التوتر يتصاعد بين المجلس العسكري والمحتجين في السودان
٣٠ أبريل ٢٠١٩
يبدو أن التوتر بات سيد الموقف في العلاقة بين المجلس العسكري والمحتجين. فقد توعد نائب رئيس المجلس بأنه "لن يسمح بالفوضى" في إشارة لرفض المحتجين فك الاعتصام. كما أن تمسك الجيش برئاسة المجلس المشترك قد يثير غضب المحتجين.
إعلان
أكد المجلس العسكري السوداني اليوم الثلاثاء(30 نيسان/أبريل 2019) أنه لا يرغب في فض الاعتصام بمقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم. وقال نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان "حميدتي"، في مؤتمر صحفي عقده في الخرطوم اليوم، إنه "لن يسمح بالفوضى بعد اليوم"، مشيرا إلى أن "هناك عمليات تخريب وقتل نفذها أشخاص غير منضبطين في مناطق سودانية متفرقة".
وأكد حميدتي على ضرورة فتح الطرق والجسور المغلقة بواسطة المحتجين، إلى جانب ضمان انسياب حركة القطارات، قائلا : "للصبر حدود، ولا يمكن أن أترك مواطناليأخذ حقه بيده". وشدد حميدتي على الالتزام بعدم فض الاعتصام بالقوة وتوفير معينات بقائه مدة أطول باعتباره حق شعبي، مضيفا: "نريد ثورة شبابية سودانية دون أجندة".
ووجه حميدتي انتقادات لوفد التفاوض الخاص بقوى الحرية والتغيير واتهمهم بالقفز على مطالب غير متفق عليها، مشيرا إلى أنه لا اتفاق مع قوى التغيير بمشاركة مدنيين في المجلس العسكري. وألمح لإمكانية إعلان عفو شامل عن قادة الحركات المسلحة التي تقاتل في ولايات دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والذين صدر بحقهم حكما بالإعدام في فترات سابقة.
إلي ذلك، طالب المجلس العسكري وفد التفاوض الخاص بقوى الحرية والتغيير بالحصول على تفويض، أو تغيير الوفد المفاوض ليتحمل مسؤولية أي اتفاق يتم التوصل إليه، مشيرا إلى ضعف الوفد المفاوض وتراجعه عن الاتفاقات التي تتم داخل اللجان المشتركة.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري شمس الدين كباشي إنه توصل لاتفاق مع لجنة الحرية والتغيير المفاوضة بفتح الطرق وانسياب حركة القطارات عبر لجنة مشتركة. كما أعلن المجلس العسكري قبول استقالة ثلاثة من أعضائه هم: "عمر زين العابدين، وجلال الدين الشيخ، وشرطة بابكر الطيب"، بعد أن اعترضت قوى الحرية والتغيير على وجودهم في المجلس.
وأكد اللواء صلاح عبد الخالق للصحافيين أن "رئيس المجلس الانتقالي العسكري برهان عبدالفتاح سيتولى رئاسة المجلس السيادي"، في إشارة إلى المجلس المشترك الذي يحاول الجيش وقادة الاحتجاجات الاتفاق عليهم منذ أيام.
في غضون ذلك دعا تحالف الحرية والتغيير المنظم للاحتجاجات إلى "موكب مليوني" يوم الخميس للمطالبة بإدارة مدنية، وسط تصاعد التوتر حول تشكيل مجلس مختلط بين المدنيين والعسكريين لإدارة البلاد، في وقت عزز المتظاهرون حواجزهم خارج مقرّ الجيش في الخرطوم.
ح.ع.ح/و.ب (د.ب.أ، أ.ف.ب، رويترز)
السودان ..مد وجزر بين مدنية السلطة وحكم العسكر
استولى عمر البشير على الحكم عبر انقلاب عسكري، ليطيح بحكومته ما يبدو انقلابا عسكريا آخر، في معترك احتجاجات واسعة في البلاد التي لم تكن الانقلابات العسكرية غريبة عنها. لمحة عن الحكومات العسكرية والمدنية التي عاشها السودان.
صورة من: Getty Images/AFP
مد وجزر
الفترات الزمنية التي حكم فيها العسكر السودان فاقت بكثير الفترات التي استلمت فيها حكومات مدنية السلطة في البلاد. فقد بدأت سلسلة الانقلابات العسكرية في السودان ضد أول حكومة ديمقراطية انتخبت في عام 1957.
صورة من: Reuters
حكومة عسكرية
بعد استقلال السودان في عام 1956، لم تهنأ البلاد بحكم مدني لأكثر من عامين، حيث نجح أول انقلاب عسكري في عام 1958 بقيادة ابراهيم عبود ضد حكومة ائتلاف ديمقراطية بين حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي التي كان يرأسها مجلس السيادة المكون من الزعيم إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S.Bol
حكومة مدنية
في عام 1964 أطاحت أكبر ثورة شعبية شهدتها البلاد بحكومة عبود، وعاد المدنيون إلى الحكم بانتخابات جرت عام 1965 بإشراف حكومة انتقالية. غير أن الحكومة الجديدة اتسمت بعدم الاستقرار. في الصورة مبنى القصر الرئاسي بالخرطوم.
صورة من: EBRAHIM HAMID/AFP/Getty Images
انقلاب جعفر محمد نميري
وفي ظل اضطرابات سياسية نفذ العقيد جعفر محمد نميري انقلابا عسكريا في عام 1969 بالتعاون مع عدد من الضباط من اليسار السوداني من الحزب الشيوعي على وجه الخصوص. استمر حكم النميري لمدة 16 عاماً تخللتها عدة محاولات انقلابية فاشلة أُعدم نتيجتها 3 ضباط من الحزب الشيوعي الذين سعوا إلى الاستيلاء على السلطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
عبد الرحمن سوار الذهب والاستثناء!
أطاحت انتفاضة شعبية كبيرة عرفت بـ"انتفاضة إبريل" بنظام النميري، اذ أعلن حينها المشير عبد الرحمن سوار الذهب أعلى قادة الجيش، تنحية النميري واستلام الجيش للسلطة في 6 نيسان 1985 وقاد البلاد لعام واحد رئيساً للحكومة الانتقالية، ليسلم السلطة بعد ذلك لحكومة منتخبة ترأسها زعيم حزب الأمة الصادق المهدي عام 1986. وسوار الذهب هو الرئيس العسكري الوحيد في تاريخ السودان الذي يفي بوعده بتسليم السلطة للمدنيين.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Desouki
انقلاب عمر البشير
ومجدداً في عام 1989 جاء انقلاب الرئيس عمر البشير بمساعدة الإسلاميين في السودان بزعامة الدكتور حسن عبدالله الترابي وحزبه "الجبهة الإسلامية القومية". استمر حكم البشير لمدة 30 عاماً شهدت البلاد خلالها تقسيم البلد إلى دولتين في الشمال والجنوب، وصراعات دموية من ضمنها حرب دارفور الأهلية التي صدر بحقه نتيجتها مذكرة اعتقال دولية من المحكمة الجنائية.
صورة من: Reuters/Z. Bensemra
الحراك السوداني
وفي أواخر عام 2018 شهدت السودان احتجاجات شعبية على الغلاء وسوء الخدمات تحولت فيما بعد للمطالبة بإسقاط البشير الذي انتهت فترة حكمه في صباح اليوم الخميس (11 نيسان/أبريل 2019)، إذ أعلن الجيش الإطاحة به وتشكيل مجلس انتقالي لإدارة البلاد. الكاتبة: ريم ضوا
صورة من: Reuters
العسكر أم المدنيون؟
فور إعلان عزل الرئيس البشير، سُلطت الأضواء على دور الجيش..الجيش الذي انضم للحراك الشعبي ورفض قمع المتظاهرين، لكن إعلانه الإطاحة بالبشير يؤشر على ما يبدو إنقلابا عسكريا..فإلى أي أين تسير دفة الحكم في أكبر بلد أفريقي ..للعسكر أم المدنيين؟