الرئيس الروسي بوتين يندد بما اعتبره انتهاكاً للخطوط الحمراء الروسية في أوكرانيا، ويطالب بمفاوضات فورية مع حلف شمال الأطلسي تمنح روسيا ضمانات لأمنها، حسب قوله. والاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على مجموعة "فاغنر" الروسية.
دعا الرئيس الروسي إلى مفاوضات فورية لـ"تحديد الضمانات القانونية لأمن" بلاده (أرشيف)صورة من: Mikhail Metzel/AFP/Getty Images
إعلان
دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء (14 ديسمبر/ كانون الأول 2021) إلى إجراء مفاوضات "فورية" مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة حول الضمانات التي ينبغي تقديمها لروسيا بشأن أمنها، على خلفية توترات حول أوكرانيا.
وأوضح الكرملين، في بيان عقب محادثة بين الرئيس الروسي ونظيره الفنلندي سولي نينيستو، أن "بوتين أشار إلى ضرورة أن تطلق فوراً مفاوضات مع الولايات المتحدة وحلف الأطلسي لتحديد الضمانات القانونية لأمن بلادنا".
وتعتبر فنلندا وسيطاً تقليدياً بين روسيا وخصومها الغربيين.
وكان الرئيس الروسي كرر هذه الرسالة في مكالمة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. ويعتبر بوتين أن مثل هذه المحادثات يجب أن تسمح بـ"منع التوسع المستقبلي للحلف نحو الشرق ونشر منظومات أسلحة تهدد روسيا في أوكرانيا وفي دول أخرى مجاورة".
في قمة أجريت عبر الفيديو مطلع الشهر الحالي، طلب الرئيس الروسي من نظيره الأمريكي جو بايدن ضمانات قانونية من هذا القبيل، في وقت تعتبر موسكو أن الدول الغربية حنثت بوعود قطعتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، عبر فتح أبواب العضوية في الناتو أمام دول أوروبا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، لكبح النفوذ الروسي.
من جانبها، حذرت واشنطن والاتحاد الأوروبي موسكو من أنها في حال أقدمت على غزو أوكرانيا، فإنها ستواجه عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، حتى وإن كانت اجراءات من هذا النوع لم تتمكن حتى الآن، ومنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم سنة 2014، من التأثير على السياسة الروسية.
ويُعتبر الكرملين الداعم السياسي والاقتصادي والعسكري للانفصاليين الموالين لروسيا، الذين تخوض القوات الأوكرانية حرباً ضدهم منذ نحو ثماني سنوات في شرق أوكرانيا. وتشتبه الدول الغربية حالياً بأن روسيا تحضر لغزو جديد لأوكرانيا وتنشر أعداداً كبيرة من القوات على حدودهما المشتركة.
أما الكرملين فيرفض هذه الاتهامات ويقول إن روسيا – خلافاً لذلك – مهددة من حلف شمال الأطلسي، الذي يسلح كييف ويكثف نشر طائراته وسفنه في منطقة البحر الأسود. وأعلن الجيش الروسي الثلاثاء أنه يراقب فرقاطة فرنسية دخلت البحر الأسود. وأكدت موسكو عدة مرات في الأسابيع الأخيرة أن مقاتلات تابعة لسلاح الجو الخاص بها اعترضت طائرات عسكرية أمريكية وفرنسية ورافقتها بعدما حلقت قرب أجوائها في البحر الأسود، بالإضافة إلى حوادث مع قوارب من دول منافسة.
اتهامات لأوكرنيا وكييف تلوم برلين
واتهم بوتين في محادثته مع نظيره الفنلندي مجدداً كييف بانتهاك اتفاقات مينسك، التي وضعت خارطة طريق لتحقيق السلام في شرق أوكرانيا (دونباس). واعتبر الرئيس الروسي أن السلطات الأوكرانية "تراهن بوضوح على القوة، في انتهاك لاتفاقات مينسك، مستخدمة في دونباس أسلحة ثقيلة وطائرات مسيّرة مقاتلة".
من جهتها، قالت أوكرانيا إنها راضية عن صرامة بايدن خلال محادثاته مع بوتين، رغم أنها لا تكف منذ أشهر عن التذمر من عدم استعداد الغرب لدعمها عملياً. كما وتندد كييف بعرقلة عملية انضمامها إلى الناتو، وبالعقبات في عمليات تسليم منظومات الأسلحة. واتهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينكسي، برلين خصوصاًبمنع تسليم بلاده أسلحة دفاعية.
تخوض أوكرانيا في شرق البلاد صراعاً مع جماعات انفصالية مسلحة تدعمها روسيا منذ 2014 (أرشيف)صورة من: Serhiy Takhmazov/REUTERS
وأوضح زيلينسكي، في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية: "منعتنا ألمانيا مؤخراً من الحصول على شحنات أسلحة مضادة للطائرات المسيرة وأنظمة مضادة للقنص في إطار (التعاون مع) حلف شمال الأطلسي، وهي أسلحة دفاعية بحتة"، مضيفاً أن "أي دولة ديمقراطية تحمي نفسها من العدوان يجب أن يكون لها الحق في الحصول على هذا النوع من الأدوات الدفاعية. ولكن الخوف هو الذي يهيمن دائماً في عواصم معينة".
عقوبات على "فاغنر"
وفي سياق متصل، نددت روسيا الثلاثاء بالعقوبات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين ضد مجموعة "فاغنر" الروسية الأمنية، ووصفتها بأنها نوع من "الهستيريا" التي يطبع تصرفات الغرب إزاء هذه المسألة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها إن "الهستيريا التي انتشرت في الغرب حول هذا لموضوع تدل قبل كل شيء على ضغينة تكنها بعض العواصم الأوروبية السابقة لدول في أفريقيا والشرق الأوسط ... أُرغمت على الاعتراف في وقت من الأوقات بسيادتها واستقلالها".
وأضافت الوزارة أن "روسيا تحتفظ بحق الرد على الأعمال العدائية من جانب الاتحاد الأوروبي"، وأشارت مجدداً إلى أن "الشركات العسكرية الخاصة لا تسيطر عليها السلطات" الروسية، وهي تدافع عن "الحق السيادي" للدول المعنية باللجوء إلى مثل هذه الشركات.
تنشط مجموعة "فاغنر" الأمنية في عدد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تتواجد روسيا أيضاً (أرشيف)صورة من: ALEXIS HUGUET/AFP
وكان الاتحاد الأوروبي فرض الاثنين عقوبات على مجموعة "فاغنر" الروسية، وكذلك على ثمانية أشخاص وثلاث شركات مرتبطة بها بسبب "أعمال مزعزعة للاستقرار" قال إنها نفذتها في أوكرانيا وفي عدة دول أفريقية. وقال مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن مجموعة "فاغنر" هي "أداة الحرب الهجينة التي تشنها روسيا".
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن دعمه لهذه العقوبات، حيث قال في بيان: "هذه الخطوات تشير إلى التزامنا المشترك بالرد على الأفعال المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها هذه المنظمة ... نحيي الاتحاد الأوروبي على التزامه بالترويج لاحترام حقوق الإنسان في العالم، وكذلك الدفاع عن سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها".
وكان وجود هذه الشركة قد تم رصده في عدة دول في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تتواجد روسيا، لاسيما في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. لكن مجموعة "فاغنر" تنشط أيضاً في ليبيا وسوريا وأوكرانيا.
وتشمل العقوبات الأوروبية منع إصدار تأشيرات للأشخاص المعنيين وتجميد أصول في الاتحاد الأوروبي. وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عام 2020 على رجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من الكرملين، والذي يعتبر ممول مجموعة "فاغنر".
ي.أ/ ص.ش (أ ف ب، رويترز)
استعراض النصر في موسكو: إظهار القوة بأي ثمن
في كل سنة تحيي روسيا باستعراض عسكري ضخم الانتصار على ألمانيا النازية. وهذه المرة يُراد أن يكون الحفل الأكبر من نوعه عبر كل الأزمنة ـ لكن هذا التطلع كان موجودا أيضا في استعراضات أخرى.
صورة من: Reuters/M. Shemetov
24 حزيران/ يونيو 1945: استعراض النصر الأول
الاحتفال بالنصر الأول للجيش الأحمر كان من فكرة يوزيف ستالين (وسط الصورة). كان يريد إحياء نصر الاتحاد السوفياتي على ألمانيا الفاشية بموكب كبير. وفي الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو 1945 سار في شوارع موسكو 40.000 جندي و 1850 عربة عسكرية. وكان ستالين يتطلع لاستقبال الموكب وهو يمتطي حصاناً.
صورة من: Imago Images
شوكوف بدلا عن ستالين فوق صهوة جواد أبيض
وفي النهاية كان قائد القوات الأعلى غيورغي شوكوف هو من اعتلى صهوة الجواد الأبيض . والسبب هو أن ستالين لم يكن متمكنا من ركوب الخيل، وسقط خلال صولة التدريب العامة من صهوة الحصان وأصيب في كتفه. ولهذا أمر الدكتاتور الجنرال شوكوف باعتلاء الجواد والسير في طليعة الموكب. فيما تتبع ستالين الحدث الضخم من مدرج الشرف على ضريح لنين.
صورة من: Imago Images
إحياء التقليد: 1995
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ألغي الاستعراض لبضع سنوات. وفي 9 حزيران/ مايو 1995 أعيد إحياء التقليد تحت قيادة الرئيس الأسبق بوريس يلتسين إثر مرور 50 عاما على نهاية الحرب. ومنذ تلك اللحظة بات استعراض النصر يقام مجددا كل سنة. وحدات عسكرية تسير عبر الميدان الأحمر ومن ضريح لنين يُلقي الأقوياء خطبهم التذكارية.
صورة من: Imago Images
الذكرى الستين: زوار من أنحاء العالم
ويحضر الاستعراضات العسكرية في الساحة الحمراء بموسكو غالباً رؤساء دول وشخصيات رفيعة المستوى من جميع أنحاء العالم. وفي الذكرى السنوية الستين عام 2005 كان من بين الحضور المستشار الألماني السابق غرهارد شرودر مع عقيلته السابقة دوريس والرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك ونظيره الأمريكي (الأسبق) جورج دبليو بوش.
صورة من: Getty Images/AFP/P. Kovarik
استعراض المحاربين القدامى
بالنسبة لروسيا يكون "يوم النصر" يوماً مقدساً مكرساً لإحياء ذكرى ضحايا الاتحاد السوفياتي في "الحرب الوطنية العظمى"، كما يطلق الروس على الحرب العالمية الثانية. وتحيي العائلات ذكرى ذويها وتضع زهوراً حمراء على المآثر والقبور. وفي كثير من الأماكن تصدح أغاني الحرب الحماسية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Antonov
عودة التقنية العسكرية
موكب النصر من شأنه استعراض القوة الروسية على وجه الخصوص. وفي التاسع من أيار/ مايو 2008 تم لأول مرة استعراض تقنية عسكرية ثقيلة ـ للبرهنة للعالم وللمواطنين على قدرة البلاد على الدفاع. ومن أجل ذلك لا يتم توفير التكاليف: 40 مليون يورو كانت تكلفة الخسائر في الطرقات وشبكة الصرف الصحي التي تتسبب فيها العربات الثقيلة فحسب.
صورة من: Imago Images/UPI
قلما يحصل تعاطي واقعي مع التاريخ
لا تحصل معالجة نقدية وتعاطي واقعي مع التاريخ الروسي أثناء الاحتفالات بالنصر. فمواضيع التاريخ المعاصر وضحايا الحرب وستالين والفواجع التي أصابت الجنود الروس هي من المحرمات. فالحفل من شأنه أن يرمز للوطنية والوحدة.
صورة من: Imago Images
2010: أكبر استعراض عبر الأزمنة
أكثر من 10.000 جندي ـ بينهم لأول مرة قوات من بلدان أخرى مثل فرنسا وبريطانيا أو بولندا ـ ساروا في الذكرى السنوية الـ 65. وكان يعتبر إلى تلك اللحظة أكبر استعراض للأسلحة. وأفادت وسائل إعلام روسية أن 2.5 مليون شخص شاركوا في الاحتفالات. وحتى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تتبعت حينها الاستعراض.
صورة من: Imago Images
الكتيبة الخالدة
الذكرى السنوية الـ 70 في 9 مايو 2015 أُقيمت بدون مشاركة زعماء دول غربية. وغالبية رؤساء الدول المدعوين لم تحضر بسبب أزمة القرم. وفي ختام الاستعراض أُقيم نشاط "الكتيبة الخالدة" شارك فيها 500.000 من أحفاد قدماء المحاربين، أرادوا إحياء ذكراهم برفع صور لهم. وحتى بوتين شارك بصورة لوالده.
صورة من: picture-alliance/Russian Look/D. Golubovich
9 أيار/ مايو 2020 : استعراض جوي بدلاً عن موكب عسكري
بسبب جائحة كورونا أجّل الرئيس فلاديمير بوتين الاستعراض العسكري لهذه السنة. ففي "يوم النصر" أقيم حفل هادئ حضره الرئيس الروسي ونُقل عبر التلفزيون. ونُظم استعراض جوي للقوات الجوية الروسية.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Kudryavtsev
تظاهرة جماهيرية في زمن كورونا
تنتقد المعارضة الروسية فلاديمير بوتين لأنه يريد تنظيم الموكب العسكري السنوي رغم أعداد الإصابات المتزايدة بكورونا. عمدة موسكو هو الآخر اقترح على المواطنين متابعة العرض من خلال شاشات التلفزة . كما أن منتقدين يتهمون بوتين بتوظيف الاستعراض في التصويت على التعديل الدستوري الذي يتواصل حتى فاتح يوليو تموز، وسيمكنه من البقاء في السلطة حتى 2036.
صورة من: Reuters/A. Druzhinin
إعادة تنظيم أكبر استعراض عسكري في التاريخ
أن يكون عدد أقل من الجنود مشاركين في الذكرى السنوية الـ 75 مقارنة مع السنوات الماضية لم يكن خيارا للرئيس بوتين. فبالرغم من وباء كورونا سار 13.000 جندي في العاصمة في صفوف متراصة. إنه أكبر استعراض عسكري في التاريخ. وحتى في مدن أخرى نُظمت مواكب، وحسب وزارة الدفاع شارك 64.000 جندي في مختلف أنحاء البلاد.
صورة من: Reuters/M. Shemetov
بوتين: إحياء الذكرى رغم قيود كورونا
في الحقيقة تبقى الاحتفالات والحشود الجماهيرية بسبب جائحة كورونا محظورة في موسكو. لكن بوتين والقيادة العسكرية أكدوا أن الاستعراض يقام بالأساس لتكريم ضحايا عمليات تحرير أوروبا من فاشية هتلر. وفضل عدد كبير من المدعويين في العالم البقاء في بيوتهم بسبب الجائحة.