التغير المناخي.. اتفاق كوب29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامية
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤
أكد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن بشأن اتفاق كوب 29 أن لا رجعة في التحول إلى الطاقة النظيفة في بلاده، كما أشادت ألمانيا بالاتفاق، مؤكدة على لسان أنالينا بيربوك بأن الاتحاد الأوروبي يدرك مسؤولياته بهذا الشأن.
إعلان
وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن اتفاق كوب 29 بشأن تمويل جهود الدول الفقيرة لمكافحة تغير المناخ بأنه "نتيجة تاريخية أخرى". وقال بايدن في بيان أصدره اليوم الأحد (24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024)، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في باكو، والذي يدعو إلى تخصيص 1.3 تريليون دولار سنويا لدعم الدول الفقيرة حتى عام 2035 (ستقدم الدول الصناعية بشكل أساسي نحو 300 مليار دولار) يعد "هدفا طموحا" في مجال تمويل المناخ. وأضاف بايدن أن هذا الاتفاق سيساعد في جمع مستويات مختلفة من التمويل وخلق أسواق للسيارات الكهربائية الأمريكية ومنتجات أخرى صديقة للمناخ.
وفي إشارة غير مباشرة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي تعهد بزيادة التنقيب عن النفط بمجرد توليه المنصب في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، قال بايدن "بينما قد يسعى البعض إلى إنكار أو تأجيل ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أمريكا وحول العالم، إلا أنه لا أحد يمكنه عكسها، لا أحد".
إعلان
بيربوك: الاتحاد الأوروبي يدرك مسؤولياته
من جهتها، دافعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن قرار مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بتقديم مساعدات مالية إضافية للدول الفقيرة، وذلك في مواجهة الانتقادات الحادة من تلك الدول، والتي وصف أحد ممثليها الاتفاق بـ "المزحة" و"الإهانة".
وقالت بيربوك في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد قبل الجلسة العامة في باكو، عاصمة أذربيجان: "نعلم أن قراراتنا اليوم لن تكون كافية وحدها لتلبية جميع الاحتياجات". وأضافت أنه "لهذا السبب دعمنا رؤية زيادة التمويل المقدم للدول النامية إلى 3.1 تريليون دولار".
وأشارت بيربوك إلى أن هذا يمكن أن يكون مجرد نقطة انطلاق، وأكدت للمشاركين أن ألمانيا ستلتزم بتعهداتها. وقالت في هذا السياق: "لأننا تعلمنا من أخطائنا في الماضي - لا يمكننا توقيع شيك سيواجه بالرفض - هذه المسألة تتعلق أيضا بالثقة". وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يدرك تماما مسؤولياته، وأضافت "بالنسبة للاتحاد الأوروبي، من الواضح تماما: لم ينس أحد المسؤولية التاريخية".
وأوضحت بيربوك أن تمويل حماية المناخ والتقدم في تقليل غازات الدفيئة لا يمكن فصلهما. وقالت "بدون تدابير ملموسة للحفاظ على مسار الـ 1.5 درجة، لن ينقذنا أي مال في العالم". وفي إشارة واضحة إلى دول مثل السعودية الغنية بالنفط، التي تحاول عرقلة التقدم نحو الابتعاد عن النفط، قالت بيربوك "أولئك الذين جاءوا إلى هنا لمنع التقدم ولإضعاف نظامنا المتعدد الأطراف التابع للأمم المتحدة بشكل عام، قد فشلوا - فشلا ذريعا". وأضافت "وأولئك الذين يؤمنون بعالم أفضل هم الذين انتصروا".
الأمم المتحدة ترحب بالاتفاق كـ"أساس" يجب ترسيخه
وفي نفس السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق في أذربيجان، حاضا الدول على اعتباره "أساسا" يجب ترسيخه. وقال غوتيريش في بيان "كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحا... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه"، داعيا "الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساسا لمواصلة البناء" عليه.
وقال غوتيريش إن هذا الاتفاق "يجب الوفاء به بالكامل وفي الوقت المحدد"، مضيفا "يجب تحويل الالتزامات إلى أموال نقدية بسرعة. ويجب أن تتحد جميع البلدان لضمان تحقيق الحد الأعلى من هذا الهدف الجديد".
ودعا الأمين العام الأممي الدول إلى تقديم خطط عمل جديدة للمناخ "قبل انعقاد مؤتمر الأطراف كوب30 بفترة كافية، كما وعدت". وأشار إلى أن "نهاية عصر الوقود الأحفوري حتمية اقتصادية. ويجب أن تُسرّع الخطط الوطنية الجديدة هذا التغيير"، قبل أن يختم برسالة وجهها إلى النشطاء الذين يطالبون بمزيد من الإجراءات قائلا لهم "لا تستسلموا. الأمم المتحدة معكم. ومعركتنا مستمرة. ولن نستسلم أبدا".
وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو الأحد على اتفاق يوفر تمويلا سنويا لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي. وأعرب الكيني علي محمد، متحدثا باسم المجموعة الإفريقية، عن أسفه لأن التمويل الموعود في مؤتمر كوب29 حتى عام 2035 "قليل جدا ومتأخر جدا وغامض جدا". أما نظيره من ملاوي إيفانز نجيوا الذي يمثل أفقر 45 دولة في العالم، فندد بالاتفاق ووصفه بأنه "غير طموح".
بدورها قالت المندوبة الهندية شاندني راينا في مؤتمر كوب29 في باكو: "المبلغ المقترح ضئيل جدا. إنه مبلغ زهيد"، مشيرة إلى أن الرئاسة الأذربيجانية لم توفر لها فرصة التحدث قبل الموافقة النهائية على النص.
ح.ز/ ع.غ (د.ب.أ / أ.ف.ب)
ارتفاع منسوب مياه البحر: هل يجب على البشر فسح المجال أمام البحر؟
من آسيا إلى أمريكا: يرتفع منسوب مياه البحر في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ الذي هو من صنع الإنسان. ما هي المناطق المعرضة للخطر بشكل خاص - وكيف تتعامل البلدان المتضررة مع هذا الخطر؟
صورة من: Christopher Furlong/Getty Images
توفالو: الطرد من الجنة
تقع توفالو بعيداً في جنوب المحيط الهادئ - في الوقت الراهن. ويخشى الخبراء أن يغرق الأرخبيل بالكامل في البحر: فحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ سيرتفع مستوى سطح البحر بما يصل إلى متر واحد هذا القرن نتيجة لتغير المناخ - وهو ما سيؤدي إلى كارثة بالنسبة لتوفالو الضحلة. وقد أبرمت البلاد اتفاقاً مع أستراليا والذي بموجبه يمكن لـ 280 توفالو الهجرة إلى هناك كل عام.
صورة من: Mario Tama/Getty Images
جزر المالديف: مبنية على الرمل
تُعتبر جزر المالديف أخفض دولة في العالم - وقد تكون أول دولة تختفي بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر. لذلك تتراكم الرمال حول جزيرة ماليه العاصمة، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم. هكذا تم إنشاء جزيرة هولهومالي الاصطناعية التي يمكن رؤيتها هنا: إنها موجودة لتوفير ملجأ للسكان عندما تغمر المياه ماليه.
صورة من: Sebnem Coskun/Andalou/picture alliance
فيجي: مناطق استوائية حزينة
يقدر الخبراء أن 630 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يمكن أن يتأثروا بشكل مباشر بارتفاع منسوب مياه البحر بحلول نهاية القرن. وهذا أمر مدمر بالنسبة للدول الجزرية: ليس فقط توفالو، بل أيضاً كيريباتي وتونغا وساموا وكيريباس قد تختفي في البحر في غضون بضعة عقود، مما سيؤدي إلى تشريد سكانها. وهنا في فيجي، سيضطر أكثر من 600 مجتمع محلي إلى الانتقال إلى أماكن أخرى.
صورة من: SAEED KHAN/AFP/Getty Images
أندونيسيا: عاصمة تحت الماء
في آسيا يرتفع مستوى سطح البحر بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي ويهدد المراكز الحضرية على السواحل. وقد استخلصت أندونيسيا بالفعل استنتاجات من هذا الأمر ونقلت العاصمة جاكرتا التي يتلألأ أفقها فوق الأمواج هنا إلى بورنيو الأعلى. ويقع 40 في المائة من جاكرتا تحت مستوى سطح البحر. وبحلول عام 2050 قد يصبح شمال العاصمة تحت الماء بالكامل.
صورة من: BAY ISMOYO/AFP/Getty Images
بنغلاديش: موقع غير مريح
صيد الأسماك في وسط المدينة: موقع بنغلاديش على خليج البنغال في دلتا عدة أنهار كبيرة يجعلها عرضة للفيضانات. ويؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر إلى تفاقم الوضع: فهو يؤثر على جميع المناطق الساحلية في العالم، ولكن الأكثر تضررًا هي البلدان التي لا تستطيع تحمل تكاليف الدفاعات الساحلية، فبنغلاديش هي واحدة من أفقر البلدان في العالم.
صورة من: Middle East Images/AFP/Getty Images
الولايات المتحدة الأمريكية: الأقدام المبللة في وول ستريت
مزيج غير مناسب: فنيويورك التي ترتفع بالفعل عشرة أمتار فقط عن مستوى سطح البحر، تغرق بمقدار مليمتر واحد في السنة، بينما يرتفع منسوب المياه بمقدار ثلاثة إلى أربعة مليمترات. وستتأثر مانهاتن المنخفضة بشكل خاص بالفيضانات في المستقبل. وتعاني مدن كبرى أخرى على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مثل بالتيمور وميامي من نفس المشكلة.
صورة من: Eduardo Munoz Alvarez/Getty Images
بنما: لعنة الكاريبي
في الطريق إلى حياة جديدة ستغادر نحو 300 عائلة من السكان الأصليين جزيرة غاردي سوغدوب الصغيرة في مايو 2024. وسيعيشون في المستقبل في مستوطنة تم بناؤها حديثًا على الساحل الشمالي لبنما. وحسب الخبراء ستغرق غاردي سوغدوب في المحيط الأطلسي بحلول عام 2050. وكما هو الحال في آسيا، يرتفع منسوب مياه البحر في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي.
صورة من: Matias Delacroix/AP Photo/picture alliance
البندقية: أطلانطس البحر الأدرياتيكي
أكوا ألتا أي المياه العالية، جزء من الحياة اليومية في البندقية. ولكن بحلول عام 2100، ستكون ساحة القديس مارك مهددة بأن تكون تحت الماء باستمرار: ويتوقع الباحثون أن يرتفع منسوب مياه البحر بأكثر من متر واحد في المنطقة. وفي الآونة الأخيرة، كان نظام ”موس“ للفيضانات يحمي البندقية من الفيضانات الشديدة من خلال 78 بوابة فيضان - لكن الخبراء يشكّون في قدرة موس على حماية المدينة البحيرة على المدى الطويل.
صورة من: imagoDens/Zoonar/picture alliance
ألمانيا: تروتس، بلانكه هانس
كيلومتر من السدود التي تحمي ألمانيا على بحر الشمال وحده - ولا تزال هذه السدود هي التدبير الأول لحماية السواحل. ومع ذلك يتم تعزيزها على طول الساحل بأكمله وسيتم توسيعها إلى ما يسمى بالسدود المناخية. وهي ليست فقط أعلى، بل أكثر انبساطاً واتساعاً، مما يقلل من الأضرار الناجمة عن تأثير الأمواج أثناء هبوب العواصف.
صورة من: Marcus Brandt/dpa/picture-alliance
هولندا: أرض تحت سطح البحر
هولندا الضحلة: يقع ثلثا هولندا عند مستوى سطح البحر أو حتى أقل من ذلك. تستثمر البلاد بكثافة في الحماية من الفيضانات، لكن العديد من السدود تصل إلى حدودها القصوى في حالة الارتفاع الحاد في مستوى سطح البحر. لا يمكن لحاجز مايسلانت للحماية من العواصف في روتردام الذي تم بناؤه في عام 1997 أن يتحمل سوى ارتفاع نصف متر.
صورة من: imago images/ANP
السنغال: "فينيسيا إفريقيا" تغرق
لم يخلف البحر سوى الدمار: تُعرف مدينة سانت لويس في السنغال أيضاً باسم ”فينيسيا أفريقيا“ نظراً لموقعها على البحيرة ووسط المدينة التاريخي. ومع ذلك فهي تشترك مع المدينة الإيطالية الشهيرة عالميًا في خطر ارتفاع منسوب مياه البحر: فقد 20,000 شخص منازلهم بالفعل هنا. وتعمل الأمم المتحدة على نقل المتضررين إلى المناطق النائية.
صورة من: SEYLLOU/AFP/Getty Images
"كارثة عالمية"
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحذر من ”كارثة عالمية“ في ضوء ارتفاع منسوب مياه البحر. إذا أمكن الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة، فإن الارتفاع سيكون ”فقط“ من 30 إلى 60 سنتيمترًا حسب النماذج المناخية - وإلا فإن ملايين الأشخاص سيكونون مهددين بفقدان منازلهم. ويقع العبء على عاتق الدول الصناعية التي تصدر معظم الانبعاثات.