباب
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 فاجئ الرئيس المصري أنور السادات العالم بزيارته إلى إسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 آذار/ مارس من عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/CNP/Arnie Sachs
اتفاق أوسلو
بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في 13 من سبتمبر/ أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقال. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.
صورة من: Getty Images
معاهدة وادي عربة
في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقع رئيس الأردن وإسرائيل معاهدة سلام بينهما. أنهت معاهدة وادي عربة رسمياً عقوداً من حالة الحرب، بيد أنها لم تكتسب شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، ففي نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين، الذين يشكل الفلسطينيون أكثر من نصفهم، لا تزال إسرائيل "عدواً". وبموجب المعاهدة احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. Gibson
حق العودة
حق العودة حلم يراود معظم اللاجئين الفلسطينيين. ولجأ الفلسطينيون وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو إلى تشكيل لجان ومؤسسات بهدف الحفاظ على قضية اللاجئين والدفاع عن حق العودة.
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMA Wire/APA Images/A. Amra
الإمارات والدولة العبرية تعلنان التطبيع الكامل
توصلت الإمارات وإسرائيل إلى "اتفاق سلام تاريخي"، حسب الرئيس ترامب الذي قال إنهما ستباشران قريبا لقاءات لعقد اتفاقيات عدة. وتعد الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل. محمد بن زايد أعلن في تغريدة أنه تم في اتصال مع ترامب ونتانياهو "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد بأن مخطّط الضمّ "تأجّل" لكنّه "لم يُلغ".
البحرين تنضم للإمارات
شهرا بعد الإعلان الإماراتي-الإسرائيلي، انضمت البحرين إلى الدولتين، ووقع بنيامين نتنياهو اتفاقي سلام مع وزيري خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني عبد اللطيف الزياني. يُعتقد أن البحرين لن تكون الأخيرة، وأن هناك دولا عربية قد تنضم، في مؤشر جديد على قرب نهاية رسمية للصراع العربي-الإسرائيلي ليتحول إلى صراع فلسطيني-إسرائيلي، بيدَ أن هناك دولا في المنطقة لن تغير موقفها كإيران.