التنين الصيني يواصل زحفه في شمال إفريقيا .. من يغري من؟
٤ سبتمبر ٢٠١٨
أمام أعين الأوروبيين والأمريكيين تتوغل الصين اقتصاديا في القارة السمراء، وتحديدا في دول شمال إفريقيا حيث تحولت إلى أهم الشركاء الاستراتيجيين. تعميق العلاقات اهتمام متبادل من الجانبين بعد الخيبة من السياسات الأوروبية.
إعلان
باسم دول شمال إفريقيا تحدث الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، بداية هذا الأسبوع خلال "منتدى التعاون الصيني الإفريقي" السابع، الذي يعقد كل ثلاث سنوات بالتناوب في الصين وإفريقيا. وتماشيا مع جو التفاؤل العام الذي ساد القمة الصينية-الإفريقية، توقع ولد عبد العزيز في كلمته بأن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة الحرة، التي أنشأتها الصين في شمال إفريقيا، إلى 4 تريليون دولار ما بين الفترة 2016– 2019.
كما أشاد الرئيس الموريتاني بما تتوفر عليه المنطقة من موارد طبيعية، وخصوصاً في مجالات الطاقة والمعادن، إضافة إلى سوق داخلية تتجاوز 240 مليون مستهلك وتتميز بوضعية جيوستراتيجية استثنائية، بحكم موقعها على أهم الممرات البحرية، التي تطل على كل من البحر الأحمر والبحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
الجزائر الحليف التقليدي
كل هذه المعطيات التي ذكرها الرئيس الموريتاني، تعي أهميتها الصين منذ وقت طويل. وفي إطار سياسية التوسع الاقتصادي الحثيثة التي تنتهجها بيكين لتقوية نفوذها في القارة السمراء، تكتسي دول شمال إفريقيا أهمية جيوسياسية مميزة. وفي هذا الإطار سيتم تخصيص قسم من ميزانية الـ60 مليار دولار الضخمة، والتي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ لتقوية استثمارات بلاده في القارة السمراء. فالعلاقات مع شمال إفريقيا لم تصل إلى المستوى الذي يشبع طموحات الجانبين.
ويمكن القول أن رحلة الصين في المنطقة بدأت مع الجزائر، الحليف التقليدي. فمنذ عام 2013 تحولت الصين إلى أقوى شريك اقتصادي للجزائر، وذلك أمام مرأى المستعمر القديم، فرنسا، الذي انزلق إلى المركز الثاني، وأعين ألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا.
واخترقت الصين في الأعوام الأخيرة السوق الجزائرية عبر مجالات البناء والأشغال العامة. فهي في طريقها إلى الانتهاء من مشروع الطريق السيار شرق غرب الذي يمتد لمسافة 1216 كيلومتر، كما أنها تولت بناء جامع الجزائر الكبير ليصبح ثالث أكبر مسجد في العالم، إضافةً إلى توسعة مطار الجزائر. يضاف إلى كل هذا مشروع ميناء الحمدانية، الذي سيتم ربطه بثلاث مناطق صناعية كبرى وخط جديد للسكك الحديدية، وقدرت ميزانية المشروع بنحو 3.3 مليار دولار أمريكي.
ومن المنتظر أن يرتفع حجم الاستثمارات الثنائية بين الجانبين في السنوات القادمة، خاصة في ظل سياسية الدولة الجزائرية الحالية والتي بدأت تدير ظهرها أكثر فأكثر للأوروبيين.
في المقابل، تقدم الصين للجزائر قروضا بنسب منخفضة، ما يتماشى مع أهداف الجزائريين، الذين تضرروا بشكل كبير من تراجع أسعار النفط. وما يعد بارتفاع الاستثمارات أيضا هو أن الاقتصاد الجزائري بيد مؤسسات الدولة ورجال السياسية فيها، وبالتالي فإن درجات التعاون الاقتصادي تحركها المصالح الجيوستراتيجية.
مصر تتدارك الوضع
وفي الوقت، الذي بلغ فيه حجم الاستثمارات الصينية في عام 2014 في السوق الجزائرية على سبيل المثال، 2.45 مليار دولار أمريكي، كان الرقم المسجل في السوق المصرية هو 657 مليون، والمغربية 114 مليون.
وفي نوفمبر من العام الماضي، أعلنت السفارة الصينية بالقاهرة، أن حجم الاستثمارات الصينية سواء المباشرة أو غير المباشرة، بلغ إلى غاية نهاية 2016 سبعة مليارات دولار. وتلقَّى التعاون المصري الصيني دفعة جديدة من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، التي منحت في إطارها بيكين حق تنفيذ مشروعات ضخمة مثل شبكة الكهرباء والقطار المكهرب بالعاشر من رمضان. إلى جانب توقيع اتفاقية تبادل العملة بين البنك المركزي المصري والصيني بقيمة 11 مليار يوان، وذلك بما يعادل 47 مليار جنيه مصري.
بين "فوكسينغ" الصين والكبسولة ـ أسرع القطارات في العالم
لا تعد القطارات السريعة وسيلة نقل سريعة فحسب، وإنما رمزا للشركات والدول المصنعة ودلالة على مواكبتها للتكنولوجيا الحديثة. قبل ثلاثين عاما كان الألمان هم الأسرع، أما اليوم فتراجعت ألمانيا عن المنافسة في هذا السباق.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com
كان القطار الألماني السريع (ICE) يعد القطار الأسرع في العالم قبل ثلاثين عاما، إذ وصلت سرعته إلى 406.9 كلم/ساعة في عام 1988، ويملك قوة حصانية تصل إلى أكثر من 11000 حصان. أما في الوقت الحاضر فظهرت العديد من القطارات التي تجاوزت هذه السرعة الفائقة..
صورة من: picture-alliance/dpa
.. إذ وبعد عامين فقط حطم الفرنسيون الرقم المسجل باسم قطار (ICE) وصمموا نسخة من قطار (TGV) تصل سرعته إلى 515 كلم/ساعة. فيما وصلت سرعة الموديل الحديث من هذا القطار والذي اسمه (AGV)، إلى 574 كلم/ساعة، وذلك في عام 2007. في الصورة نسخة قديمة من قطار (TGV) تعود إلى عام 1981.
صورة من: picture-alliance/dpa
اليابان كان البلد الأول في العالم الذي ينتج قطارات فائقة السرعة تفوق سرعتها 300 كلم/ساعة. وتمكن قطار "شينكانسن" من الوصول إلى سرعة 320 كلم/ساعة. والقطار يحمل مقدمة طويلة شبيهة بالأنف، لكي يخفف القطار من الصدمة الصوتية ولا تسبب سرعته العالية أصواتا عالية داخل الأنفاق.
صورة من: Reuters/Kyodo
الصين من جانبها نجحت في دخول عالم السرعة واستطاعت بعض القطارات الصينية أن تصل حاجز الـ500 كلم/ساعة. والقطار الصيني الجديد "فوكسينغ" (الظاهر في الصورة) يقطع المسافة بين مدينتي شانغهاي وبكين التي تصل إلى 1300 كلم بأربع ساعات ونصف وبسرعة تصل إلى 350 كلم/ساعة.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com
شُيد في ألمانيا عام 1980 أول خط تجريبي لمسار القطار المغناطيسي (ترانس رابيد). ويمكن لهذا القطار أن يصل إلى سرعة 450 كلم/ساعة في الخط التجريبي في مدنية إمسلاند. وصرفت المليارات على تطوير هذا القطار لكن العمل التجريبي توقف عام 2011 بعد تسببه بحادث.
صورة من: picture-alliance/dpa
أما في الصين فاستمر تطوير القطار المغناطيسي. ويربط القطار المغناطيسي بين مطار شنغهاي ومطار المدينة ويقطع الرحلة التي طولها 30.5 كيلومتر في ثمانية دقائق فقط. ويعد أسرع قطار تجاري في العالم حاليا، وتصل سرعة القطار إلى 430 كلم/ساعة.
صورة من: picture-alliance/dpa
تحتوي كوريا الجنوبية على قطار مغناطيسي أيضا اسمه "النحلة الصديقة للبيئة" ويربط بين مطار إنشيون ومدينة يونغيو التي تبعد ستة كيلومترات عن المطار. وبدأت الحكومة الكورية الجنوبية المشروع عام 2011 لتوفير مجموعة من القطارات التي تعتمد على التكنلوجيا المحلية. ويمكن للقطار السير بسرعة 110 كلم/ساعة.
صورة من: picture-alliance/Yonhap
أما قطار الحرمين السريع فسيربط بين مكة والمدينة في السعودية مرورا بمدينة جدة ويبلغ طول خط القطار 450 كلم، وسيتمكن الحجاج من قطع المسافة بين المدينتين في أقل من ثلاثة ساعات. وشكل مسار القطار في الصحراء تحديا كبيرا أمام الشركة الإسبانية المصنعة للمشروع. وانطلقت أول رحلة تجريبية في القطار في نهاية عام 2017، وكان من المفترض أن تبدأ الرحلات في شهر آذار/مارس 2018 الماضي.
صورة من: Getty Images/AFP/B. Aldandani
تطمح اليابان في تطوير أسرع قطار في العالم وهو القطار المغناطيسي "ماغليف" والذي من المخطط له أن يبدأ بالسير عام 2027 وسيربط بين مدينتي طوكيو وناغويا. وسيطير "ماغليف" لنحو 10 سنتيمترات فوق السكة الحديدة وسيقطع المسافة بين المدينتين في 40 دقيقة فقط بدلا عن 90 دقيقة عبر قطار "شينكانسن" السريع.
صورة من: picture-alliance/AP/Yomiuri Shimbun
الملياردير إيلون موسك مؤسس شركة "سبيس إكس" للرحلات الفضائية وشركة تيسلا للسيارات الكهربائية، يطمح إلى تشييد قطار يسير في أنبوب مُفرغ من الهواء يطلق عليه تسمية "هيبرلوب". ويمكن الكبسولات التي تستخدم الطاقة الكهربائية والتي تنطلق في هذا الأنبوب السير بسرعة تصل إلى 1225 كلم/ساعة. تُجرى الاختبارات الأولية لهذا المشروع في كاليفورنيا، وكذلك في فرنسا. الكاتب: إنسا فريده/زمن البدري
صورة من: REUTERS/Nick Kincade/Tesla Motors
10 صورة1 | 10
أما اليوم وخلال مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منتدى "الصين-إفريقيا" في العاصمة بيكين، تحدثت الصحافة المصرية عن إبرام عقود مع شركات صينية لتنفيذ مشاريع تنموية في مصر بقيمة إجمالية تصل حوالي 18.3 مليار دولار.
المغرب يعزز شراكته مع بيكين
لا يختلف الأمر كثيرا في المغرب، رغم أن الأخير لا يزال وفيا لشركائه الغربيين مقارنة بالجار الأكبر. ورغم ذلك شهدت علاقاته التجارية مع العملاق الآسيوي خلال السنوات العشر الأخيرة ديناميكية متسارعة مكّنت الصين من أن تصبح الشريك الاستراتيجي الثالث للمغرب، خلف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وكانت مجلة "غلوبال إنسايت" الأمريكية، في عددها الأخير حول التوسع الصيني في القارة السمراء، قد ذكرت أن المملكة المغربية هي آخر دولة كانت تحظى باهتمام المستثمر الصيني، غير أن زيارة العاهل المغربي في عام 2016، غيّرت المشهد عبر توقيع شراكات اقتصادية مهمة للطرفين.
في صور.. أبرز التطورات الاقتصادية في عام 2017
يغادرنا عام 2017 بعد أن ترك بصمته الاقتصادية التي ربما ترافقنا لأعوام قادمة: تغيرات وأزمات في قطاع صناعة السيارات، والحمائية، وأزمة صناعة الصلب، وإفلاس "إير برلين"، و"فقاعة" العملة الرقمية بيتكوين، وغيرها من القضايا.
صورة من: Imago/Imagebroker/M. Weber
صناعة السيارات في تحول
هل ستتغلب "تيسلا" بسيارتها الكهربائية على شركات السيارات الكبرى؟ مستثمرون اعتقدوا ذلك لوقت قصير. فهذه الشركة أصبحت منذ منتصف السنة طبقاً لقيمة الأسهم أغلى شركة أمريكية لصناعة السيارات. لكن جدت مشاكل في إنتاج النموذج الثالث، وكما دخلت شركات إنتاج سيارات أخرى على الخط وشرعت بزيادة الاستثمار في المحركات الكهربائية. لقد أُطلقت صافرة بداية السباق.
صورة من: Reuters/A. Sage
محرك الديزل في خطر
تلوح في ألمانيا بوادر لمنع محرك الديزل في العديد من المدن اعتباراً من السنة المقبلة، وذلك بسبب الانبعاثات الغازية السامة الناتجة عن احتراق الديزل. وتعتزم الحكومة الألمانية تقديم الدعم لتدابير حماية البيئة لتفادي إخراج سيارات الديزل من الخدمة. لكن في ألمانيا يتم تفادي تحديد تاريخ معين للترخيص الجديد لمحركات وقود الديزل، الأمر الذي فعلته فرنسا وبريطانيا.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Woitas
فضيحة الديزل في عامها الثاني
وحتى بعد مرور عامين على تفجر فضيحة الديزل تظهر تفاصيل إضافية إلى العلن. وهكذا تبين في أيار/مايو أن شركة "أودي"، التابعة لشركة فولكسفاغن، استخدمت أجهزة غير مرخص بها لفحص الانبعاثات. وفي بداية كانون الأول/ديسمبر حكم في أمريكا على رجل الأعمال في فولكسفاغن أوليفر شميت بسبعة أعوام سجن. وحتى في السنة المقبلة ستتواصل الهزات الارتدادية في قضية الديزل ـ ولكن هذه المرة أمام المحاكم الألمانية.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Kienzle
العولمة في مواجهة الحمائية
أحدث دونالد ترامب في بداية العام بلبلة بعد أن هدد بفرض رسوم جمركية. وقد ترك الرئيس الأمريكي بصمته بشكل غير مباشر على سير قمة مجموعة الدول العشرين في هامبورغ. وهكذا تم في البيان الختامي قبول استخدام "أدوات حماية التجارة الشرعية" التي وظفها ترامب إلى حد الآن بتحفظ ـ مؤخراً ضد شركة بومباردييه الكندية لصناعة الطائرات.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/NTB Scanpix/T. Meek
الصين- قطف ثمار العولمة و"وعود" بالانفتاح
بسبب سياسة "أمريكا أولا" المتبعة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية تولى الصينيون دور قائد قاطرة العولمة. ودعوة الرئيس الصيني لصالح الأسواق المفتوحة تلقاها رجال الأعمال في أوروبا بسرور بالغ. وهم يطالبون الآن بأفعال، لأن الاصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها في الصين لم تخرج بعد إلى حيز الوجود. تشعر الكثير من الشركات الأجنبية بالتميز في السوق الصينية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Euler
ما أحلى الرجوع إليه!
المنافسة في سوق الهواتف النقالة احتدمت في العام الجاري. فمنذ مارس تعتزم الشركة الفنلندية HMD Global استدراج الزبائن من خلال التركيز على الحنين إلى الماضي؛ إذ أن هاتف Nokia 3310 ذو تصميم بسيط. ووصلت قيمة عدد بطاقات الخطوط الهاتفية في العالم في عام 2017 إلى نحو 7.5 مليار يورو.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
الهواتف الذكية.. مبيعات كبيرة وأرباح خيالية
الجيل الجديد من الهواتف الذكية هي بالتأكيد الأكثر تحقيقا للأرباح. فالكثير من الشركات تطرح أجهزة غالية الثمن في الأسواق على غرار شركة Apple. ومنذ 2007 اقتنى نحو 1.5 مليار جهاز إيفون من قبل أشخاص حول العالم. والأيفون الجديد يبلغ سعره أكثر من ألف يورو ـ ورغم ذلك يصطف الناس طوابير في اليوم الأول لعرض هذا المنتوج في المحلات التجارية مثل هنا في اليابان.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/A. Widak
سوق الصلب في أزمة
عملاق صناعة الصلب "توسن كروب" والمنافس الهندي "تاتا" يتفقان في أيلول/سبتمبر رغم احتجاجات العمال على اندماج فرعيهما في أوروبا. ومن خلال هذا الاندماج ستنشأ ثاني أكبر شركة للصلب في أوروبا بعد شركة ArcelorMittal. وتبقى سوق الصلب بسبب فائض في العرض تحت الضغط. ولا يُستبعد حصول اضطربات أخرى.
صورة من: Getty Images/L.Schulze
وداعاً "إير برلين"
شركة الطيران المفلسة "إير برلين" تتوقف عن العمل. وحطت آخر رحلة جوية برقم AB 6210 في نهاية تشرين الثاني/أكتوبر في مطار تيغل في برلين. وبعد كفاح طويل من أجل البقاء، لم يكن أمام الشركة من مفر إلا إعلان إفلاسها. وتعتزم شركة لوفتهانزا الاستحواذ على جزء كبير من الشركة، إلا أن المفوضية الأوروبية أعلنت عن تحفظات استناداً إلى قانون مكافحة الاحتكار.
صورة من: imago/J. Ritter
بيتكوين يحلق عالياً
كانت قيمة العملة الرقمية بيتكوين في بداية العام ما يعادل 1000 دولار. ومع مرور الوقت وصلت قيمة العملة الافتراضية إلى أكثر من 17.0000، وهذه زيادة بأكثر من 1700 في المائة. وللمقارنة: مؤشر الأسهم الألمانية داكس ارتفع حتى بداية كانون الأول/ديسمبر منذ بداية العام إلى حوالي 14 في المائة. وسرعة ارتفاع قيمة البيتكوين تولد خوفاً شديداً من فقاعة مضاربات. فهل ستتفرقع وتنفجر الفقاعة في عام 2018؟
صورة من: Imago/C. Ohde
10 صورة1 | 10
وحسب المجلة تبقى صادرات المغرب إلى الصين تقليدية، تتمثل في الفوسفات والحمضيات، بينما تركز الصادرات الصينية على القطاع التكنولوجي والخدمي والاستثمارات المالية. وعلى سبيل المثال أعلنت شركة يانغتس للسيارات عن استثمار بقيمة 100 مليون دولار في المنطقة الحرة بطنجة لإنتاج السيارات والحافلات الكهربائية بقصد تصديرها إلى أوروبا. وذلك إلى جانب مشاريع أخرى كإنشاء مركز جديد للتكنولوجيا والتصنيع في المنطقة الحرة ذاتها، والذي من المتوقع أن يجذب استثمارات من حوالي 200 شركة صينية.
السياحة بدورها رهان المغرب الأكبر من توطيد علاقاته التجارية بالصين. وعلى ضوء ذلك تمّ إعفاء السياح الصينيين من التأشيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2016، وهو ما ساهم حسب المسؤولين في ارتفاع الوافدين من الصين إلى ستة أضعاف، رغم عدم وجود خطوط مباشرة بين الصين والمغرب.
دوافع المغرب نحو الصين تكمن في توجه المملكة نحو تنويع الشركاء الاقتصاديين، أما بالنسبة لبكين فإن موقع المغرب المطل على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي مغر جداً، إضافة إلى الاستقرار السياسي، الذي يميز النظام المغربي.
توسيع رقعة الشركاء
ويؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة تونس، رضا الشكندالي، أن الرغبة في تقوية التعاملات التجارية والاقتصادية هي متبادلة من الجانبين. والسبب الأول يكمن في أن اقتصاديات دول شمال إفريقيا، المرتبطة تقليديا بالاقتصاد الأوروبي، بدأت تشعر بتراجع وتيرة النمو في القارة العجوز لدرجة أن السوق الأوروبية لم يعد بإمكانها امتصاص واردات دول جنوب حوض المتوسط بالمستوى المطلوب. وبالتالي باتت دول شمال إفريقيا برمتها تدرك حاجتها الماسة إلى توسيع رقعة الشركاء لضمان تنمية مستدامة.
يضاف إلى ذلك إلى أن الصين ترفع شعار "لا أجندة سياسية" في التعامل التجاري، وهو ما يروق دول شمال إفريقيا بعيداً عن وصاية الأوروبيين. ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة تونس إنه لا يمكن الحسم في مدى صحة هذا الشعار، لأنه لأجل ذلك "نحن بحاجة لمزيد من الوقت ومن الشراكة، ليتضح ما إذا كانت بالفعل الصين غير مهتمة بالتدخل سياسيا بهذه البلدان". ويستشهد الأستاذ الشكندالي أن أي "تحليل اقتصادي يرتكز بالأساس على المعطيات وليس على النوايا".
يضاف إلى ذلك إلى أن الشركات الأوروبية الكبرى دائما ما كانت متخوفة من الوضع السياسي الهش في هذه البلدان، حتى وقبل أحداث الربيع العربي، إذ لا تتواجد في القارة السمراء برمتها سوى عشر شركات من مجموع الشركات العضوة في سوق البورصة. في حين أن الدرس الصيني أثبت أن التنين الآسيوي قادر على التعامل مع الأسواق الصاعدة دون الاكتراث بملفات كحقوق الانسان وغيرها، لكون أن الصين لا تقدم نفسها على أنها دولة ديمقراطية، بقدر ما هي تسوق استثماراتها على أنه مفتاح خير على الجميع.