1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التمييز ضد المعلمين ذوي الأصول المهاجرة في المدارس الألمانية

أنكه-مارتينا فيت/ سمير جريس١٢ أغسطس ٢٠١٤

رغم الحاجة الكبيرة إليهم، إلا أن المعلمين في المدارس الألمانية من ذوي الأصول المهاجرة ينظر إليهم وكأنهم كائنات "غرائبية"، في الوقت الذي يأمل هؤلاء إلى التعامل معهم بشكل طبيعي كما تؤكد دراسات حديثة.

Schüler mit Migrationshintergrund im Unterricht
صورة من: picture-alliance/dpa

تعمل سارايا غوميس معلمة في إحدى المدارس، التي تعاني من التوتر والأزمات، في العاصمة الألمانية برلين. لا تريد المعلمة أن تتحدث عن عمرها أو مِن أين أتى والداها، لأن الإجابة على هذه الأسئلة تحديداً هو ما يوفر أرضاً خصبة للأحكام المسبقة والصور النمطية. "يكفي أن أقول إنني امرأة سوداء"، تقول التربوية. ولأنها المعلمة السوداء الوحيدة في المدرسة التي تعمل بها، فما زال يُنظر إليها باعتبارها كائناً "غرائبياً". وفي حين يزداد بصورة مطردة عدد التلاميذ من الأصول المهاجرة، فإن نسبة المعلمين ذوي الأصول المهاجرة في المدارس تتراوح بحسب تقدير الخبراء بين واحد وخمسة في المئة فقط.

"يشعر تلاميذي بالسعادة بسبب التنوع"، تقول غوميس. ذات يوم قالت لها تلميذة سوداء إنها لم تكن تعرف إطلاقاً أن السود يمكن أن يصبحوا معلمين. وتضيف التربوية: "أريد أن أبيّن للتلاميذ أن بإمكانهم الوصول إلى كل شيء، أياً كانت أصولهم". على كل حال فإن التلاميذ لم يعودوا ينظرون إليها منذ فترة طويلة باعتبارها كائناً غرائبياً.

"أنتم السود تتميزون بالأحرى بخفة الدم"

الأمر يختلف مع بعض أولياء الأمور، تقول غوميس. "لقد شهد الاجتماع الأول لي مع أولياء الأمور إقبالاً ضخماً من الأمهات والآباء، لأنهم أرادوا أن يروا بأعينهم المعلمة السوداء"، تقول متذكرة. بالطبع يمكن تفسير ذلك على نحو إيجابي والقول إن الاهتمام هو دافعهم. "لكن هذا أدى أيضاً إلى أن البعض راح يلمسني لكي يؤكد أنه ليس عنصرياً"، وهكذا تتحول التصرفات الإيجابية بسرعة إلى تمييز مثلما ترى غوميس.

كمعلمة سمراء تواجه سارايا غوميس في كثير من الأحيان أحكاماً مسبقة وصوراً نمطية.صورة من: Anke-Martina Witt

العنصرية في صورتها السافرة أو المتوارية تعايشها غوميس أيضاً في غرفة المعلمين. "لا أحد من زملائي عنصري فعلاً"، تؤكد غوميس في البداية. فالتصرفات والأقوال ليست بهذه الفجاجة. وهكذا فإنها تسمع أوصافاً مثل "نحن البيض نتميز بالقدرة الذهنية، أما أنتم السود فتتميزون بالأحرى بخفة الدم".

التمييز...تجربة يومية

وبهذه التجارب ليست سارايا غوميس حالة منفردة. أيسون كول تقوم بأبحاث في الوقت الحالي في جامعة بريمن حول التجارب التي يمر بها المعلمون الذين يكونون تحت التدريب، سواء من أصول مهاجرة أو غير مهاجرة. "معلمة تحت التدريب من أصول تركية مهاجرة قالت إن زميلة ألمانية لها سألتها عما إذا كان مسموحاً لها بالزواج من ألماني"، تقول الباحثة البالغة من العمر سبعة وثلاثين عاماً متذكرة. "ربما يكون هذا سؤال بسيط، ولكن هل هو السؤال الصحيح والمناسب في بداية التعرف إلى إنسان؟".

في أول دراسة في ألمانيا عن موضوع "التنوع في الفصل الدراسي" اهتمت الباحثات فيولا غيورغي وليسان أكرمان ونورتين كاراكاش قبل أربعة أعوام بموضوع التمييز الموجه ضد المعلمين ذوي الأصول المهاجرة. قامت الباحثات بدراسة 200 استطلاع للرأي، كما أجرين ستين مقابلة للحصول على معلومات شخصية بيوغرافية. والنتيجة: أكثر من 22 في المئة من التربويين مروا بخبرات التمييز والعنصرية في المدرسة. "ويحدث التمييز على مستويات عديدة"، تقول فيولا غيورغي، مديرة مركز هيلدسهايم للاندماج التعليمي. هناك مثلاً معلمون يلفتون نظر الآخرين بسبب لهجتهم، وهناك معلمون آخرون يجدون أنفسهم مجبرين على تحمل تلميحات حول ديانتهم.

نظرة تقتصر على "الدور الخاص"

غير أن النتيجة ليست حاسمة، إذ أن غالبية الذين استُطلعت آراؤهم قالوا إنهم مروا أيضاً بتجارب القبول والاعتراف والتقدير خلال الدراسة. "ينظر إلى المعلمين ذوي الأصول المهاجرة نظرة تقدير لأسباب عديدة، منها أنهم يعملون كبناة للجسور، وأنهم مثلاً يستطيعون الترجمة خلال اللقاء مع الآباء"، تقول غيروغي. البعض يقوم بهذا الدور بكل سرور، ولكن الأمر لا يخلو من مشكلات.

"لا يريد المعلمون أن يتم اختزالهم في هذا الدور الخاص"، تقول الباحثة. فالمعلمون مسؤولون في المقام الأول عن كل الأطفال، وهو ما ينطبق كذلك على المعلمين ذوي الأصول المهاجرة. هذه الرؤية تؤكدها أيضاً أيسون كول التي تضيف: "يتوقف الأمر على كيفية رؤية المعلمين لأنفسهم، وما هو الدور الذي تلعبه الأصول المهاجرة في حياتهم". "البعض لا يريد إلا أن يكون معلماً، بدون أن يتم تسليط الضوء على أصوله".

نورتين كاراكاش بصدد إعداد رسالة دكتوراه حول تجارب التمييز التي يمر بها المعلمون من ذوي الأصول المهاجرة.صورة من: Anke-Martina Witt

مطلوب المزيد من الحساسية بين المعلمين

وتتباين تبايناً كبيراً طريقة مواجهة خبرات التمييز بين المعلمات والمعلمين الذين أجابوا على استطلاعات الرأي، تقول نورتين كاراكاش التي تكتب في الوقت الحالي رسالة دكتوراه حول هذا الموضوع. "البعض يقول إن الوقت المناسب هو الآن. علينا أن نتناول الموضوع في المدراس"، لكن البعض الآخر يفضل الصمت أو يحاول أن يبرر تصرفاته. غير أن كل خبراء التعليم يجمعون على ضرورة تعيين عدد أكبر من المعلمات والمعلمين من ذوي الأصول المهاجرة في المدارس. ويطالب الخبراء بضرورة أن ينعكس التنوع في الفصل على غرفة المعلمين أيضاً، فهذا هو السبيل الوحيد لكي ننظر إلى الاختلافات اللغوية والثقافية والدينية باعتبارها فعلاً شيئاً عادياً ومتساوياً في القيمة. وترى المعلمة سارايا غوميس أن هناك دوراً يجب على المعلمين من أصول ليست مهاجرة أن يقوموا به: "إننا أيضاً في حاجة إلى معلمين 'ألمان بيض' تدربوا تدريباً عابراً للثقافات، ولديهم حساسية تجاه التمييز".

المصدر: http://ar.qantara.de/content/ltmyyz-dd-lmlmyn-dhwy-lswl-lmhjr-fy-lmdrs-llmny-lnsry-fy-swrtyh-lsfr-wlmtwry-fy-lmny

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW