1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التعددية الدينية والحفاظ عليها في مجتمعات الشرق الأوسط

٢١ يناير ٢٠١١

أدانت شخصيات إسلامية كبيرة الهجمات ضد كنيسة الأقباط المصرية. لكن هذا التضامن اللفظي بحاجة إلى إجراءات عملية من قبل علماء المسلمين والمرجعيات الإسلامية من أجل حماية فعالة للمسيحيين من خلال اعتماد النقد الذاتي.

"يجب على المؤسسات الإسلامية في بث روح التسامح، التي جاء بها الإسلام"صورة من: AP Graphic / DW-Fotomontage

لا يتوانى رضوان السيد، الباحث في العلوم الإسلامية من الجامعة اللبنانية في بيروت، عن انتقاد جمود المؤسسات الإسلامية ذات النفوذ والمرجعيات الدينية. ويرى الباحث المصري، البالغ من العمر 61 عاماً، أن جهود المؤسسات الإسلامية في بث روح التسامح، التي جاء بها الإسلام، ليست بالكافية، ما لم تقــُم هذه المؤسسات بخطوات فعلية من أجل ضمان حقوق جميع المواطنين.

"لإسلام متسامح وتبقى الخطوات العملية"

جامع الأزهر في القاهرة من أهم المؤسسات الدينية الإسلاميةصورة من: Tierecke/Flickr.com

ويطالب السيد، والذي تلقى تعليمه في جامعة الأزهر الإسلامية بالقاهرة وفي جامعات غربية أخرى، أن يكون المفتون والأزهر والقائمون على المؤسسات الإسلامية "أكثر شراسة ووضوحاً في استحثاث الدول المدنية على الفعالية وعلى تطوير نفسها فيما يخص مسؤوليتها تجاه حقوق المواطنة واحترام سائر الديانات والقول بالحريات الدينية وحمايتها". ويؤكد الباحث المصري أن العلماء المسلمين يؤمنون بحقوق المواطنة للجميع ولكن بعضهم يخشى من أن تنزعج منهم الأنظمة الحاكمة، ويضيف في هذا السياق قائلاً: "عليهم أن يتجاوزا ذلك لأنهم مسؤولون مسؤولية كبرى عن هذا العيش المشترك، ولأن كل هذه المشكلات ضد المسيحيين أو بين السنة والشيعة تجري باسم الدين الذي هم مسؤولون عنه رسمياً".

رضوان السيد يكتب عن مطالبه هذه مراراً وتكراراً في الصحف العربية ويتحدث في مقالاته عن نهاية تقاليد التعايش التاريخية بين أتباع الديانات المختلفة في المجتمعات الشرقية، تلك التقاليد التي كانت حصيلة عصور طويلة من التطور. ويختار السيد في انتقاداته كلمات شديدة الحدة، إذ يرى أنّ التطورات الراهنة المصحوبة بالعنف في منطقة الشرق الأوسط وأنها تمثل تدميراً ذاتياً، قد يشق طريقه بقوة ما تقف في طريقه مقاومة كبيرة.

"ينبغي إعادة قراءة أمثلة التسامح"

كنيسة مسيحية في العراقصورة من: picture-alliance/ dpa/dpaweb

وأصبحت مواضيع قتل المسيحيين في العراق ومصر وهجرتهم بأعداد كبيرة إلى خارج المنطقة محل نقاش واسع في أوساط الرأي العام العربي بالفعل. وهناك قلق متزايد من أن انخفاض التعددية الدينية قد يؤدي بدوره إلى كبت المزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية. ويُلاحظ في الكثير المقالات والتحليلات العربية وجود إدانة واضحة للإسلامويين المتطرفين، وبحث وتقصي عن الأسباب الرئيسية لخروج المسيحيين من المنطقة إلى الخارج. كما توجه بعض المقالات أصابع الاتهام للدول الغربية ولأجهزة المخابرات بأنها تحاول زعزعة استقرار الشرق الأوسط. لكن هذه المقالات تكاد تخلو من النقد الذاتي للأوضاع في بلدان المنطقة.

من جانبه يرى محمد السماك، الأمين العام للجنة الحوار المسيحي الإسلامي، أيضاً أن انعدام وجود النقد الذاتي هو مشكلة كبيرة. وفي هذا السياق يقول السماك: "المحاسبة غير موجودة أعتقد بأن هناك قراءة خاطئة لكثير من الأسس التي تقوم عليها العقيدة الإسلامية بالنسبة للعلاقات مع الآخر، والآخر سواء أكان مسيحياً أم يهودياً أو غير مؤمن بأي دين". ويرى السماك أن هناك قواعد وأسـساً يقول بها الإسلام ولكن هذه القواعد غير معروفة ثقافياً، بل وتكاد تكون مجهولة. ويشير السماك أنه حين أعد دراسة عن العهد النبوي ونصارى نجران وألقى محاضرة في القاهرة لتقديمها فوجئ بأن أساتذة الشريعة الإسلامية في الأزهر فوجئوا بما طرحة من نصوص وأدلة. ويضيف في هذا السياق: "أنا لم آتِ بهذه النصوص من عندي، عدت إلى نص الوثيقة النبوية التي لا تحرم فقط الاعتداء على المسيحي أو على أي كنيسة ولكنها تدعو المسلمين إلى المساهمة أيضاً في بناء الكنائس وإلى التبرع في بنائها إذا احتاج المسيحيون إلى ذلك".

الحقوق المدنية ومسؤولية الدولة

وبعكس الدكتور رضوان السيد، لا يعتقد محمد السماك بأنه من واجب المؤسسات الإسلامية الدفاع عن الحقوق المدنية ولكنه يرى أن ذلك هو من واجب الدولة، ويرى أن ما على العلماء المسلمين هو أن يوضحوا أن هذه الحقوق هي من صلب الإسلام.

الشرق الأوسط مهد المسيحية والإسلام: مدينة بيت لحم مسقط رأس السيد المسيحصورة من: dpa

ويقول محمد السماك إنه من المهم وخاصة في هذه الأيام أن يبادر المفتون وعلماء الدين المسلمون رسمياً إلى توجيه إشارة واضحة إلى المسيحيين. ليس ذلك فحسب بل إنه يقوم أيضاً بتحضير اجتماع لكبار الشخصيات السنية والشيعية لاعتماد مشروع فتوى تحرّم الهجمات على المسيحيين والكنائس وأن تساوي بين ذلك وبين الهجمات على المسلمين والمساجد. ويقول السماك إن مشروع الفتوى بات جاهزاً بالفعل ولكن ينقصه الإجماع الرسمي لكل علماء المسلمين.

الحل: سيادة ثقافة المواطنة

وعلى الرغم من تأخر توقيت هذه الخطوة إلا أن ردود الفعل تجاهها كانت إيجابية، كما يقول الصحافي قاسم قصير: "أي جهد يساهم في تشكيل الوعي وإطلاق المواقف عن طريق الفتاوى مثلاً في الإطار الديمقراطي هو أمر إيجابي يدفع باتجاه الدولة المدنية كي تسود ثقافة المواطنة بين الناس والديمقراطية تبقى الحل".

وهذه هي ذاتها مطالب ممثلي مختلف الكنائس الشرقية في الشرق الأوسط، ومنهم الأب غابي هاشم من الكنيسة المارونية والعضو في مجلس كنائس الشرق الأوسط الممثل لغالبية المسيحيين في العالم العربي. هاشم يعتقد أنه لا بديل للجهود الإسلامية-المسيحية المشتركة من أجل الديمقراطية، ويرى أنه يجب أن يعود الشعور إلى المسيحيين في الشرق الأوسط بأنهم في موطنهم وعلى أرضهم في هذه المنطقة. ويتابع قائلاً: "على إخواننا المسلمين بشكل خاص في منطقتنا أن يساعدونا في التطور بشكل أكبر نحو دولة مدنيّة يتواجد فيها نظام يحترم الإنسان بغض النظر عن انتمائه الديني أو الطائفي، فهذا للأسف غير متوفر في أكثرية دول منطقة الشرق الأوسط".

منى نجار/ علي المخلافي

مراجعة: عماد مبارك غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW