ليبيا: مجلس النواب يصوت على إنهاء عمل حكومة الدبيبة
١٣ أغسطس ٢٠٢٤
في خطوة ستزيد حدة الاستقطاب والتشرذم في ليبيا، صوت مجلس النواب الليبي في بنغازي على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية. ماذا يعني ذلك على أرض الواقع؟
إعلان
صوت مجلس النواب الليبي خلال جلسته الرسمية، التي عقدت الثلاثاء (13 آب/أغسطس 2024) في بنغازي، على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية التي جاءت بالمرحلة التمهيدية، واعتبار الحكومة المكلفة من قبله برئاسة أسامة حماد "الحكومة الشرعية" إلى حين اختيار حكومة موحدة. كما صوت المجلس ضمن الجلسة، التي ترأسها عقيلة صالح على اعتبار الأخير هو "القائد الأعلى للجيش" بحكم ترأسه للمجلس.
ومنذ مطلع عام 2022 حجب النواب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها، عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، وكلف حكومة أخرى لم تتمكن حتى الآن من استلام مهامها في العاصمة الليبية بسبب رفض الدبيبة تسليم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المؤجلة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2021. وبالإضافة للحكومة، تشمل السلطة التنفيذية في ليبيا مجلساً رئاسياً، يتكون من رئيس ونائبين ممثلين لأقاليم ليبيا الثلاثة.
و دعا صالح، في مستهل جلسة اليوم، إلى جدية العمل لتشكيل سلطة موحدة قادرة على تفكيك المركزية في البلاد عبر تقسيمها إلى محافظات تدير شؤون سكانها بميزانيات تقدر وفق عدد السكان والمساحة ومصادر الثروة فيها. وأوضح صالح أن مطالب توحيد السلطة التنفيذية "تأتي حرصاً على وحدة التراب ووقف الصراع وإنهاء الأزمة والوصول إلى توزيع عادل للثروة، والتمتع بحقوق متساوية بين الأقاليم".
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟
12:14
وحول مشاورات توحيد السلطة (غير المنتهية) والتي عقد لأجلها اجتماع ثلاثي بين رؤساء مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية قال صالح: "لقد اتفقنا على تشكيل حكومة موحدة وتقرر عقد اجتماع آخر لوضع آلية لاختيارها إلا أن رئيس مجلس الدولة اعتذر بدعوى عدم إشراكه في إعداد الميزانية، في الوقت الذي لا يوجد نص يخوله هذا الحق".
وجاء تصويت مجلس النواب وتصريحات رئيسه عقب فشل مجلس الدولة في تجديد هيئة رئاسته، وبالتزامن مع لغط شهدته البلاد خلال اليومين الماضيين بسبب تسريبات غير مؤكدة عن نية رئيس المجلس الرئاسي إسقاط محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، عبر الاستعانة بكتائب مسلحة في طرابلس، وهو أمر حذر منه الكبير وكذلك المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند، خلال لقاء جمعهما أمس، ونبها من خطورته على وصول ليبيا للأسواق المالية الدولية.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا وزير الدفاع عبدالحميد الدبيبة قد صرح يوم الأحد أن وحدة الوطن خط أحمر وسنقف ضد من يريد تجديد الخروقات العسكرية وتعزيز الانقسام.
وذكرت وكالة الأنباء الليبية "وال" إن ذلك جاء خلال مشاركة الدبيبة في حفل تخريج طلبة الكليات العسكرية الذي أقيم مساء الأحد بالأكاديمية البحرية بجنزور تزامناً مع احتفالات الذكرى الـ84 لتأسيس الجيش الليبي.
خ.س/ف.ي (د ب أ)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة