1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التغييرات الدستورية في المغرب – غموض مقصود أم التفاف على مطالب المعارضة؟

٢٩ يونيو ٢٠١١

تتواصل مسيرات حركة شباب 20 فبراير لحث الشعب المغربي على مقاطعة الاستفتاء على الدستور المعدل، بدعوى عدم مراعاته لمعايير الديمقراطية. في المقابل تجند خطباء المساجد وأغلبية الأحزاب لحث المغربيين على التصويت بـ"نعم".

الملك محمد السادس دعا شعبه للتصويت بنعم على التغييرات الدستوريةصورة من: AP

لم تمنع دعوة الملك محمد السادس في خطابه، الموصوف بـ"التاريخي" في 17 حزيران/ يونيو الجاري، الشعب المغربي بالتصويت بنعم على مشروع الدستور المعدل، حركة شباب 20 فبراير والأحزاب الداعمة لها من تنظيم مسيرات رافضة للدستور وداعية لمقاطعة التصويت عليه. وبلغت هذه المسيرات أوجها في مدينة طنجة (شمال البلاد)، حيث قدر المنظمون عدد المشاركين بـ40 ألفاً. والمرصد المغربي لنزاهة الانتخابات اعتبر من جانبه الدعوة الملكية للتصويت بنعم "خرقاً للقانون"، إذ جاءت قبل موعد انطلاق حملة التعبئة من أجل الاستفتاء.

بالمقابل شهدت شوارع أخرى نزول المؤيدين لمشروع الدستور معبرين عن تأييدهم للملك ورفضهم لحركة 20 فبراير، دون أن تسمح لهم قوات الأمن بالاعتداء على شباب 20 فبراير، كما حصل في حي التقدم الشعبي بالرباط يوم الأحد الماضي (19 حزيران/ يونيو 2011). المصادر الرسمية قدرت عددهم بمليون متظاهر في مدن مختلفة. صف المؤيدين تعزز، في سابقة فريدة من نوعها، بأنصار الزاويا الدينية واستغلال منابر المساجد للترويج لمشروع الدستور في خطب الجمعة.

شرعية الدستور


مغربيون يعلنون تأييدهم للملك ولمشروع الدستور الجديدصورة من: dapd

من أبرز الشعارات التي رفعتها مسيرات 20 فبراير "الدساتير الممنوحة في المزابل مليوحة (أي مرمية)". يعكس هذا الشعار خلافاً جوهرياً بين معظم الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات المرحبة بالدستور المقترح، وبين شباب 20 فبراير ومن يدعمهم من جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة وبعض أحزاب اليسار المعارض. شباب 20 فبراير يرفض مبدأ "تعيين" لجنة لمراجعة الدستور من قبل الملك، ويطالبون بمجلس تأسيسي منتخب ديمقراطياً عوضاً عنها. عن ذلك تقول وداد ملحاف، عضو حركة 20 فبراير في الرباط، في حوار مع دويتشه فيله: "اعترضنا على اللجنة الاستشارية لأنها عينت من فوق بطريقة غير ديمقراطية وتضم أشخاصاً لم يكن لهم أي مشكل مع الدستور الحالي ولا يعتقدون أنه يجب تعديله، بل منهم من صرح بأن الشعب المغربي غير مؤهل حالياً لنظام الملكية البرلمانية". وتضيف ملحاف: "نطالب بلجنة تأسيسية تضم مختلف الأطياف وخاصة تلك التي فتحت النقاش حول تعديل الدستور وناضلت من أجله".

لكن أمينة بوعياش، عضو اللجنة الاستشارية التي أعدت مشروع الدستور ورئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، تقول من جانبها: "هناك حزب وحيد، وهو النهج الديمقراطي (أقصى اليسار)، طرح موضوع شرعية اللجنة من وجهة نظر إيديولوجية وقاطعها بناء على ذلك، وهذا طبعا من حقه". وتستطرد بوعياش قائلة: "حتى الحزب الاشتراكي الموحد بعث إلينا بمذكرته، وإن رفض أعضاؤه تلبية دعوتنا ولقاءنا بشكل مباشر. جميع الأحزاب والنقابات والمنظمات الأخرى شاركت في النقاش وتفاعلنا معها".

