صدرت بالجزائر أحكام نهائية بقضيتي التمويل الخفي لحملة بوتفليقة الرئاسية وتجميع السيارات، اللتين ضمتا مسؤولين كبارا مثل أحمد أويحيي، وعبد المالك سلال وأبرز رجال الأعمال، وبرأت المحكمة المحافظة السابقة لبومرداس.
صورة مركبة لرئيسي الوزراء السابقين في الجزائر عبد المالك سلال وأحمد أويحيى.
إعلان
جهود مكافحة الفساد في الجزائر.. هل ترضي الجزائريين؟
19:58
This browser does not support the video element.
أصدرت محكمة مجلس قضاء الجزائر العاصمة الخميس (28 يناير/ كانون الثاني 2021) أحكاما نهائية بالسجن 15 سنة و12 سنة لرئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلاك وثلاث سنوات وسنتين لوزيري الصناعة الأسبقين يوسف سوسفي ومحجوب بدة، إضافة إلى غرامات مالية للجميع، كما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية.
وهذه هي المحاكمة الثالثة بعد قبول المحكمة العليا الطعن بالنقض الذي تقدم به المتهمون في قضيتي فساد تتعلقان بتجميع السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية للمرشح عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية في أبريل/ نيسان 2019 الملغاة بعد استقالة الرئيس الجزائري تحت ضغط حراك 22 فبراير/ شباط.
وفي نفس القضية تمت ملاحقة الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، وحُكم عليه بأربع سنوات حبسا، وهو نفس الحكم الصادر بحق رجلي الاعمال حسان عرباوي، وأحمد معزوز وكذلك ثلاث سنوات حبسا في حق رجل الاعمال محمد بايري، والثلاثة أصحاب مصانع لتركيب السيارات والشاحنات والحافلات.
وكانت النيابة طلبت كما في المحاكمات الأولى السجن 20 سنة وهي أقصى عقوبة نصّ عليها القانون في جنح الفساد.
رئيس وزراء الجزائر الأسبق عبدالمالك سلام (أرشيف)صورة من: Ben Chenouf Mahrez
ذهب بالسوق السوداء وفساد بتجميع السيارات
وخلال مجريات المحاكمة أقرّ أحمد أويحيى بأنّه تلقّى في فترة تولّيه رئاسة الوزراء سبائك ذهب من قادة خليجيّين، قائلاً إنّه أعاد بيعها في السوق السوداء ردّا على سؤال القاضي عن مصدر أمواله التي تُقدّر بنحو 700 مليون دينار (4,3 ملايين يورو). وأضاف أن رفضه سابقا الحديث عن هذا الأمر كان "لعدم الإساءة للعلاقات التي تربط بلادنا ببعض الدول الصديقة"، مقرًّا بأنه "لم يقم بالتصريح عن هذه المبالغ".
ونفى أويحيى كل التهم الموجهة إليه والمتمثلة في "منح امتيازات غير مبررة، سوء استغلال الوظيفة، تعارض المصالح وتبييض الأموال".
وعندما سئل عن المعايير التي تم اعتمادها لتمرير ملفات تجميع السيارات أجاب أويحيى أن "اختيار المتعاملين من بين 89 تقدموا بطلب الاستثمار في هذا القطاع، جاء لكونهم ينشطون في الميدان، وليس لسبب آخر"، نافيا منح امتيازات لأي متعامل.
وأسفرت فضيحة مصانع تجميع السيارات عن خسارة للخزينة العامة تُقدّر بـ128 مليار دينار (975 مليون يورو) حسب أرقام رسمية.
مسائية DW: تحقيقات الفساد بالجزائر..إلى أي مدى يهدئ الشارع؟
14:03
This browser does not support the video element.
كما قضت المحكمة بالسجن عامين لمسؤول بوزارة الصناعة، ونفس الحكم في حق فارس سلال، نجل رئيس الوزراء الأسبق وشريك في مصنع لتركيب الشاحنات.
وبرّأت المحكمة الوالية السابقة لولاية بومرداس يمينة زرهوني بينما حُكم عليها في المحاكمتين الأوليين بخمس سنوات سجنا.
وصدر في نفس الجلسة قرار بمصادرة "العائدات غير المشروعة وجميع الأموال المحجوزة في الحسابات والأرصدة البنكية و كذا مصادرة الممتلكات العقارية المنقولة للمتهمين والشركات المعنوية الخاصة برجال الاعمال".
وكانت محاكمة نحو 20 مسؤولا ورجال أعمال نهاية 2019 أول قضية فساد يفتحها القضاء الجزائري بعد الحركة الاحتجاجية التي انهت 20 سنة من حكم عبد العزيز بوتفليقة باستقالته في 2 نيسان/أبريل 2019.
وربط القضاء بين حصول رجال أعمال على تراخيص تجميع السيارات مع امتيازات جمركية وضريبية، وتمويل هؤلاء للحملة الانتخابية من أجل ولاية خامسة لبوتفليقة بينما هو عاجز عن الحركة والكلام منذ إصابته بجلطة في الدماغ سنة 2013.
وبدأت صناعة السيارات الفتية في الجزائر والتي ترتكز على استيراد قطع عربات وتجميعها، عام 2014 وكان يفترض أن تقلّص كلفة التوريد الذي استنفد احتياطات العملة الصعبة.
واضطرت المصانع لوقف انتاجها بعد نفاد القطع المستوردة، وسجن أو إدانة أهم المستثمرين في قطاع السيارات .
عام على حراك الجزائر.. مطالب تحققت وأخرى على قائمة الانتظار
منذ انطلاقه في 2019، بقي الحراك الشعبي في الجزائر في حالة مد وجزر. ورغم نجاحه في دفع عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة وتسببه في سجن عدد من كبار المسؤولين بتهمة الفساد، يواصل المحتجون حراكهم المستمر منذ عام.
صورة من: Reuters/R. Boudina
أول المطالب "لا للعهدة الخامسة"
كان لإعلان ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقع الصدمة في الجزائر، ما خلق حالة غليان، بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي ثم انتقل إلى احتجاجات ميدانية عارمة. الاحتجاجات التي انطلقت منذ 22 شباط/ فبراير2019 عمت معظم مدن الجزائر للمطالبة في بادي الأمر بعدم ترشح الرئيس بوتفليقة. وعبر المتظاهرون عن رفضهم من خلال ترديد شعارات مختلفة، أبرزها "لا للعهدة الخامسة".
صورة من: Getty Images/R. Kramdi
تأجيل الانتخابات الرئاسية
مع تواصل الاحتجاجات أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 11 مارس/ آذار 2019 تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 18 من أبريل/ نيسان2019، كما أعلن عن عدوله عن الترشح لولاية خامسة ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة. لم تثنِ هذه القرارات المتظاهرين عن مواصلة حراكهم ضد بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها عام 2013، أقعدته على كرسي متحرك منذ أعوام.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Djarboub
إعادة السلطة للشعب
بعد دخول الاحتجاجات أسبوعها السادس، احتشد مئات الآلاف من الجزائرين في مختلف الولايات، في السّاحات الرّئيسية بالبلاد، مطالبين برحيل النّظام الحاكم وتفعيل المادة 07، التي تنص على أن الشّعب هو مصدر كل سلطة. من جهته أعلن رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، أن حل الأزمة في البلاد يكمن في تفعيل المادة 102، التي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس.
صورة من: Getty Images/AFP
رفع سفق المطالب
تواصلت الاحتجاجات، التي اتسمت بالسلمية واعتبرت الأكبر منذ تولي عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999. لكن بعد أن أعلن بوتفليقة عن تشكيل حكومة جديدة في 31 مارس/ آذار 2019، احتفظ فيها بمنصب وزير الدفاع وتضمنت أسماء أخرى من النظام القديم، أبرزهم نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، شهدت العاصمة الجزائرية ومدن أخرى تظاهر الآلافِ من الجزائريين الذي رفعوا سقفَ مطالبِهم إلى "إسقاطِ النظام".
صورة من: AFP/Getty Images/R. Kramdi
بوتفليقة يستسلم لضغط الشارع
لكن استمرار الحراك الشعبي المطالب بإنهاء حكم الرئيس بوتفليقة ورحيل رموز نظامه، وإصرار قائد الجيش على رحيل بوتفليقة، من خلال تطبيق المواد 7 و8 و 102 من الدستور، زاد من تأزيم الوضع في الجزائر. وبعد أن أمضى نحو عشرين عاماً في الحكم، قدم عبد العزيز بوتفليقة استقالته في الثاني من نيسان/ أبريل 2019، مستسلما أمام ضغط الشارع.
صورة من: picture-alliance/K. Mohamed
مواصلة الحراك الشعبي
رغم دفع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تقديم إستقالته، والتسبب في سجن عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال بتهمة الفساد، منهم سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لعبد العزيز بوتفليقة، يواصل المحتجون المطالبة بتفكيك النظام ورحيل رموزه. لكن الكثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون وبدء عمل حكومته.
صورة من: Imago Images/Zuma/B. Bensalem
كسب ودً المحتجين
بمجرد انتخابه في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019 في اقتراع رفضه الحراك، وقاطعه غالبية الجزائريين، وعد الرئيس عبد المجيد تبون بتعديل الدستور وشكل لجنة من الخبراء لإعداد مسودة ستعرض للاستفتاء الشعبي. وبدأ الرئيس الذي يحاول كسب ودَ المحتجين مشاورات مع شخصيات سياسية بعضها محسوب على الحراك من أجل الوصول إلى "دستور توافقي". إعداد: إيمان ملوك.