تستمر محاكمات مجموعة من رموز النظام الجزائري السابق، وهذه المرة باتهام ثلاثة عسكريين بالخيانة العظمى، بينهم قائد الدرك الوطني السابق، ورئيس أمانة قائد الأركان السابق، في فصل جديد يراه متتبعون تصفية حسابات.
إعلان
وجه القضاء العسكري الجزائري تهما بالخيانة العظمى لثلاثة عسكريين بينهم العميد المتقاعد الغالي بلقصير، القائد الأسبق لجهاز الدرك الوطني الذي يتبع وزارة الدفاع، وذلك لقيامهم بـ" الاستحواذ على معلومات ووثائق سرية لغرض تسليمها لأحد عملاء دولة أجنبية"، حسب بيان لوزارة الدفاع.
وأوردت الوزارة اليوم الثلاثاء (11 أغسطس/ آب 2020) أن مدير القضاء العسكري "يحيط بالرأي العام بالمتابعة القضائية من طرف النيابة العسكرية بمدينة البليدة من أجل تهم الخيانة العظمى في حق كل من المساعد الأول المتقاعد بونويرة قرميط، والرائد درويش هشام، والعميد المتقاعد بلقصير غالي، طبقا لنص المادة 63 فقرة 2 من قانون العقوبات".
وبناء على هذه الاتهامات، قام قاضي التحقيق العسكري بالمدينة المذكورة بوضع المتهمين الحبس المؤقت وأصدر أمرا بالقبض على المتهم العميد المتقاعد بلقصير غالي، قائد الدرك الوطني سابقا، والذي يوجد خارج الجزائر. وذكرت تقارير صحفية أنه يوجد في إسبانيا، وأنه يسعى للحصول على اللجوء السياسي.
وكانت السلطات الجزائرية قد اعتقلت بونويرة قرميط، وذلك بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وتمت العملية بتعاون مع تركيا التي فرّ إليها العسكري السابق. وكان قرميط يشغل منصب رئيس أمانة الفريق قايد صالح القائد السابق لأركان الجيش الوطني الشعبي.
وشهدت الجزائر عدة اعتقالات بين صفوف محسوبين على النظام السابق، منذ استقالة عبد العزيز بوتفليقة من منصبه، غير أن هناك من يعتبر الاعتقالات تصفية حسابات وليس محاربة للفساد. وجرت العديد من المحاكمات لمجموعة من رموز النظام السابق، من أشهرهم شقيق بوتفليقة، السعيد بوتفليقة، ورئيس الوزراء السابق، أحمد أويحيى، والجنرال محمد مدين، رئيس المخابرات السابق.
إ.ع/ص.ش ( دب أ)
عام على حراك الجزائر.. مطالب تحققت وأخرى على قائمة الانتظار
منذ انطلاقه في 2019، بقي الحراك الشعبي في الجزائر في حالة مد وجزر. ورغم نجاحه في دفع عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة وتسببه في سجن عدد من كبار المسؤولين بتهمة الفساد، يواصل المحتجون حراكهم المستمر منذ عام.
صورة من: Reuters/R. Boudina
أول المطالب "لا للعهدة الخامسة"
كان لإعلان ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقع الصدمة في الجزائر، ما خلق حالة غليان، بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي ثم انتقل إلى احتجاجات ميدانية عارمة. الاحتجاجات التي انطلقت منذ 22 شباط/ فبراير2019 عمت معظم مدن الجزائر للمطالبة في بادي الأمر بعدم ترشح الرئيس بوتفليقة. وعبر المتظاهرون عن رفضهم من خلال ترديد شعارات مختلفة، أبرزها "لا للعهدة الخامسة".
صورة من: Getty Images/R. Kramdi
تأجيل الانتخابات الرئاسية
مع تواصل الاحتجاجات أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 11 مارس/ آذار 2019 تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 18 من أبريل/ نيسان2019، كما أعلن عن عدوله عن الترشح لولاية خامسة ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة. لم تثنِ هذه القرارات المتظاهرين عن مواصلة حراكهم ضد بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها عام 2013، أقعدته على كرسي متحرك منذ أعوام.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Djarboub
إعادة السلطة للشعب
بعد دخول الاحتجاجات أسبوعها السادس، احتشد مئات الآلاف من الجزائرين في مختلف الولايات، في السّاحات الرّئيسية بالبلاد، مطالبين برحيل النّظام الحاكم وتفعيل المادة 07، التي تنص على أن الشّعب هو مصدر كل سلطة. من جهته أعلن رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، أن حل الأزمة في البلاد يكمن في تفعيل المادة 102، التي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس.
صورة من: Getty Images/AFP
رفع سفق المطالب
تواصلت الاحتجاجات، التي اتسمت بالسلمية واعتبرت الأكبر منذ تولي عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999. لكن بعد أن أعلن بوتفليقة عن تشكيل حكومة جديدة في 31 مارس/ آذار 2019، احتفظ فيها بمنصب وزير الدفاع وتضمنت أسماء أخرى من النظام القديم، أبرزهم نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، شهدت العاصمة الجزائرية ومدن أخرى تظاهر الآلافِ من الجزائريين الذي رفعوا سقفَ مطالبِهم إلى "إسقاطِ النظام".
صورة من: AFP/Getty Images/R. Kramdi
بوتفليقة يستسلم لضغط الشارع
لكن استمرار الحراك الشعبي المطالب بإنهاء حكم الرئيس بوتفليقة ورحيل رموز نظامه، وإصرار قائد الجيش على رحيل بوتفليقة، من خلال تطبيق المواد 7 و8 و 102 من الدستور، زاد من تأزيم الوضع في الجزائر. وبعد أن أمضى نحو عشرين عاماً في الحكم، قدم عبد العزيز بوتفليقة استقالته في الثاني من نيسان/ أبريل 2019، مستسلما أمام ضغط الشارع.
صورة من: picture-alliance/K. Mohamed
مواصلة الحراك الشعبي
رغم دفع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تقديم إستقالته، والتسبب في سجن عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال بتهمة الفساد، منهم سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لعبد العزيز بوتفليقة، يواصل المحتجون المطالبة بتفكيك النظام ورحيل رموزه. لكن الكثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون وبدء عمل حكومته.
صورة من: Imago Images/Zuma/B. Bensalem
كسب ودً المحتجين
بمجرد انتخابه في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019 في اقتراع رفضه الحراك، وقاطعه غالبية الجزائريين، وعد الرئيس عبد المجيد تبون بتعديل الدستور وشكل لجنة من الخبراء لإعداد مسودة ستعرض للاستفتاء الشعبي. وبدأ الرئيس الذي يحاول كسب ودَ المحتجين مشاورات مع شخصيات سياسية بعضها محسوب على الحراك من أجل الوصول إلى "دستور توافقي". إعداد: إيمان ملوك.