جمعية بيت الحكمة، المشهورة بدفاعها عن الحريات الفردية، استبقت الإعلان عن مسودة مشروع المراجعة الدستورية بالكشف عن "بروز مستوى ثالث من التفاوض والتشاور" في إطار الآلية السياسية، من خلال المفاوضات بين رئيس هذه الآلية وبين عدد محدود من الأمناء العامين لأحزاب سياسية. خلال هذه المرحلة تعرض المشروع الذي أعدته اللجنة الاستشارية لبعض التعديلات. "انتهى عمل اللجنة عندما قدمت الوثيقة التي أنجزتها إلى الملك الذي أحالها بدوره إلى الأحزاب السياسية في إطار منهجية تشاركية، لأنه ببساطة هو الذي أخذ مبادرة تغيير الدستور وفق أحكام الدستور الحالي"، كما تعلق بوعياش.

حقوق الإنسان وحرية العقيدة


ومن التغييرات التي تضمنتها المسودة، حذف بند ينص على "ضمان حرية العقيدة"، وذلك استناداً لما نقلته صحف مغربية عن محمد الطوزي، عضو اللجنة الاستشارية. من جهتهم لم يتردد قادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي في التعبير عن نشوتهم بالانتصار الذي حققوه، مؤكدين أنهم ضغطوا من أجل الحفاظ على إسلامية الدولة وعدم تنصيص الدستور على حرية العقيدة.

حركة شباب 20 فبراير والأحزاب الداعمة لها نظمت مسيرات رافضة للدستور وداعية لمقاطعة التصويت عليه، وبلغت هذه المسيرات أوجها في مدينة طنجة.صورة من: AP

لكن أمينة بوعياش تقول في حوارها مع دويتشه فيله إن مشروع الدستور "ينص على حرية الفكر التي يمكن تأويلها بما يضمن حرية العقيدة. والأهم من ذلك أن ديباجته تؤكد على انخراط المغرب في المنظومة الحقوقية الكونية واحترام الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتعتبر الحقوق والحريات من الثوابت التي لا تراجع عنها، رغم أننا نلاحظ تقييد مبدأ سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على التشريعات الوطنية". لكن حركة 20 فبراير لم تبد اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع ولم ترفع شعارات العلمانية في مسيراتها بشكل ملحوظ، خاصة بعد أن اتهمت حملات تشويهية أعضاءها بمعاداة الإسلام.


سلطات الملك


فتور النقاش حول هوية الدولة كما يقترحها مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يقابله تضاد واضح بين اتجاهين مختلفين، فيما يتعلق بتقييم مدى احترام مشروع الدستور لمبدأ فصل السلطات. المؤيدون للمشروع يعتبرون أنه يكرس تحديد صلاحيات الملك وبعضهم يرفض أن "يتحول الملك إلى مجرد ديكور يسود ولا يحكم". في هذا الإطار تقول وداد ملحاف: "مشروع الدستور يتحدث عن كل شيء ولا يعطي أي شيء، فهو يجمع كل السلطات بين يدي الملك".

ومقارنة مع الدستور الحالي يحد الدستور المقترح من الصلاحيات المطلقة للملك دون أن يحرمه من صلاحيات إستراتيجية، فهو ينص على ترأسه ترؤس المجلس العلمي الأعلى الذي يصدر لوحده الفتوى الدينية الرسمية، دون تحديد مجال الفتوى أو حصرها في الشأن الديني. كما يمنح الملك صلاحية إقالة أحد الوزراء بالتشاور مع رئيس الحكومة، فضلاً عن ترأس المجلس الوزاري الذي يختلف عن المجلس الحكومي في كونه يتناول قضايا من ضمنها "التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة".

في المقابل يمنح المشروع لرئيس الحكومة الذي يعين من الحزب الحاصل على الرتبة الأولى في الانتخابات صلاحية اقتراح أسماء لشغل الوظائف المدنية السامية يختار الملك من يعينهم من ضمنها. كما يميز بين الصلاحيات الدينية والمدنية للملك ويمنح لرئيس الحكومة حق التوقيع بالعطف على المراسيم التي يمارس بموجبها الملك صلاحياته المدنية. لكن دون أن يوضح ما يمكن أن يحدث إذا ما رفض رئيس الحكومة التوقيع على هذه المراسيم.


إسماعيل بلاوعلي – الرباط

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW