1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التقرير الثالث للتنمية الإنسانية العربية: نقد من الداخل والمطالبة بإصلاحات

صدر أخيرا التقرير الثالث للتنمية الإنسانية العربية بعد تأخره عدة أشهر، بسبب ما يتضمنه من نقد حاد للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. تعليق سونيا حجازي من "مركز الشرق الحديث" في برلين.

ماذا تخبي الاخبار للاجيال القادمة؟صورة من: AP

بعد أن كان التقريران الأولان اللذان أعدا بتكليف من برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة قد حفلا على تقييمات صارمة عن إدارة بوش، فقد تقرر في حالة التقرير الثالث حذف المواضع المتضمنة لانتقاد الولايات المتحدة. لكن مساعي الحكومة الأمريكية لم تكلل على ما يبدو بالنجاح في هذا الصدد. فهناك فقرات ما زالت قائمة في التقرير كتلك القائلة إن أوضاع العراقيين اليوم أسوأ مما كانت عليه في عهد صدام حسين. وقد ورد في التقرير الثالث ما يلي: "نتيجة لغزو العراق واحتلاله خرج الشعب العراقي من تحت وطأة حكم استبدادي انتهك جميع حقوقه الأساسية وحرياته ليقع تحت سلطة احتلال أجنبي زاد من معاناته الإنسانية" ( التقرير الصادر عام 2005: ص 7).

دراسة عوامل النقص

يقوم برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة منذ عام 1990 بنشر تقارير حول التنمية البشرية تقيم، تمشيا مع أفكار أمارتيا سين الحائز على جائزة نوبل، التنمية كصورة مكثفة لحرية التصرف لدى الفرد. بالإضافة إلى ذلك فقد دعم البرنامج 35 تقريرا وطنيا صدر في 17 دولة عربية. وكان التقرير الإقليمي العربي الأول حول التنمية البشرية في عام 2002 قد رسم في بادئ الأمر معالم العراقيل العامة للتنمية في الدول العربية البالغ عددها 22 دولة معتبرا قصور التعليم وتهميش الحريات السياسية وحرمان المرأة من تبوء دورها عوامل نقص رئيسية ثلاثة. وتقرر أن تتدارس التقارير الصادرة فيما بعد بالتفصيل كلا من عوامل النقص هذه على انفراد. من هذا المنطلق ركز التقرير الثاني على موضوع بناء مجتمع قوامه المعرفة في العالم العربي. ونظرا لتزايد حدة الهوة القائمة إزاء المعرفة بين الأشخاص ذوي الاتصال بوسائل الإعلام الجديدة وبين الأغلبية الساحقة لسكان العالم العربي التي تعيش بمعزل عن ذلك، فقد عمد التقرير إلى رسم الخطوط العريضة للإصلاحات الضرورية.

أما التقرير الثالث فإنه يحمل في عنوانه الجانبي عبارة "نحو الحرية في العالم العربي". لكن مقولات معدي هذا التقرير اتسمت بالتناقض، فبينما خلصت ريما خلف هنيدي مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية إلى الاستنتاج بأن ثمة تحولا قد طرأ على منهج التفكير في المنطقة وبكون يقين تام قد حل على المجتمع بعدم إمكانية الخروج عن تلك التغييرات، كتب مؤلفو التقرير "لا شك أن بعض ما تحقق واقعي ملموس ويدعو إلى الأمل، لكن حاصل الأمر هو عدم وجود مساع جدية لإزالة مناخ الاستبداد المهيمن."

تأثير الاحتلال الإسرائيلي

يعطي التقرير في بدايته لمحة عن الأحداث الرئيسية التي خلفت آثارا على التنمية البشرية في المنطقة منذ مايو/أيار 2003. حيث يستنتج المؤلفون بأن الأصوات المطالبة بالإصلاحات باتت أقوى من قبل في العديد من البلدان العربية. وهم يشيرون في هذا السياق إلى "بيان صنعاء" والبيان الصادر عن ممثلي منظمات غير حكومية في الإسكندرية في مارس/آذار 2004. من ناحية أخرى فقد انعكس موقف المحيطين الإقليمي والدولي سلبيا للغاية على حقوق الفرد المتعلقة بالحرية. "ما زال الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عاملا يحد من التنمية البشرية والتطلع إلى الحرية". كما أن التقرير ينتقد كون قوات الاحتلال الأجنبية في العراق "قد عجزت عن الالتزام بواجباتها المتعلقة بحماية السكان وفقا لاتفاقيات جنيف"، الأمر الذي جعل العراق يعاني بناء على التقرير من زعزعة في أمنه الداخلي على نحو لم يعرفه من قبل.

إن تهميش الأمم المتحدة والمساس بمبدأ سيادة القانون في الدولة وتجميد حقوق مدنية مركزية أمور تتناقض مع المزعم الأمريكي الخاص بنشر الديموقراطية في المنطقة. والنقاط الرئيسية للنقد الأوروبي والعربي لمبادرات نشر الديموقراطية هي عدم قيام أمريكا بالتنسيق مع هذين الجانبين. بالإضافة إلى عدم مراعاة اتفاقية المشاركة الأوروبية المتوسطية المبرمة قبل عشر سنوات ولغة الفرض الإجباري للمعايير ومعاملة الدول الواقعة بين المغرب وباكستان بصورة أكليشيهية لا تعتمد مراعاة الفروق وكذلك عدم مراعاة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. إن مشروع نشر الديموقراطية يعاني في المقام الأول من نقص في المصداقية، لكن الحكومة الأمريكية لا تكترث على ما يبدو بهذه المسألة. فمنذ وقت طويل تبلغ إلى الأسماع من وراء الكواليس تهديدات من حكومة بوش بخفض ميزانية برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة في حال نشر التقرير الثالث. هذا وقد أذعنت الحكومة المصرية أيضا لهذا الخط. والجدير بالذكر أن التقريرين الأولين تضمنا هما أيضا نقدا للحكومات الوطنية وللسياسة المتخذة من الولايات المتحدة حيال الشرق الأوسط. ويومها تصرفت هذه الجهات كما لو مر عليها النقد مر الكرام.

نقد من الداخل

لقد ألحق العناق الكبير الذي تم بعد صدور التقريرين الأولين ضررا بالتوصيات الإصلاحية التي طرحها مؤلفو التقارير العربية حول التنمية الأنسانية. ومع أنهم استردوا الآن صفتهم المستقلة، إلا أن المشروع الأمريكي الخاص بنشر الديموقراطية قد فقد آخر ما كان يملكه من المصداقية. وأخيرا بدأت جماعة مؤلفة من علماء ذوي نزعة جدية من دول عربية مختلفة توجه النقد من الداخل وتضغط على حكوماتها لدفعها إلى اعتماد الإصلاحات. أما الولايات المتحدة فقد أخذت تستخدم أكثر الوسائل محبة لدى أجهزة القمع العربية وذلك تحت شعار "اجعلوهم يلزمون الصمت!".بمعنى أن الولايات المتحدة تقوم بنفسها بمناقضة مقولتها حول نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط وتطعن بكل مبادرة في اتجاه الديموقراطية نابعة من المنطقة نفسها.

توماس فريدمان معقب جريدة نيويورك تايمز المشهور بقلمه اللاذع والذي راقب عمليات الإصلاح في العالم العربي طيلة سنوات عديدة يقول دلالة على خيبة أمله "هذا الأمر يجعلك تسترسل في البكاء". رسم مؤلفو التقرير العربي الثالث حول التنمية الإنسانية في الختام معالم بدائل ثلاثة: وهي سيناريو كارثة قد تقع قريبا وسيناريو مثالي وسيناريو إصلاح نابع من الداخل يلقى موافقة من الخارج. ولكن السيناريو الثالث لن ينجح إلا إذا التزمت جميع الأطراف المعنية بعدد من المبادىء الأساسية مثل "الاحترام غير المشروط للمبدأ القائل إن على العرب أن يجدوا طريقهم الذاتي نحو الحرية والقيادة الحكومية السليمة من خلال تبني القوى الاجتماعية العربية للتحديث ودون الوقوع تحت ضغوط تجبرهم على تبني نماذج معدة مسبقا". وهذا ما يطلق عليه خبراء السياسة الإنمائية عبارة "الملكية" ownership.

بقلم سونيا حجازي
ترجمة عارف حجاج
حقوق الطبع قنطرة 2005

الامم المتحدة مطالبة بعمل المزيدصورة من: AP
مستقبل لأفضل للاطفالصورة من: AP
ومن العراقصورة من: AP
من السودانصورة من: dpa

www.qantara.de

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW