الجزائر: إطلاق النار على مغربيين جاء "بعد رفضهم التوقف"
٣ سبتمبر ٢٠٢٣
خرجت الجزائر عن صمتها وكشفت تفاصيل حادث إطلاق نار على مغاربة دخلوا المياه الإقليمية الجزائرية على متن دراجة مائية في تلمسان غربي البلاد. ونشرت وزارة الدفاع الجزائرية بيانا توضيحيا للحادثة، لكن أحد الناجين خالف فحواه.
إعلان
قالت وزارة الدفاع الجزائرية الأحد (الثالث من أيلول/ سبتمبر 2023) إن قوات خفر السواحل أطلقت طلقات تحذيرية قبل أن تفتح النيران مباشرة على رجل كان يستقل دراجة مائية داخل المياه الجزائرية، في حادث قال أحد الناجين إنه أودى بحياة شخصين.
ونشرت وزارة الدفاع الجزائرية بيانا اليوم الأحد قالت فيه "بعد عدة محاولات تم اللجوء إلى إطلاق النار على دراجة مائية". وأشارت إلى انتشال جثة أخرى مصابة بطلقات نارية يوم الأربعاء.
وأضاف البيان الجزائري "بالنظر إلى أن المنطقة البحرية الحدودية تعرف نشاطا مكثفا لعصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، وأمام تعنت أصحاب هذهالدراجات المائية قام أفراد حرس السواحل بإطلاق عيارات نارية تحذيرية".
شهادة أحد الناجين
وكان الموقع الإخباري المغربي "لو360" قد ذكر الخميس (31 آب/ أغسطس 2023) أن كلا من بلال قيسي وعبد العالي مشوار "قتلا الثلاثاء جراء إطلاق رصاص من طرف خفر السواحل الجزائري، في المياه الإقليمية الجزائرية".
وأضاف أن السلطات الجزائرية أوقفت مرافقا آخر لهما يدعى إسماعيل صنابي يحمل أيضا الجنسيتين المغربية والفرنسية.
وكان محمد قيسي الذي ذكر أنه نجا من إطلاق النار في الحادثة قد ذكر في وقت سابق أن الحادث، الذي وقع يوم الثلاثاء بعد أن ضل هو وأربعة رجال طريقهم ودخلوا المياه الجزائرية على متن دراجات مائية بالقرب من منتجع السعيدية الساحلي المغربي على الحدود الجزائرية، إن قاربا تابعا للحكومة الجزائرية اقترب منهم بعد حلول الظلام.
وقال قيسي في مقطع مصور نشره موقع لو360 الإخباري المغربي إنه سمع إطلاق نار من القارب عليهم، مشيرا إلى أن شقيقه بلال (29 عاما) ورجلا آخر هو عبدالعالي مشيور (40 عاما) قُتلا بالرصاص. وذكر قيسي أن السلطات الجزائرية اعتقلت رجلا آخر في المجموعة يدعى إسماعيل الصنابي.
قيسي يخالف الرواية الجزائرية
وأغلقت الحدود بين الجزائر والمغرب منذ عام 1994 وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ أن قررت الجزائر قطع علاقاتها مع الرباط في 2021.
واختلف قيسي مع الرواية الجزائرية، وقال لرويترز اليوم الأحد "لم أسمع أي طلقات تحذيرية. سمعت فقط بشكل مباشر طلقات نارية أردت أخي بلال قتيلا". وذكر قيسي أن عبد العالي مشيور أيضا قُتل بالرصاص. وقال والد مشيور إنهم ما يزالون في انتظار تسليم جثته "من أجل القيام بمراسيم الدفن كما يجب".
حكم سريع بالسجن على الصنابي
وقالت السلطات المغربية إنها لا يسعها التعليق على الواقعة ووصفتها بأنها شأن قضائي. وقال الادعاء العام المغربي إنه يحقق في "الحادث العنيف".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن محمد وبلال قيسي بالإضافة إلى إسماعيل الصنابي، الذين يُعتقد بأنهم أُلقي القبض عليهم يحمل كل منهم الجنسيتين المغربية والفرنسية.
وندد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب بالحادث وحث على الإفراج عن الصنابي، الذي قال المجلس إنه حُكم عليه "بسرعة" بالسجن 18 شهرا.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها على دراية بمقتل أحد مواطنيها واحتجاز آخر في الجزائر وتتواصل مع ذويهم ومع السلطات في المغرب والجزائر.
وذكر محمد قيسي أن صيادين مغاربة عثروا على جثة شقيقه بلال ودفن قرب مدينة وجدة شرق المغرب يوم الأربعاء.
ع.أ.ج/ ص ش (رويترز، أ ف ب)
العلاقات المغربية الجزائرية.. محطات بين التلاحم والعداء
قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب هو أحدث تطور لعقود من التوتر والأزمات، حيث تحولت العلاقة بين البلدين من الدعم والمساندة إلى القطيعة والعداء بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك وتراشق الاتهامات بدعم الانفصاليين.
صورة من: daniel0Z/Zoonar/picture alliance
المغرب يدعم الثورة الجزائرية
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر 1954 سارع ملك المغرب محمد الخامس آنذاك إلى دعم حركة المقاومة، وبادر على مدار سنوات إلى استضافة قادة الثورة، مؤكدا على أن تحرر الجزائر هي قضية مركزية للدول المغاربية. وفي ظل تعاطف شعبي كبير، تمّ جمع التبرعات وفُتحت الحدود أمام الثوار الجزائريين، ما ساهم في رفد الثورة الجزائرية بالمال والسلاح.
صورة من: dpa
حرب الرمال
صفو العلاقات تكدر في العام 1963، حين اندلعت "حرب الرمال" بين البلدين الجارين بسبب مجموعة حوادث حدودية. وكان ذلك بعد عام على استقلال الجزائر لتستمر "حرب الرمال" عدة أيام تاركة شرخاً حقيقيا في العلاقات.
صورة من: picture-alliance/dpa/UPI
المسيرة الخضراء ساهمت في توتر العلاقة
عبر "المسيرة الخضراء" في 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي، بسط المغرب سيطرته على الصحراء الغربية. وفي آذار/ مارس 1976 قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.
صورة من: picture-alliance/dpa/DB UPI
تحسن في العلاقات
في 26 شباط/فبراير 1983 التقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الشاذلي بن جديد على الحدود الجزائرية المغربية. ساهم هذا اللقاء في عودة حرية التنقل بين البلدين، كما أُعلن عن ذلك في أبريل/ نيسان من العام ذاته. ثم في أيار/مايو تمّ الاتفاق على السماح تدريجيا بتنقل الأشخاص وبحرية نقل السلع بين البلدين وفتح الخطوط الجوية وسكك الحديد.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرض تأشيرة واغلاق الحدود
في 16 آب/أغسطس 1994 استنكرت الرباط تصريحات الرئيس الجزائري اليمين زروال التي اعتبر فيها أن الصحراء الغربية "بلد محتل". وفي 26 آب/ أغسطس فرض المغرب التأشيرة على جارته الشرقية عقب هجوم استهدف فندقا في مراكش قُتل فيه سائحان إسبانيان على يد إسلاميين متطرفين. واتّهم المغرب قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم، فيما أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
تقارب وجفاء
في 25 تموز/يوليو 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلا في جنوب غرب الجزائر، اتّهم بوتفليقة على خلفيتها المغرب بتسهيل تسلل إسلاميين مسلّحين إلى بلاده.
صورة من: AP
عودة اللقاءات
لقاءات بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس، أسهمت في "كسر الجليد" قليلاً. ففي تموز/يوليو 2011 أعلن ملك المغرب تأييده لإعادة فتح الحدود البرية ولتطبيع العلاقات. وهو ما ردّ عليه الراحل عبد العزيز بوتفليقة معرباً عن "عزمه إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg, F. Senna
دعوة لفتح صفحة جديدة
في كانون الأول/ديسمبر 2019 دعا الملك محمد السادس إلى فتح "صفحة جديدة" في رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
صورة من: Niviere David/ABACAPRESS/picture alliance
ملف الصحراء الشائك يتجدد
في كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت الجزائر بـ"مناورات أجنبية" تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل التي كانت قد وقعت مع المغرب "معاهدة تطبيع"، ضمن اتفاق ثلاثي أفضى أيضا إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي 18 تموز/يوليو 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب "للتشاور".
"اعادة النظر" بالعلاقات بين البلدين
في 31 تموز/يوليو الماضي، في خطابه بمناسبة اعتلاءه على العرش، أعرب ملك المغرب عن "أسفه للتوترات بين البلدين" ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. لكن الجزائر قررت في 18 آب/ أغسطس "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت البلاد.
صورة من: Billel Bensalem/App/dpa/picture alliance
قطع العلاقات
في 24 آب/ أغسطس أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضد الجزائر "منذ استقلالها"، إلى غاية "استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية" على حدّ قوله.
صورة من: Fateh Guidoum/AP/picture alliance
أسف مغربي لقطع العلاقات
وفي ردّ فعل رسمي، أعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن أسفها "للقرار الأحادي" الذي اتخذته الجزائر، معتبرة إياه قراراً "غير مبرر"، لكنه "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة"، كما جاء في بيان الوزراة المغربية. (اعداد: علاء جمعة)